ما هو الاكتئاب المُقنَّع وأعراض الاكتئاب الخفي

ماذا تعرف عن الاكتئاب المُقنَّع (Masked Depression)! اكتشف أهم أعراض الاكتئاب المُقنَّع وأسبابه ونصائح التعامل مع الاكتئاب المُقنَّع أو الخفي
ما هو الاكتئاب المُقنَّع وأعراض الاكتئاب الخفي
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

الاكتئاب المُقنَّع واحد من أنواع الاكتئاب التي تتعلق بنمط الأعراض التي يمر بها الفرد وليس هو درجة معينة في شدة الاكتئاب، ويعتبر هذا النوع من الاكتئاب صعب الاكتشاف من قبل الشخص نفسه إذ أن الأعراض الجسدية تكون أوضح من الأعراض النفسية، فما هو الاكتئاب المُقنَّع، ولماذا سمي بهذا الاسم، وما أسباب واعراضه وعلاجه؟

الاكتئاب المُقنَّع (بالإنجليزية: Masked Depression) هو اضطراب نفسي يصنف ضمن اضطرابات الاكتئاب، ويتميّز بوجود أعراض جسدية أو سلوكية غير نمطية وغير واضحة الأسباب دون ظهور الأعراض المزاجية الأساسية لاضطراب الاكتئاب، حيث لا يشكو المريض من مشاعر الحزن والاضطرابات المزاجية بشكل مباشر، فيما يعاني من أعراض جسدية ذات منشأ نفسي.

أهم أعراض الاكتئاب المُقنَّع وجود شكاوى جسدية متعددة أو اضطرابات في النوم أو الشهية، دون وجود تفسير عضوي واضح، في حين تكون الأعراض النفسية إما غير ظاهرة أو لا يعترف بها المريض، ويُعد هذا النوع من الاكتئاب شائع في الممارسات الطبية العامة ويستلزم تشخيصاً دقيقاً يعتمد على التقييم النفسي الشامل لتحديد الجذور العاطفية الكامنة وراء الأعراض الظاهرة.

ويصنف الاكتئاب المُقنَّع في بعض المراجع النفسية والطبية كنوع من الاكتئاب غير النمطي (Atypical Depression) أو كحالة فرعية ضمن اضطرابات الاكتئاب الجسدية الشكل (Somatized Depression)، خصوصاً في الأدبيات التي تسبق التصنيفات الحديثة مثل DSM-5، فهو غير موجود فيه كتشخيص رسمي وإنما يفهم كظاهرة إكلينيكية تظهر فيها الأعراض النفسية بشكل غير مباشر من خلال شكاوى جسدية أو سلوكية.

animate

يتم استعمال تسميات الاكتئاب المُقنَّع (Masked Depression) والاكتئاب الخفي (Hidden Depression) بالتبادل في كثير من الأحيان للتعبير عن نفس الحالة، وينتمي الاكتئاب المُقنَّع والاكتئاب الخفي إلى نموذج الاكتئاب غير النمطي (Atypical Depression) أو الاكتئاب مرتفع الأداء.

لكن يميل بعض المتخصصين للتعامل مع الاكتئاب الخفي كنمط أكثر تحديداً من الاكتئاب المُقنَّع، يشير إلى اكتئاب يتميز بأعراض نفسية وجسدية غير ظاهرة ويسمى الاكتئاب عالي الأداء (High-functioning Depression) لقدرة المريض على إخفاء أعراض الاكتئاب والحد من تأثيره على أدائه الاجتماعي والمهني، كما تتداخل هذه التسميات مع الاكتئاب الضاحك أو المبتسم والتي يخفي فيها المريض مشاعر الحزن العميق لكنه يدركها ويعيش صراعاً معها.

