دور الأصدقاء في اختيار السلوك الشخصي

كيف يؤثر الأصحاب على اختيار السلوك الشخصي؟ دور الأصدقاء في اختيار السلوك وأهمية تأثير الأصحاب على سلوكنا، وكيف تتعامل مع تأثير الأصحاب السلبي على السلوك
دور الأصدقاء في اختيار السلوك الشخصي

دور الأصدقاء في اختيار السلوك الشخصي

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يقال أن "الصاحب ساحب" ويقال أيضاً "قل لي من تصاحب أقل لك من أنت"... فيتأثر الشخص بأصحابه إلى درجة كبيرة جداً، ويكون لهم تأثير أحياناً يضاهي تأثير الأهل أو الشريك، وحتى أكبر من تأثير الشخص نفسه على نفسه وسلوكياته ورغباته وأسلوب حياته.
في هذه المقالة سوف نستعرض دور الأصحاب في اختيار السلوك الشخصي، ومدى تأثير أصدقاءك عليك، وما هي الأمور التي تحدد مدى تأثرك بهم.

وجدت الدراسات أن الإنسان عندما يصل لعمر 15-25 تقريباً؛ وهي المرحلة التي يكوّن فيها الشخص أصدقاء يبقون معه لوقت طويل فإنهم يؤثرون على نمط حياته. [2]

هذه النقاط سوف توضح لك دور الأصحاب في اختيار السلوك الشخصي للشخص: [3،4]

  1. التأثير في العادات: فلو ذهبت إلى مطعم مع صاحبك فطلب هو صدر دجاج مشوي مع صحن سلطة، بينما أردت أنت أن تطلب الهمبرغر المقلي مع البطاطا فقد تتردد قليلاً، فسلوك الأكل معدي. كما وجدت دراسة نُشرت في مجلة New England Journal of Medicine أن فرص الإصابة بالسمنة تزداد بالفعل بنسبة 57٪ إذا كان لديك صديق يعاني من السمنة، أي أن هذه النسبة تفوق نسبة السمنة بالوراثة. ولو كان صديقك هادئاً وكنت أنت عصبي فقد تعديه بهدوئك وتساعده على التخلص من عصبيته حتى لو لم تفتح معه يوماً موضوع العصبية؛ فالعادات معدية.
  2. التأثير على الصحة: فقد يكسبك الأصدقاء عادات صحية جيدة أو سيئة تؤثر على صحتك الجسدية والعقلية والنفسية بشكل مباشر؛ أو قد يؤثرون على نمط تفكيرك وعلى علاقاتك وأمور كثيرة في حياتك لها علاقة بصحتك.
  3. التأثير على المظهر: فإن للأصدقاء تأثير كبير على ما ترتديه كما تقول مستشارة الموضة ومؤلفة كتاب Steal This Style "شيري ماثيسون". كما يؤثرون على هيئتك وستايلك، وقد يعدوك بطريقة المشي أو الكلام... [4]
  4. النجاح الدراسي: كم من مرة سمعت وأنت طالب في المدرسة أن المعلم قد أوصى بنقل طالب معين من صفه حتى يبعده عن مجموعة معينة من الأصدقاء بعد أن تغير سلوكه وساءت أخلاقه بسبب انتمائه لهذه المجموعة؟!
  5. طريقة التفكير: فقد يغير صديقك طريقة تفكيرك بأكملها؛ فيغير من مبادئك وثوابتك وقناعاتك.
  6. بعض المهارات: فتؤثر الصداقة أيضاً على مهاراتك، بإكسابك مهارات جديدة أو تطوير مهاراتك القديمة؛ فقد يكون صديقك بارعاً في الطهي فتصبح مثله. كما قد يتسبب صديقك بتراجع مهاراتك أحياناً؛ على غرار تسبب بعض الأصدقاء بالتراجع الدراسي للشخص كما ذكرنا آنفاً.
  7. التوجه والنمو المهني: فقد يوجهك صديقك للعمل في مهنة معينة عن قصد أو دون قصد، وقد يتسبب في نجاحك وتفوقك المهني، أو العكس؛ كما قد يتسبب بتراجعك المهني بسبب إلهائك عن التطور المهني أو لأنك تقلده في سلوكياته السلبية المؤثرة على عملك.
  8. امتلاك المال: فعندما يؤثر بك صديقك هذا التأثير كله على عاداتك ومهاراتك ونموك المهني وطريقة تفكيرك وصحتك، فإن ذلك بالتأكيد سيؤثر على دخلك إما بالزيادة أو بالنقصان.
animate

