اضطراب نوم المناوبة في العمل ونصائح للموظفين المناوبين

ما هو أكثر اضطرابات النوم المتعلقة بالعمل شيوعاً؟ كيف تؤثر المناوبات الليلية في العمل على النوم؟ وما هو اضطراب نوم المناوبين؟ ما هي أهم النصائح والاقتراحات للعاملين بالمناوبة لتنظيم نومهم والحصول على النوم المريح والعميق؟
اضطراب نوم المناوبة في العمل ونصائح للموظفين المناوبين

اضطراب نوم المناوبة في العمل ونصائح للموظفين المناوبين

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

العاملون في سلك الشرطة والطوارئ والعاملون في المستشفيات إضافة إلى بعض المصالح الحكومية وحتى العاملين في المطاعم والفنادق وغيرهم؛ جميعهم يعانون من جدول مناوبات معقد يسبب لهم أزمات صحية ونفسية قد تتحول إلى مشكلة مزمنة.
في هذا المقال نتعرف إلى أحد اضطرابات العمل التي تأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام وهو اضطراب العامل المناوب أو اضطراب المناوبة في العمل أو اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية، ما هي أعراض اضطراب العمل بالمناوبة؟ وكيف تأثر المناوبات الليلية وتبديل المناوبات في العمل على الصحة الجسدية والنفسية؟ وكيف يمكن التعامل مع اضطرابات المناوبة في العمل؟.
 

يعتبر اضطراب العامل المناوب أو اضطراب المناوبة في العمل واحداً من اضطرابات النوم، وحسب مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية National Sleep Foundation فإن اضطراب المناوبة في العمل هو اضطراب مزمن يرتبط بشكل مباشر بجدول عمل الشخص[1]، حيث يعاني الشخص الذي يعمل بنظام المناوبات من صعوبات في النوم عندما يكون النوم مطلوباً ولازماً أو متوقعاً، ويعرف هذا الاضطراب أيضاً باسم اضطراب النوم الإيقاعي أو اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية Circadian rhythm sleep disorder.
وفيما يشكو حوالي 11% من العاملين بنظام الدوام الثابت من صعوبات في النوم؛ ترتفع هذه النسبة بين العاملين بنظام المناوبة لتصل إلى 37% وفق المسح الذي أجرته المنظمة الأمريكية الوطنية للنوم، كما أفاد العاملون المتأثرون بنظام المناوبة أنَّهم أكثر عرضة للنوم أقل من 6ساعات في أيام العمل، وأكثر عرضة لزيادة ساعات العمل، إضافة إلى تجربة القيادة أثناء النعس مرة واحدة على الأقل كل شهر (راجع مقالنا عن أهم إجراءات الوقاية من حوادث السير)
 

animate

عادةً ما يعاني الأشخاص المصابون باضطرابات العمل بالمناوبة من قلة النوم أو الإفراط بالنوم، وما يرافق هذه الحالات من أعراض جسدية ونفسية مميّزة، نذكر منها[2]:
- عدم القدرة على النوم أو صعوبة النوم في وقت الراحة، عندما يكون النوم لازماً ومطلوباً ومتوقعاً.
- الرغبة الشديدة في النوم أثناء فترة العمل عندما لا يكون النوم متوقعاً أو لازماً.
- النعاس المفرط في مكان العمل وخارج أوقات العمل.
- الأعراض المصاحبة لقلة النوم عادة، مثل الصداع وقلة التركيز والشعور العام بالتعب والإرهاق.
- النوم غير المنعش وغير العميق.
- المزاجية أو الاكتئاب.
 

يعتبر الاستخفاف باضطرابات النوم شائعاً بين العاملين، لكن هل تعلم أن مشاكل النوم أثناء العمل كانت سبباً محتملاً في العديد من الكوارث والحوادث التي هزت العالم!، مثل كارثة مفاعل تشيرنوبيل النووي في الاتحاد السوفيتي سابقاً، وإليكم بعض الآثار والمشاكل التي تسببها اضطرابات النوم المتعلقة بالعمل عموماً، واضطراب العامل المناوب خصوصاً[3]:

- ترتبط قلة النوم بشكل وثيق بسرعة استجابة العامل أو الموظف وردة فعله في المواقف المختلفة، إضافة إلى تأثير اضطرابات النوم على الذاكرة والتنسيق النفسي الحركي، ومعالجة المعلومات واتخاذ القرارات، وعندما كانت جميع هذه المهارات والقدرات ضرورية لأداء العمل بأمان وفاعلية فإن قلة النوم واضطراب العامل المناوب يؤثر بشكل مباشر على مستوى الأمان في العمل وعلى أداء العامل.

