آلية التفكير المرن أوهمية المرونة العقلية

العقل الرشيق.. أكثر مهارة حياتية مهمة لم يعلمك إياها أحد! المرونة العقلية هي الحل لمشكلات الحياة اليومية وطريقك للإبداع والتميز
آلية التفكير المرن أوهمية المرونة العقلية

آلية التفكير المرن أوهمية المرونة العقلية

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

"أولئك الذين لا يستطيعون تغيير رأيهم لا يمكنهم تغيير أي شيء"، هذا ما قال جورج برنارد شو، كما قال أينشتاين: "إن مقياس الذكاء هو القدرة على التغيير"، فالتفكير المرن الذي قد يطلق عليه الخبراء (المرونة المعرفية) يسمح لنا بتغيير مواقفنا والتفكير في شيء بأكثر من طريقة، بدلاً من التفكير في وجهة نظر متفائلة أو وجهة نظر متشائمة فقط، لأن عقلية ثابتة يمكن أن تخرب جهودك للازدهار في بيئة متغيرة، مع ذلك كونك مرناً لا يعني الاستسلام دائماً أو قول نعم، ما يعنيه هو أنك تنظر إلى الأشياء من منظور مختلف أولاً، ثم تقوم بالاختيار الأفضل.. إنها المرونة.

ما مدى مرونة عقلك؟
تعد القدرة على التمدد إلى ما هو أبعد من نقاط القوة الأساسية عند الضرورة والعودة السريعة إلى مهاراتك الأساسية وانضباطك إحدى سمات مرونة العقل، فالمرونة هي استجابة أساسية للتغيير في عالم دائم التغير، وللبقاء والاستمرار في بيئة من التحفيز المستمر والتغير السريع، فإن التفكير المرن ضروري.
إنها القدرة على التكيف مع المواقف الجديدة، وتقسيم المهام المعقدة إلى أجزاء صغيرة الحجم، والارتجال وتعديل الاستراتيجيات لمواجهة أنواع مختلفة من التحديات، فالمرونة تعطي الدماغ البشري ميزة تفوق ليونة أجهزة الكمبيوتر! والعقول المرنة هي لأشخاص يعيدون تصور طرق جديدة لحل المشكلات الحالية وإنشاء أدوات تجعل الأمور أفضل وأسهل وأسرع وأكثر ذكاء؛ يمكنهم أن يوازنوا أفضل رغبات طويلة الأجل وقصيرة الأجل، عندما يكونون في أي موقف، كما يمكنهم التفكير في كل من الأهداف طويلة الأجل وقصيرة الأجل لاتخاذ قرارات أفضل.

يتطلب حل المشكلات والتوصل إلى استنتاجات أفضل؛ مزيجاً من التفكير المنطقي والتحليلي والمرن، يمكنك استخدام الأساليب والتقنيات المعروفة للتعامل مع أي مشكلة تتعامل معها، والتفكير المرن هو ما تحتاجه عندما تتغير الظروف وتتعامل مع شيء جديد، فهل تستسلم عندما تواجه مشكلة لم ترها من قبل، أم أنك مدفوع بتصميم على حلها؟ ما مدى التزامك للوصول إلى هذا "النور" في نهاية النفق؟ يتطلب حل المشكلات واستخلاص النتائج عمل قائم على مزيج من التفكير التحليلي والمرن.

كيف تطور عقلاً رشيقاً؟
هل يمكنك التدرب على مهارات التفكير المرن؟ كيف لك أن تعوّد عقلك على المرونة؟ وما الذي يمكنك فعله لتصبح مثل المفكرين العظماء في تواضعهم الفكري ومرونة عقولهم:
- حاول دائماً إلقاء نظرة على كل شيء من أكثر من زاوية.
- قم بتغيير السياق أو البيئة الخاصة بك، وسوف تشعر أنك حولت عقلك.
- تمشى.. خذ استراحة قهوة.
- الحصول على دعم نفسي أكبر.

كلما كان بإمكانك تحدي نفسك لتكون عفوياً وتسمح ببعض التجارب الجديدة، كلما كان من الأسهل دمج المرونة في حياتك اليومية! المرونة العقلية مدعومة بالتجديد والإبداع.. تساهم في نمو الدماغ وتطوره طوال العمر، وفي المرة التالية التي تواجه فيها ضغوط التغيير، تذكر أنه يمكنك التكيف في عالم متغير باستمرار.
 

animate

لماذا لا يمكن أن يكون تفكيرك مرناً بسهولة؟
ينتمي المستقبل إلى مرونة العقل، هذه هي الفكرة الأساسية وراء الكتاب الأكثر مبيعاً للمؤلف ليونارد ملودينوف (Leonard Mlodinow) المرونة (Elastic)، والذي يبحث في دوامة التغيير التي نجد أنفسنا نعيش فيها، وطرق التفكير الأكثر ملاءمة لها، إذ لدينا جميعاً ما هو مطلوب من أجل "التفكير المرن"، ربما إلى حد أكبر مما ندرك، يقول ملودينوف: "إنها مجرد مسألة إدراك المهارات المطلوبة ورعايتها".