والآن وبعد أن عرفت دور الأصحاب في اختيار السلوك الشخصي للشخص، قد تتساءل عن كيفية تأثير الصاحب على صاحبه بكل هذه الدرجة!
يتأثر الصاحب بصاحبه عن طريق التقليد المباشر له عن قصد لإعجابه بما يفعل وما يقول فيتأثر به وخاصة إن كان معجباً به لدرجة كبيرة أو يقضي أوقات كثيرة معه. كما قد يقلده عن غير قصد؛ وذلك لأن الإنسان يتأثر بطبعه بمن حوله ممن يختلط بهم باستمرار لأن العقل الباطن يخزن البيانات الواردة له والتي يجمعها من هنا وهناك ومن ثم يتبناها حتى لو كنت لا تحب هذه العادة أو التصرف؛ فقد تكتسب صفة السلبية من صديقك رغم أنك تكرهها وتحذره منها باستمرار.
من الطرق التي يتبعها الصاحب لتعزيز دوره في التأثير على سلوكك الشخصي هي التشجيع كأن يشجعك على ممارسة الرياضة معه، والتذكير كأن يذكرك بزيارة أقاربك وصلة رحمك، وقد يكرر ما يريده ويعيده لك مراراً وتكراراً، كما قد يكفي وجوده معك وقضائه معك وقتاً طويلاً للتأثير على سلوكك الشخصي. [4]

يختلف تأثير الأصحاب على بعضهم البعض، ويعتمد ذلك على عدة أمور وعوامل منها:

  1. المرحلة العمرية: فيتأثر الصغار بأصحابهم أكثر من الكبار، كما أن لأصحاب مرحلة المراهقة تأثير عجيب على الشخص يفوق تأثير الأهل في أغلب الحالات.
  2. البيئة التي تنشأ فيها: فعندما ينشأ الشخص في بيئة مشتتة وغير صحية يكون عرضة أكثر للتأثر بأصحابه لأنه يكون سهل التشكيل ويبحث في داخله عن مخرج يخرجه من البيئة التي لا يحبها. فكلما كانت علاقة الشخص بمحيطه وبيئته وأهله قوية كلما صعب التأثير به.
  3. سلوكيات المجتمع الذي تعيش فيه: فعندما يتعرف الشخص على صاحب مدخن مثلاً ويكون متواجداً في مجتمع يتقبل التدخين، فإن انحرافه وإقباله على اكتساب عادة التدخين تزيد، أما إن كان يعيش في منزل لا يقبل التدخين ويميز رائحة المدخن فإنه سيقاوم هذه العادة ولو قليلاً وسيفكر عدة مرات قبل اكتسابها. ولو كان الشخص متواجداً في بلد أجنبي يتقبل مبدأ العلاقات قبل الزواج وكان الصاحب لديه علاقات قبل الزواج فسيكون أسهل على صاحبه أن يتقبل هذا السلوك ويقلده، بينما سيكون الموضوع أصعب لو كان في بلد محافظ أكثر.
  4. التربية الدينية والأخلاقية: فالدين والأخلاق والتربية تردع الإنسان وتجعله يفكر بعواقب الأمور، فيكون أسلس في اكتساب لعادات الإيجابية وأصعب في اكتساب العادات السلبية.
  5. قوة الشخصية: فكلما كانت الشخصية أقوى كلما كان الشخص متحكماً بنفسه أكثر، فلا يكتسب إلا الأمور التي تعجبه فعلاً، ولا يكتسب غالباً الأمور التي لا يتقبلها . ففي أي علاقة هناك القائد والتابع؛ فيكون صاحب الشخصية الأقوى هو الأكثر تأثيراً في العلاقة، ويكون صاحب الشخصية الضعيفة تابعاً ومتأثراً أكثر.
  6. مستوى الوعي: فكلما زاد وعيك كلما تحكمت بنفسك أكثر، فالشخص الواعي هو الذي يحدد مدى تأثره، أو على الأقل يميز علامات بدئه باكتساب أمر لا يريده فيرفض ذلك أو يبتعد عن هذا الصاحب...
  7. الاستعداد والرغبة: فعندما يكون للصاحب "تلتين الخاطر" كما يقال لاكتساب سلوك معين من صاحبه يسهل عليه استقطابه في وقت قصير جداً.