- فقدان التركيز وتقلبات المزاج وانخفاض القدرة على الأداء الجيد بسبب اضطراب العمل بالمناوبة يؤدي إلى انخفاض البراعة في العمل، وهذا ما قد يسبب كوارث حقيقية في المجالات الطبية بين الأطباء والممرضين قد تصل إلى أخطاء طبية قاتلة، كذلك يتأثر سائقو شاحنات النقل بشكل كبير بقلة التركيز الناتجة عن قلة النوم.

- يعاني العاملون بالمناوبة المصابون باضطرابات النوم من القيادة تحت تأثير النعاس، والتي تعتبر في بعض الحالات أشبه بالقيادة تحت تأثير الخمور، ما يعرض حياتهم وحياة الآخرين للخطر (اقرأ مقالنا عن خطر القيادة المشتتة)، وترتفع فرص حوادث الطرق مع العاملين بالمناوبة حوالي سبعة أضعاف مقارنة بالعاملين غير المناوبين حسب المرجع السابق[3].

- العاملون بنظام المناوبة أكثر عرضة للإصابة بمجموعة من الأمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، بعض أنواع السرطانات مثل سرطان الثدي وبطانة الرحم وسرطان القولون والمستقيم، إضافة إلى أمراض ضغط الدم والسمنة والسكر واضطرابات الشهية [4].

- كما يؤدي اضطراب نوم العامل المناوب إلى آثار سلبية على صعيد العلاقات العائلية والاجتماعية، حيث ترتفع معدلات الطلاق بين العاملين بالمناوبة في أمريكا بنسبة 57%، كما يؤثر عمل الوالدين لنظام المناوبة على أساليب التربية والتحصيل الدراسي للأطفال.
 

لا بد من الإشارة إلى أن إصابة نسبة كبيرة من العاملين بالمناوبة باضطرابات النوم المتعلقة مباشرة بجدول عملهم المتقلب لا يعني عدم قدرة آخرين على التعامل مع المناوبات بشكل روتيني لا يتعارض مع حصولهم على وقت كافٍ من النوم العميق، بل أنهم قد يصابون بمشاكل النوم في حال عملهم بدوام منتظم، ذلك أن روتين النوم يخضع لسمات فردية عديدة تختلف من شخص إلى آخر.
لكن على العموم فإن العاملين بالمناوبة يواجهون صعوبات النوم أكثر من العاملين بدوام واحد، وعلى الرغم من وجود بعض الخيارات الدوائية للتغلب على اضطراب النوم للموظف المناوب؛ إلا أن الأفضل دائماً هو تغيير العادات اليومية وتنظيم الروتين بحيث يكون للنوم حصة الأسد من الأولويات، وإليكم بعض النصائح المفيدة للموظفين بالمناوبة لتنظيم نومهم وتجنب الآثار السلبية لاضطراب إيقاع الساعة البيولوجية:

1- اجعل النوم أولوية
بسبب طبيعة العمل بالمناوبة قد يعطي الموظف أولوية لبعض النشاطات والمهام المتعلقة بالعمل أو الحياة الشخصية أكثر من النوم، والخطوة الأولى في علاج اضطراب المناوبة في العمل هي إعطاء النوم الأولوية، وذلك من خلال:
- الحصول على 8ساعات نوم متواصلة كحد أدنى، ويجب أن يكون نوماً عميقاً من خلال تهيئة الظروف الملائمة.
- استغلال العطلة بالحصول على الراحة والاسترخاء والنوم العميق.
- تنظيم فترات المناوبة قدر الممكن، بحيث لا تتجاوز خمس مناوبات شهرياً إذا كانت المناوبة 8 ساعات ليلية، وأربع مناوبات أو أقل في حال كانت المناوبة 12 ساعة ليلية، كما يجب أن يكون هناك فاصل من الراحة بين مناوبة ليلية وأخرى، ويجب أن يحصل الموظف على إجازة 48 ساعة إن أمكن بعد كل سلسلة من المناوبات[5].
- تفعيل نظام الإنذار الذاتي، عندما تشعر أنَّك غير قادر على المناوبة حاول الاعتذار عن المناوبة أو تقليص ساعتها قدر الممكن.
- تجنب المناوبات الطويلة أو مضاعفة وقت العمل، إن كنت تعتقد أنك مدمن على العمل قم بإجراء اختبار بيرغن للإدمان على العمل من خلال هذا الرابط.

