الصداقة بين طفلك وطفل أكبر منه في السن

الصداقة بين الطفل مع أطفال أكبر منه سناً ظاهرة شائعة يمكن أن تكون إيجابية أو سلبية حسب البيئة التي تحيط بها، وتشير دراسات علم النفس التنموي والتربية، أن الطفل قد ينجذب إلى من طفل أكبر منه في السن بسبب اختلاف اهتماماته عن أقرانه أو نضجه بشكل مبكر، ومع ذلك لا يفضل أن يكون فارق السن كبيراً بين الطفل وأصدقائه مع ضرورة متابعة علاقات الطفل من الأهل والمربين دون ضغط.
من طبيعي أن يكون لدى الطفل أصدقاء مقربين أكبر منه سناً بفارق بسيط لا يتجاوز سنة أو سنتين، وعادةً ما يحب الأطفال مصادقة من هم أكبر سناً بسبب ما يُعرف أحياناً بعدم التناسب النمائي بين العمر الزمني والعقلي أو الاجتماعي، ويرى بعض الخبراء أن هذه العلاقات يمكن أن تكون محفّزة لنمو الطفل المعرفي والاجتماعي إذا توافرت بيئة آمنة وكان الأصدقاء الأكبر يتمتعون بسلوكيات إيجابية وملائمة.
بالمقابل قد تحمل هذه الصداقات بعض المخاطر في حال كان الطفل يتعرض لضغوط تتجاوز قدراته النفسية أو يتبنى سلوكيات لا تتناسب مع عمره أو يحصل على معارف مبكرة خصوصاً ما يتعلق بالأمور الحساسة مثل الأمور الجنسية، خاصة إذا غابت رقابة أو توجيه من الوالدين أو المربين.

حسب نظريات علم النفس التربوي من الأفضل ألا يتجاوز فارق العمر بين الأصدقاء الأطفال أكثر من سنتين، فالأطفال المتقاربين في العمر غالباً ما يكونون في مراحل متشابهة من النمو العقلي واللغوي والانفعالي، ما يسهل التفاعل المتوازن بينهم ويعزز من جودة العلاقة.
أما في حال كان الفارق أكبر من ذلك، فقد تظهر فجوات في مستوى الفهم والاهتمامات والسلوكيات، ويؤدي هذا إلى علاقات غير متكافئة قد يتأثر فيها الطفل الأصغر دون وعي منه، سواء من ناحية التقليد أو التبعية.
ومع ذلك لا يعني هذا أن كل علاقة بصديق أكبر سناً يجب أن تُرفض، فبعض الأطفال يجدون في الأصدقاء الأكبر دعم وتوجيه إيجابي، خاصة في البيئات المنظمة أو تحت إشراف البالغين، لكن يبقى من الضروري أن يتابع الأهل هذه العلاقات، ويتأكدوا من أنها لا تؤثر سلباً على ثقة الطفل بنفسه، أو تضعه في مواقف تتجاوز قدراته أو وعيه، وكل ما كان الطفل أكبر سناً تقلص تأثير الفارق العمري بينه وبين أصدقائه.
- غالباً ما يكتسب الطفل مفردات جديدة وأساليب تفكير أكثر نضجاً من خلال التفاعل مع أطفال أكبر يمتلكون قدرات لغوية ومعرفية متقدمة نسبياً.
- تحفيز النمو الاجتماعي والعاطفي حيث يتعلم الطفل من خلال هذه الصداقات مهارات اجتماعية معقدة، مثل التفاوض، والتعاطف، واحترام وجهات النظر المختلفة.
- نمو الاستقلالية والثقة بالنفس، حيث يشعر بعض الأطفال بالفخر والانتماء عند قبولهم من قبل الأكبر منهم، وهذا القبول يعزز ثقتهم بأنفسهم ويدفعهم إلى تطوير مهاراتهم لمواكبة أقرانهم الكبار.
- تعلم السلوك الإيجابي إذا كان الطفل الأكبر يتمتع بسلوكيات ناضجة وإيجابية.
- تساعد هذه العلاقات الطفل على التعرف على اهتمامات جديدة، مثل القراءة أو العلوم أو المهارات الرياضية، التي قد لا يكتسبها من أقرانه في نفس العمر.