ماذا نفعل لو اكتشفنا أننا نتأثر سلبياً بأصحابنا
لو اكتشفت أن صاحبك يؤثر عليك سلبياً، ويكسبك أمور سيئة لا ترغبها، فعليك أولاً أن تستشعر هذا التأثير؛ فاجلس مع نفسك وحاول أن تجد ما هي الأمور التي تغيرت فيها –سواء للأفضل أم للأسوأ- بعد هذه الصداقة، كما من الجيد أن تعرف كيف أثرت أنت في صاحبك عن طريق تذكره كيف كان وكيف أصبح بعد صداقتكما، ويمكنك أن تساله أيضاً. ولو وجدت أن هناك تأثيرات سلبية كاكتسابك لعادة أكل الطعام غير الصحي مثلاً فحاول أن تكلم صاحبك بالموضوع وأن تشرح له خطورة ذلك، وأن تساعده في ترك هذه العادة بأن تكون أنت المؤثر وليس المتأثر. ولكن إن لم يردع واستمر في هذه العادة، فعلى الأقل اضمن عدم تأثرك بها؛ فقلل من خروجاتك معه لتناول الطعام أو سيطر على نفسك واستمر أنت بطلب طبقك الصحي.
أما إن كان له تأثير خطير عليك ولم تستطع حماية نفسك منه أو حتى إن كانت صحبته تؤثر عليك وعلى سمعتك أمام الناس، كأن يكون متعاطٍ للمخدرات مثلاً فحاول أن تغيره وتنصحه وإن لم يستجب فعليك بترك صداقته فوراً لأنه إن لم ينقل إليه السلوك السيء فسينقل له على الأقل السمعة السيئة.

والآن وبعد أن عرفت دور الأصحاب في اختيار السلوك الشخصي... لا بد لك أن تسعى لأن تكتسب أصدقاء جدد، وأن تختارهم بعناية لأن الأمر يستحق المزيد من الوقت والجهد:

  • حاول أن تكون اجتماعياً أكثر: فشارك في المناسبات، وتعرف على أشخاص جدد وتمش في المنتزه أو الحديقة القريبة منك لتتعرف على أشخاص هناك، وخذ كورسات تتعلق بمواهبك وأمور تحبها لتتعرف على أشخاص يشاركونك نفس الهوايات والاهتمامات كصف الرقص في النادي الرياضي.
  • تعرّف إلى أصدقائك الافتراضيين: إن كان لديك أصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي فصاحبهم في الواقع، فقد تكتشف أن لديك أصدقاء افتراضيين لكنهم يشاركونك في الأفكار والمبادئ وأمور أخرى، حاول أن تتعرف عليهم وتقابلهم فعلياً.
  • حاول أن تبحث عن أصدقاءك القدامى: تذكر إن كان لديك أصحاب حقيقيين في مراحل عمرية سابقة، واعثر عليهم وعد لصحبتهم.
  • تطوع: فالتطوع هو من أفضل الطرق التي تساعدك على التعرف على أصحاب حقيقيين، فمن يحمل داخله روح التطوع والعطاء سيكون صاحباً جيداً ولديه الكثير من الصفات الحسنة التي قد ينقلها لك بالعدوى.

بالخلاصة... عليك أن تكون واعياً لتستشعر تأثير الأصحاب عليك لتحدد إن كنت تود اكتساب السلوك الذي ينقلونه لك أم لا؛ وإن وجدت أن أصحابك يؤثرون سلبياً على سلوكك الشخصي فعليك أن تنتبه جيداً؛ فليس من السهل التخلص من عادة سلبية قد اكتسبتها أو أن تخسر عادة إيجابية قد بذلت الكثير من الوقت والجهد لاكتسابها.

    المراجع