2- إعادة ضبط الساعة البيولوجية
عادةً ما تفقد الساعة البيولوجية انتظامها نتيجة النوم في النهار والنوم تحت الأضواء الصناعية، حتى أن النوم أثناء مشاهدة التلفاز يؤدي إلى خلل في الساعة البيولوجية نتيجة الضوء الأزرق الذي يعمل على تنشيط العقل وإخباره أن الوقت ليس مناسباً للنوم [6]، لذلك على العاملين بالمناوبة الليلية اتخاذ بعض الإجراءات التي تساعد على خداع الساعة البيولوجية إن صح التعبير، وأبرز هذه الإجراءات[5]:
- قلل من التعرض للشمس والأضواء الساطعة بعد المناوبة الليلية قدر الممكن لتجنب تفعيل الساعة النهارية الداخلية.
- إذا كانت مناوباتك الليلية أكثر من النهارية حاول أن تحافظ قدر الممكن على روتين النوم على مدار الأسبوع وحتى في الإجازات.
- تأكد أن تنام في مكان مظلم، اطفئ الأضواء وأغلق الستائر وتوقف عن استخدام الأجهزة الالكترونية والتعرض للشاشات قبل وأثناء النوم.
- اطلب من أهل البيت تأمين الهدوء اللازم لتدخل في النوم العميق.

3- عاداتك اليومية واضطرابات النوم:
على وجه العموم تلعب العادات اليومية دوراً كبيراً في تنظيم عملية النوم والدخول في النوم العميق، ومع وجود عوامل خارجية تؤثر على راحة النوم مثل المناوبات في العمل لا بد من إدارة العادات اليومية بشكل يساهم في تقليل الآثار السلبية للمناوبة في العمل، وذلك من خلال الانتباه إلى النقاط التالية:
- ابتعد وقلل من استهلاك التبوغ والنيكوتين والكحوليات أو المواد المهلوسة.
- تأكد من وضع طقوس خاصة للنوم والتزم بها، مثل القراءة قبل النوم، والاسترخاء والتنفس في السرير، اقرأ مقالنا عن تمرينات التنفس للنوم الهادئ والعميق.
- اجعل نظامك الغذائي ملائماً للنوم، اقرأ مقالنا عن الأغذية التي تساعد على النوم العميق.
- حاول أن تبدأ بالنوم قبل أن تنام!، بمعنى أن تذهب إلى السرير قبل أن تصل إلى مرحلة الإرهاق النهائي، والأفضل أن تحدد ساعة معينة للذهاب إلى السرير، وأن تتوقع ساعة محددة للدخول في النوم العميق، وساعة محددة للاستيقاظ.
- إذا كنت معتاداً النوم على الكنب بدلاً من السرير، أو معتاداً على النوم وأنت تشاهد التلفاز أو تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، إذا كنت تنام في جو صاخب وتعتقد أن هذا لا يؤثر على نومك العميق، وإذا كنت معتاداً على النوم بثياب العمل... يجب أن تعيد النظر بكل هذه العادات وتبدلها لتصل إلى النوم العميق.

أخيراً... إن كنت تعتقد أن مشاكل وصعوبات النوم التي تعاني منها لا ترتبط مباشرة بجدول عملك، أو كنت تعتقد أنك عاجز عن التخلص من الأرق وصعوبات النوم دون مساعدة، لا تخجل من طلب الاستشارة من المختصين والحصول على التشخيص والعلاج المناسب.
 

[1] مقال "اضطراب المناوبة في العمل" منشور في موقع المؤسسة الوطنية الأمريكية للنوم sleepfoundation.org، تمت مراجعته في 9/7/2019.
[2] مقال Ana Gotter والدكتورة  Alana Biggers "اضطراب النوم المصاحب للعمل بالمناوبة" منشور في healthline.com، تمت مراجعته في 9/7/2019.
[3] مقال "كيف تؤثر جداول العمل غير النمطية أو القياسية على الأداء" منشور في موقع المؤسسة الوطنية الأمريكية للنوم sleepfoundation.org، تمت مراجعته في 9/7/2019.
[4] دراسة Shazia Jehan, Ferdinand Zizi وآخرين (2017) "العمل بالمناوبة والنوم: الآثار الطبية والإدارية" منشور في ncbi.nlm.nih.gov، تمت مراجعته في 9/7/2019.
[5] مقال Cleveland Clinic "إدارة وعلاج اضطراب نوم المناوبة في العمل" منشور في my.clevelandclinic.org، تمت مراجعته في 9/7/2019.
[6] مقال Julia Rodriguez "مشاهدة التلفاز في السرير؛ العادة الشائعة التي تفسد نومك!" منشور في sleepdr.com، تمت مراجعته في 9/7/2019.