تأثير التعاسة الزوجية على نفسية الزوجة وصحتها

كيف تؤثر الخلافات الزوجية المستمرة على صحة المرأة وحالتها النفسية؟ متى تصبح الحياة الزوجية مستحيلة؟ ما هي حلول المشاكل الزوجية المستمرة والتعاسة الزوجية؟
تأثير التعاسة الزوجية على نفسية الزوجة وصحتها

تأثير التعاسة الزوجية على نفسية الزوجة وصحتها

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

رغم أنّ التعاسة الزوجية يمكن أن تؤثر على كلٍ من الزوج والزوجة إلا أنّ الفروقات النفسية والجسدية بين الرجال والنساء تجعل الزيجات السلبية أخطر على النساء من الرجال، ولكن ما الذي يجعل المرأة تعيسةً في زواجها وما هو تأثير التعاسة الزوجية على صحة الزوجة النفسية وهل يمكن أن تتأثر صحة الزوجة بكونها في زيجةٍ تعيسة؟

تكمن إجابة هذا السؤال في الاختلافات بين الرجل والمرأة في كيفية الاستجابة للمشاعر الشخصية ومشاعر الشريك، فالتعرض للمواقف السيئة في الزواج كالخلافات بين الزوجين يمكن أن تؤدي إلى بعض الآثار الفيزيولوجية في الجسم كأن يتسارع النبض مثلاً ضمن مجموعةٍ من الآثار الأخرى.
ولكن هذه الآثار ليست ما يؤثر على الصحة بل طريقة الاستجابة إليها هي المشكلة بحيث يتمتع الأشخاص الذين يستجيبون لها عبر بعض الاستراتيجيات التي تقلل الإثارة الجسدية بصحة أفضل.
عادةً ما تتضمن استجابة الرجال في هذه المواقف استخدام مثل هذه الاستراتيجيات لأنّ الإثارة الجسدية تجعلهم يشعرون بكمٍ كبير من السلبية بينما لا تشعر النساء بأية مشاعر سلبية عندما تتعرض لمثل هذه التغيرات الجسدية.
وبما أنّ معظم الرجال ينسحبون من المواقف التي تُسبب لهم هذه الآثار فهم يُعانون من آثار أقل على المدى الطويل، وحيث أنّ النساء قليلاً ما يشعرن بمشاعر سلبية في مثل هذه المواقف فاحتمال انسحابهن منها أقل وإضافة لذلك فإنّهن قد يشعرن بالإحباط بسبب محاولة الزوج الانسحاب من النقاش مما يؤدي لنتائج سلبية. [1]

animate

لا بدّ أنكِ قد سمعتِ كيف أنّ الزواج السعيد يجعل الزوجين أكثر صحة ويحمل العديد من الفوائد الصحية ولكن يبدو أنّ الحالة المعاكسة أي حالة التعاسة الزوجية تحمل بعض الآثار السلبية على صحة المرأة، ففي إحدى الدراسات تبين أنّ النساء في منتصف العمر يمكن أن يُعانين من عددٍ من المشاكل الصحية مثل ارتفاع ضغط الدم وزيادة دهون البطن وعوامل أخرى تزيد من مخاطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب.

عندما تسأل كيف تؤثر التعاسة الزوجية على الصحة الجسدية للمرأة فالإجابة القصيرة هي أنّ الضغط والإجهاد المستمرين يكونان السبب الرئيسي: [2]