- تعلم إدارة الفروق العمرية والاجتماعية من خلال فهم اختلاف المراحل العمرية وتباين أنماط التفكير.
- قد يتعرض الطفل الأصغر من أصدقائه لضغط غير مباشر لمجاراة سلوكيات أو اهتمامات لا تتناسب مع نضجه العمري أو العاطفي، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى توتر داخلي أو شعور بالدونية.
- قد يبتنى طفلك أنماط سلوك غير مناسبة اعتقاداً أنها دليل على النضج أو القبول الاجتماعي، فيتعلم سلوكيات سيئة مثل التدخين أو التنمر أو إزعاج الآخرين وغير ذلك.
- قد يفقد الطفل الإحساس بذاته جراء مقارنة نفسه مع صديقه الأكبر الذي يتفوق عليه في المهارات والخبرات ويمكن أن يطغى عليه دور التابع في العلاقة.
- وجود صديق أكبر في السن في حياة الطفل قد يؤدي إلى فقدان الروابط الاجتماعية الطبيعية مع أقرانه ومن هم في نفس سنه، وهذا سوف يستمر في تأثيره على علاقات الطفل حتى بعد أن يكبر.
- بحكم فارق السن غالباً ما تكون العلاقة غير متكافئة، ما قد يجعل الطفل الأصغر عرضة للاستغلال أو التبعية أو التهميش في اتخاذ القرارات.
- قد يتعرض طفلك لمخاطر التعرض لمعلومات أو تجارب سابقة لأوانها (عاطفية، اجتماعية، تكنولوجية) لا تتناسب مع النمو المعرفي أو النفسي للطفل الأصغر.
- بعض الأطفال يمتلكون مستوى أعلى من التفكير أو الوعي مقارنة بأقرانهم، وقد يدفعهم ذلك للبحث عن تفاعل اجتماعي أكثر عمق وتنوع، يجدونه غالباً عند الأصدقاء الأكبر سناً.
- الميل الفطري لدى الأطفال لتقليد من هم أكبر يُشجعهم على تكوين صداقات مع من يرون فيهم نموذج يُحتذى به، سواء من حيث المهارات أو السلوك أو المعرفة.
- الشعور بالانتماء أو القبول حصوصاً إذا واجه الطفل صعوبة في التكيف مع أقرانه بنفس عمره.
- وجود أشقاء أكبر أو الاندماج في أنشطة مشتركة مع فئات عمرية متعددة قد يُعرّض الطفل بشكل متكرر للتفاعل مع الأكبر منه ويُعزز من قدرته على التواصل معهم.
- في بعض الحالات يرتبط الانجذاب للأكبر في الصداقات بالرغبة في الشعور بالكبر أو الاستقلال، كجزء من محاولات الطفل المبكرة لبناء هويته الاجتماعية.
- كذلك الطفل الذي لا يتلقى إشباع كافي من حيث التقدير أو الاهتمام أو التفاعل من المحيطين به قد يسعى لإشباع تلك الاحتياجات من خلال علاقات بديلة مع الأكبر سناً.
من غير المعتاد أن يقيم الطفل علاقة صداقة حقيقية مع شخص بالغ وناضج، إذ تشير النظريات النفسية والتربوية إلى أن الصداقة بطبيعتها تتطلب نوع من التكافؤ في العمر والنضج العقلي والانفعالي، وهو ما لا يتوفر بين الطفل والبالغ، فبينما يمكن للطفل أن يتلقى الدعم أو التوجيه من الكبار في أدوارهم التربوية أو الأسرية ما ينمّي مهارات التفاعل والتفاهم مع من يشاركونه نفس مراحل النمو.
عدا ذلك يجب أن تكون أي علاقة للأطفال مع أشخاص بالغين وناضجين تحت رقابة صارمة من الوالدين، ليس خوفاً فقط على الطفل من أشكال الاستغلال والابتزاز والتحرش، بل أيضاً خوفاً من الآثار النفسية والتربوية لوجود شخص بالغ مؤثر في الطفل غير الأهل والأساتذة والمربين.