  1. ​​​​​​​العوامل النفسية: يمكن أن يكون الاكتئاب المُقنَّع نتيجة لآليات الدفاع النفسي مثل الكبت أو الإنكار، حيث لا يعبر الفرد عن مشاعره السلبية بشكل واعٍ، فتتحول الأعراض النفسية إلى شكاوى جسدية، أو خوفاً من الوصمة الاجتماعية حيث في بعض الثقافات، يُعد التعبير عن المشاعر النفسية ضعف، ما يدفع الأفراد إلى التعبير عن معاناتهم عبر الأعراض الجسدية المقبولة اجتماعياً، بالإضافة إلى نقص الوعي الذاتي بالمشاعر فبعض الأفراد خصوصاً الذين يعانون من صعوبة في تحديد وتوصيف المشاعر، قد لا يدركون مشاعرهم الاكتئابية أصلاً.
  2. العوامل البيولوجية: من ضمن العوامل البيولوجية التي يحتمل أن تسبب الاكتئاب المنقع، الاختلالات في الناقلات العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، التي قد تؤدي إلى تغيرات في الإحساس بالألم أو تنظيم الوظائف الجسدية، ما يعزز الأعراض الجسدية، أو حالة التشابك بين الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي الذاتي التي تؤدي إلى إلى تفاعل جسدي واضح مع الضغوط النفسية.
  3. العوامل الاجتماعية والثقافية: الضغوط الاجتماعية أو المهنية قد تدخل أيضاً في العوامل المؤدية لحالة الاكتئاب المُقنَّع مثل حالة الغربة والبعد عن الأهل أو الضغوط المهنية أو المادية، فهي تُحدث عبئ نفسي على الفرد يتحوّل إلى أعراض جسدية بسبب عدم قدرته على التعبير عن الضيق النفسي، كما أن التربية والتنشئة التي قد تُهمّش التعبير عن المشاعر أو تعزّز الاعتماد على التظاهر بالقوة أو الكتمان.
  4. السوابق المرضية: وجود تاريخ سابق من اضطرابات الاكتئاب أو القلق، خصوصا إذا لم يُعالج بشكل فعّال، أو وجود أمراض جسدية مزمنة، قد تؤدي إلى زيادة التركيز على الأعراض الجسدية وتخفي الأعراض النفسية الكامنة، وهذا كله يؤدي بالفرد لحالة الاكتئاب المُقنَّع.

الأعراض في حالة الاكتئاب المُقنَّع لا تعبر عن تشخيص رسمي، بل تتم ملاحظتها ضمن ما يُعرف بالاضطرابات الجسدية الشكل أو الاكتئاب غير النمطي، ومن أبرز الأعراض الجسدية والنفسية للاكتئاب المنقع:

  1. الأعراض الجسدية للاكتئاب الخفي:
    • صداع مزمن.
    • آلام عضلية أو في المفاصل دون سبب عضوي واضح.
    • اضطرابات في الجهاز الهضمي (مثل القولون العصبي، الغثيان، الإمساك أو الإسهال).
    • تعب مستمر أو إرهاق غير مفسّر.
    • اضطرابات النوم (أرق أو نوم مفرط).
    • تغيرات في الشهية أو الوزن (زيادة أو نقصان).
    • خفقان أو شعور بضيق في الصدر.
  2. الأعراض السلوكية والنفسية غير المباشرة للاكتئاب المُقنَّع:
    • ضعف في الأداء المهني أو الدراسي.
    • الانسحاب الاجتماعي أو ضعف العلاقات الاجتماعية.
    • سرعة الغضب أو التهيّج المفرط.
    • فقدان الحافز أو الاهتمام، لكن دون وصف واضح بالحزن.
    • كثرة زيارة الأطباء وطلب الفحوصات دون الوصول إلى تشخيص عضوي دقيق.
    • سلوكيات إدمانية أحياناً كوسيلة للهروب (كالكحول أو الإفراط في الأكل).
    • صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرار.

غالباً لا يُصرّح المريض بالأعراض النفسية والسلوكية للاكتئاب المُقنَّع أو لا يُدركها

علاج الاكتئاب المُقنَّع يتطلّب خطة علاجية شاملة تُراعي الطبيعة غير النمطية للحالة، إذ لا يظهر المريض أعراض الاكتئاب الكلاسيكية بشكل مباشر، بل يُعاني أساساً من أعراض جسدية، ويمكن أن تشمل طرق العلاج التقليدية:

  1. أدوية علاج الاكتئاب المُقنَّع: يُستخدم عندما يُشخّص الاكتئاب المُقنَّع كاضطراب اكتئابي حقيقي خلف الأعراض الجسدية، ويستخدم في هذه الحالات:
    • مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (TCAs): مثل Amitriptyline، وتُستخدم أحياناً بسبب فعاليتها في تخفيف الأعراض الجسدية، ويعتبر من مضادات الاكتئاب الشائعة.
    • مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs): مثل Fluoxetine وSertraline، وهي الخيار الأول من حيث الأمان والفعالية.
    • مثبطات مزدوجة للسيروتونين والنورأدرينالين (SNRIs): مثل Duloxetine، مفيدة في الحالات التي تترافق مع آلام جسدية مزمنة.
  2. العلاج النفسي لمريض الاكتئاب المُقنَّع: ويُعد من أهم عناصر العلاج، خاصة لتفكيك البُعد النفسي الخفي في الأعراض الجسدية.
    • العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يُركّز هذا النوع من العلاج على الربط بين الأفكار والمشاعر والسلوكيات الجسدية، ويساعد المريض على التعرف على مشاعره والتعبير عنها.
    • العلاج الديناميكي القصير (Brief Psychodynamic Therapy): وهو مفيد إذا كانت الأعراض مرتبطة بصراعات داخلية لا واعية أو تجارب سابقة مكبوتة.
    • العلاج بالاستبصار العاطفي (Emotion-Focused Therapy): يستخدم هذا العلاج لتعليم المريض التعرف على مشاعره والتفاعل معها بطريقة صحية.
  3. التثقيف النفسي: من الضروري شرح طبيعة الاضطراب للمريض وتثقيفه حول العلاقة بين الجسد والنفس، هذا يساعد في تقبّل التشخيص النفسي والتقليل من التنقل بين الأطباء بحثاً عن تفسير عضوي.
  4. المعالجة المتكاملة: العلاج المتكامل هو جزء مهم من خطة العلاج الشاملة ويشمل التعاون بين طبيب نفسي، وطبيب باطني أو عام، ومعالج نفسي، وأخصائي اجتماعي (في حال وجود عوامل اجتماعية ضاغطة)
  5. العلاج السلوكي الحيوي وتقنيات الاسترخاء: تُستخدم هذه التقنيات للمساعدة في تخفيف التوتر الجسدي المترافق مع الأعراض النفسية، مثل تمارين التنفس العميق، والاسترخاء العضلي التدريجي، والتأمل الذهني.
  6. المتابعة الدورية والتقييم المستمر: نظراً لأن التحسّن قد يكون بطيء وغير مباشر، من المهم متابعة الأعراض الجسدية والنفسية معاً لتقييم استجابة المريض ومراجعة الخطة العلاجية حسب الحاجة.
animate
  • ​​​​​​​تأخر التشخيص والعلاج: من عوامل خطر الاكتئاب المُقنَّع أنه قد يتأخر تشخصيه، لأن المريض غالباً ما يشكو من أعراض جسدية (مثل الصداع، آلام المعدة، الإرهاق)، فقد يتنقّل بين الأطباء المختصين بالأمراض الجسدية دون الوصول إلى التشخيص النفسي الصحيح، هذا التأخر قد يؤدي إلى تفاقم الحالة أو تحولها إلى اكتئاب شديد.
  • ارتفاع خطر الانتحار: رغم أن المريض لا يبدو مكتئباً، إلا أن الأعراض الخفية قد تكون شديدة لدرجة تدفع إلى التفكير الانتحاري، خاصة إذا لم يُشخّص أو يُعالج بشكل مناسب، فبعض الحالات المسجّلة أظهرت أن المرضى المنتحرين لم يُظهروا علامات اكتئاب ظاهرة قبل الوفاة.
  • تدهور الوظائف الاجتماعية والمهنية: بسبب الإرهاق المزمن، أو فقدان الحافز، أو الاضطرابات الجسدية، قد يفقد الشخص قدرته على أداء عمله أو الحفاظ على علاقاته، دون أن يكون هو أو المحيطون به على دراية بأن السبب نفسي.
  • الاستخدام غير المبرر للأدوية والفحوصات: قد يؤدي سوء الفهم الناتج عن الاكتئاب المُقنَّع إلى استخدام أدوية غير ضرورية أو إجراء فحوص طبية مكلِفة ومتكرّرة دون نتائج، ما يزيد من العبء الجسدي والنفسي على المريض.
  • التحول إلى اكتئاب ظاهر أو مزمن: في حال لم يتم التدخل العلاجي، قد تتطور الأعراض لتتحول إلى اكتئاب جسيم واضح ومزمن.
  1. ​​​​​​​اطلب استشارة طبية نفسية عند استمرار الأعراض الجسدية دون تفسير عضوي واضح.
  2. لا تهمل العلاقة بين الحالة النفسية والأعراض الجسدية التي تعاني منها.
  3. التزم بالخطة العلاجية التي يحددها الطبيب، سواء كانت دوائية أو نفسية.
  4. شارك مشاعرك مع مختص نفسي لمساعدتك على التعرف عليها بشكل أفضل.
  5. مارس نشاط بدني منتظم، فهو يُحسن المزاج ويخفف من الأعراض الجسدية.
  6. نظّم أوقات نومك واستيقاظك لتقليل الإرهاق وتحسين التوازن النفسي.
  7. تجنّب العزلة الاجتماعية وحافظ على التواصل مع أشخاص داعمين.
  8. قلّل من التوتر اليومي عبر تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو التأمل.
  9. لا تُفرط في الفحوصات الطبية دون داعٍ إذا كانت نتائجها طبيعية مراراً.
  10. كن صبوراً في مسار العلاج، فالتعافي من الاكتئاب المُقنَّع يتطلب وقت وجهد منتظم.

المراجع