  • تأثير الغضب والتوتر المستمر: عندما تعيش المرأة في خلافات زوجية مستمرة ستعاني خلال النزاع من اندفاع الأدرينالين وهو ما يُسبب الأعراض المعروفة مثل احمرار الوجه وزيادة ضغط الدم وتوتر العضلات وغيرها من الأعراض المرافقة للنزاعات، وعندما تبدأ بالهدوء لا تزول هذه الأعراض تماماً بل تبقى الاستجابة للتوتر والإجهاد فعالةً وتؤثر على صحتها بشكل تراكمي.
  • الاستجابة الجسدية للخلافات الزوجية: يبدأ الجسم في تفعيل سلسلة من الاستجابات العصبية والهرمونية والعضلية والجهازية وبذلك يبقى الجسم في حالة تحفيز وإنذار، فعلى سبيل المثال يُطلق الجسم هرمون الكورتيزول الذي يزيد الشهية من ناحية ويستخدم الدهون المخزنة في الجسم لتوفير الطاقة التي قد يحتاجها الجسم في استجابته للحالة.
  • زيادة فرص الإصابة بأمراض مزمنة: كما أنّ اندفاع الأدرينالين في الجسم يمكن أن يؤدي لتلف في جهاز الدوران ويقود للإصابة ببعض أمراض القلب كما أنّ زيادة الوزن يمكن أن تنتج عن إطلاق الكورتيزول فهو مسؤول بشكلٍ خاص عن تجمع الدهون الحشوية وتراكمها في الجسم وعن الآثار الجانبية الناتجة عن هذا التجمع.
  • اكتساب عادات صحية سيئة: التأثير يمتد إلى بعض الأمور غير المباشرة حيث أنّ التعاسة الزوجية ترتبط لدى الكثير من الزوجات بعددٍ من العادات غير الصحية، فمن الممكن أن تقوم الزوجة بالتدخين المفرط عندما تشعر بالتعاسة ومن الممكن أيضاً أن تلجأ لشرب الكحول كمحاولة للتخلص من الحالة السيئة التي تعيشها.
  • زيادة الوزن واضطرابات الأكل: وبما أنّ التعاسة الزوجية قد تزيد من إطلاق هرمون الجوع فمن الشائع أن تزيد كمية الطعام التي تتناولها المرأة، ولكنها في هذه الحالة لن تكترث غالباً باختيار الأطعمة الصحية وستميل لتناول الأطعمة الجاهزة والسريعة وهذا يعني المزيد من الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون غير الصحية فتزيد مخاطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب.

آثر الزواج غير السعيد لا يقتصر على صحة الزوجة الجسدية وحسب بل يمتد بشكلٍ واضح على صحتها النفسية حيث أنّ التعاسة الزوجية سوف تنعكس على سعادتها وراحتها النفسية وهو ما يمكن أن يتطور في حال استمر الوضع دون أن يتم إصلاحه، ورغم أنّ الآثار التي تظهر على المرأة عديدة وقد تختلف من امرأة لأخرى إلا أنّ تأثير التعاسة الزوجية على الصحة النفسية للمرأة قد يشمل: [3،4]

  • فقدان الثقة بالآخرين: من الممكن أن تجعلك التعاسة الزوجية تفقدين ثقتك بالآخرين وتُشككين في نواياهم دوماً وهو ما يمكن أن يؤثر على علاقاتك الاجتماعية، وفي حال انتهى الزواج بالطلاق من الممكن أن تشعر الزوجة بعدم القدرة على الثقة برجلٍ آخر مما يزيد من صعوبة الارتباط من جديد والدخول في علاقة جديدة.
  • التحول للتفكير السلبي: التعاسة الزوجية تجعل الزوجة معتادةً على التفكير السلبي فتعاستها تجعلها تنظر نظرةً دونية إلى نفسها فترى نفسها فاشلةً وغير قادرةٍ على إنجاز أو تحقيق أي شيء.
  • التشاؤم المستمر: سواء بقيت الزوجة في علاقة الزواج أم لا فمن المحتمل أن تحتفظ بالمشاعر السلبية التي حصلت عليها ولهذا فمن الشائع أن تصبح نظرة المرأة تشاؤمية لكافة الأنشطة والعلاقات فتقرر إنهاء الصداقات مبكراً والابتعاد عنهم والتوقف عن القيام بالأنشطة التي كانت تفضلها سابقاً.
  • ضعف الثقة بالنفس: من الممكن أن تُصاب المرأة بالإحباط المستمر والنظر بشكل دوني لنفسها فتشعر أنها ضعيفة وعديمة القيمة فتزول مشاعر الأمان الداخلي ويبقى القلق المستمر وعدم الأمان.
  • الشعور المستمر بالذنب: الشعور بالذنب من الآثار النفسية الشائعة للتعاسة الزوجية، حيث تشعر الزوجة بالذنب تجاه نفسها وتجاه أسرتها وتجاه أبنائها وربما تجاه زوجها أيضاً، وغالباً ما يقود الشعور المستمر بالذنب إلى تطوير مراحل متقدمة من الاكتئاب.

في بعض الأحيان يكون من الممكن للزوجين أن يحلا مشاكلهما ويستعيدا التفاهم من جديد للوصول إلى السعادة من جديد في العلاقة الزوجية، والخطوات التالية قد تُساعدك على التخلص من التعاسة الزوجية: [5]

  • التواصل الصحيح: قد يكون هذا من أهم الخطوات لإصلاح الزواج فمن المهم أن يتحدث الزوجان معاً ويعبرا بشكلٍ واضح عن مشاعرهما واحتياجاتهما، هذه الخطوة ليست لتحديد المطالب من الزوج أو الزوجة بل هي خطوة لجعل الشريك يتفهم ما تشعر به.
  • تحديد الأولويات: بعد التواصل الصحيح من المهم أن تقوما بتحديد الأولويات والعمل على إصلاحها خطوةً بخطوة فمن غير الممكن أن تقوما بإصلاح كل شيء دفعةً واحدة.
  • عمل قائمة: قد يكون الأمر مفيداً لكلا الزوجين حيث تتضمن هذه القائمة الأشياء التي يفعلها الزوج وتكرهينها وبالعكس كذلك ما هي الأمور التي لا يقوم بها وتحتاجين إليها.
  • عدم التصرف تحت تأثير المشاعر السلبية: محاولة إصلاح الزواج ليست سحراً آنياً بل تتطلب بعض الوقت كي تنجح وخلال المدة المطلوبة من الممكن أن تجعلك المشاعر السلبية والتعاسة الزوجية راغبةً بحلٍ سريع كالانفصال، ولكن إن كنت تريدين حقاً أن تعملي على محاولة استعادة زواجك الناجح عليك أن تحاولي تجاهل هذه المشاعر وتهدئي قبل التفكير بقرارات مصيرية مثل الطلاق.
  • تحمل المسؤولية: في الزواج يوجد حياة مشتركة ومسؤوليات مشتركة ورغم أنّ لوم الطرف الآخر سيكون أسهل إلا أنّ تحمل مسؤولية كل طرف لأخطائه وأفعاله هو جزءٌ ضروري في عملية استعادة توازن العلاقة الزوجية.
  • المسامحة الزوجية: إن كنتما ترغبان بإصلاح العلاقة الزوجية فمن المهم ألا تحملا الأحقاد اتجاه بعضكما، الأحقاد لن تفيد وستجعل الصلح أصعب.

على الرغم أن العوامل التي تقود العلاقة الزوجية إلى طريق مسدود قد تختلف من شخص إلى آخر، لكن هناك بعض الأمور التي يمكن الاتفاق عليها والتي تجعل الحياة الزوجية مستحيلة، أبرزها:

  • العنف الجسدي واللفظي: التعرض للتعنيف الزوجي باستمرار من العلامات التي تدل على استحالة الحياة الزوجية، خصوصاً عندما لا يرتبط التعنيف الزوجي بأحداث معينة بقدر ما يكون سلوكاً مستقراً لدى الزوج.
  • نفس الخلافات بدون حل: تراكم الخلافات الزوجية يقود الزواج إلى طريق مسدود، وعندما يكرر الزوجان الشجار ذاته حول المواضيع ذاتها دون القدرة على الوصول لاتفاق أو حل؛ فذلك يدل على مشكلة عميقة في الزواج، لأن تكرار الخلافات على المواضيع نفسها لا يعني أن هذه المشاكل غير قابلة للحل، بل يعني أن التفاهم معدوم بين الزوجين.
  • الخيانة الزوجية المستمرة: لا شكّ أن الخيانة الزوجية تهدد الزواج، مع ذلك قد تكون الخيانة الزوجية الطارئة عقدةً قابلةً للحل، على عكس الخيانة الزوجية المستمرة التي لا يمكن التعايش معها.
  • المشاكل المالية العميقة: من الأسباب التي قد تجعل الحياة الزوجية مستحيلة وجود عادات مالية سيئة عند أحد الزوجين مثل البخل أو التبذير أو السيطرة المالية وأخذ حقوق الطرف الآخر.
  • الانفصال العاطفي: الانفصال العاطفي ينتج عن تراكم الخلافات والمشاكل الزوجية وشعور أحد الزوجين أو كلاهما باستحالة استمرار الزواج، لكن في نفس الوقت لا يكون خيار الطلاق وارداً.

في بعض الأحيان سيكون من المفيد أن يتدخل طرف ثالث خبير للمساعدة، يمكن للخبير أن يُساعد في تحديد المشكلة ومساعدة الزوجين على إيجاد استراتيجية مناسبة للعمل على حلها.
لا يجب أن يكون طلب المساعدة شيئاً يستدعي الخجل فالكثير من العلاقات الزوجية يمكن أن تصل لمرحلة تستدعي طلب المساعدة وخاصة عندما يجد الطرفان صعوبةً في التواصل أو تكون الخلافات مستمرةً ودائمة بين الزوجين. [6]

يمكن أن يكون إصلاح بعض العلاقات الزوجية مستحيلاً ويكون الاستمرار فيه غير ممكن وبذلك يُصبح الحل الوحيد الممكن هو إنهاء الزواج والطلاق، طلب الطلاق يكون عادةً خياراً صعباً على المرأة خاصة بسبب العديد من العوامل مثل: [7]

  • الخوف والقلق: هناك الكثير من الأمور التي قد تخافين منها كالخوف من رد فعل الزوج أو الخوف من ردود فعل أفراد العائلة وهذا يتعلق عموماً بطبيعة المجتمع الذي تعيشين فيه.
  • التفكير بالأطفال: عندما تكونين أماً يصبح قرار الطلاق صعباً بسبب إمكانية تأثير الأمر عليهم أو بسبب مخاوف متعلقة بالحضانة.
  • عوامل مالية: في حال كنتِ معتمدة على الزوج كمعيل يمكن أن يكون قرار الطلاق صعباً لأنّه يعني فقدانك لمصدر الدخل الذي يوفر احتياجاتك وخاصة عندما تكونين غير عاملة.
  • الخوف من الخزي: يمكن أن يكون الطلاق سبباً للخجل في كثيرٍ من المجتمعات ولهذا فإنّ كثيراً من السيدات تفضل البقاء في علاقةٍ زوجية سامة على الطلاق والتعرض للضغط الاجتماعي المرافق له.

الاختيار بين التعايش مع الأمر والخروج من العلاقة الزوجية هو قرارٌ يجب عليك اتخاذه بعد أخذ كافة العوامل والأفضل أن يكون ذلك بعد محاولة إصلاح الزواج وتحسين التواصل مع الزوج والبحث في أسباب التعاسة والخلاف في العلاقة الزوجية. 
في الختام.. عليكِ أن تعلمي أنّ التعاسة الزوجية يمكن أن تحدث لأسباب مختلفة وأنّ آثارها السلبية قد تكون مدمرة للصحة النفسية والجسدية ولهذا من المهم ألا تُهمليها وتُحاولي إيجاد حلٍ للتخلص منها وعيش حياةٍ سعيدة، وتذكري أنّ هناك الكثير من الخبراء الذين يمكن أن يُساعدوكِ في تخطي هذه المحنة وإيجاد الحلول.

المراجع