هل يمكن وصف التفكير المرن؟
حيث يمكن وصف التحليل المنطقي بواسطة خوارزمية من النوع الذي تتبعه أجهزة الكمبيوتر، بينما لا يمكن وصف التفكير المرن، قمنا بتطوير قدرة التحليل المنطقي من أجل مساعدتنا في مواجهة التحديات اليومية للحياة، وطورنا التفكير المرن لمساعدتنا على النجاح عندما تتغير الظروف، هذا هو السبب في أنه من الأهمية بمكان صقل تلك المهارات في عالم اليوم.
التفكير المرن هو من حيث تأتي أفكارك الجديدة؛ إنه خيالي وأصلي وغير خطي، إنه تفكير هرمي كما قلنا أعلاه.. "من القاعدة إلى القمة"، بحيث تتعمق الأفكار في العقل، لذلك فإن العصر التي نعيش فيه يتطلب أسلوباً "مرناً" من التفكير.

حول صعوبة التفكير المرن.. 
لا يتصرف الدماغ البشري كما أشرنا؛ كمعالج معلومات من خلال خوارزمية في طريقه لحل مشكلة، بدلاً من ذلك.. يعمل كمجموعة من الأنظمة التفاعلية والمنافسة، لهذا السبب يتحدث العلماء عن تميزات مثل الوعي / اللاواعي، أو العقل / الانفعال، أو الدماغ الأيمن / الدماغ الأيسر.. الخ، وعندما يتعلق الأمر بالتفكير المرن، يجب أن تتنافس تلك الهياكل التي تولد أفكاراً جديدة مع الهياكل الأخرى التي تفرض الرقابة عليها، بالطبع.. نحن بحاجة إلى هذه الرقابة لأن عقولنا غزيرة بشكل مثير للدهشة لدرجة أنه بدون مرشّح، لن نكون قادرين على التركيز وسنغرق في أفكارنا (سنتحدث عن أهمية النسيان في مقال مستقل)، والرقابة العقلية لدينا لا تقتل الأفكار بشكل عشوائي، لكنها تستخدم معرفتنا وتوقعاتنا حول العالم لتقييم الأفكار الأكثر وعداً وعندها فقط تزيل الأفكار الباقية.

كل يوم يتم تعزيز بعض الاستجابات وقمع أخرى، والنتيجة هي عقل يتكيف جيداً مع بيئته، ثم يفسر العالم من خلال عدسة ما نجح فيه خلال تجارب الماضي، وهذا النهج مناسب تماماً لبيئة مستقرة، لكن يمكن أن يكون الأمر دون المستوى الأمثل عندما تتغير الظروف وما هو مطلوب.. كطريقة جديدة للتفكير، أو عندما لا يعمل النهج المعتاد ونحتاج إلى طريقة جديدة للنظر في مشكلة ما، مثلاً معظم الأخطاء التي يرتكبها الأطباء ترتبط بميل إلى تكوين آراء سريعة، استناداً إلى الخبرة السابقة، لكن في الحالات غير الروتينية التي قد تكون مضللة؛ فقد يفقد الأطباء الخبراء جوانب مهمة من المشكلة لا تتفق مع تحليلهم الأولي، لذلك جرعة من الخبرة يمكن أن تكون مفيدة، وبالمثل لو وبختي والدتي اليوم على التصرف كطفلة.. تعلّمت أن أعتبر ذلك مجاملة!
 

كيف يمكننا أن نتعلم أن نكون أكثر مرونة في تفكيرنا؟
واحدة من القدرات الأكثر أهمية للتفكير المرن هي القدرة على استرخاء عقلك، والتركيز على أهمية التفكير المنطقي، لكن هذا يعني أنه قد يكون لأفكارك نطاق ضيق، وتميل إلى أن تكون تقليدية، قد يعرقل تركيزك أيضاً؛ أي ميل للتشكيك في الافتراضات الكامنة وراء أي مشكلة تشغل تفكيرك، من ناحية أخرى عندما تشعر براحة البال؛ لن تكون قلقاً بشأن السبب في أن أفكارك قد تكون خاطئة، كذلك لست قلقاً بشأن الفشل.
هذا هو السبب في أنه غالباً ما يكون من المفيد التفكير بشكل مكثف في مسألة ما، ثم أخذ قسط من الراحة التي تمارس فيها نشاطاً بدنياً خفيفاً، لكنك لا تركز عقلياً كما هو الحال عند الركض أو الاستحمام، أو لممارسة التمرينات الرياضية بشكل مكثف، ثم ترك عقلك يتجول وأنت تحتسي بعض الماء، حيث يستحيل التفكير في قضية بهدوء عندما تكون مرهقاً فكرياً.
كما أن القدرة على التفكير دون أي نوع من ضغوط الوقت أمر مهم أيضاً، بحيث يمكن لمكالمة هاتفية قصيرة أو بريد إلكتروني أو حتى رسالة نصية إعادة توجيه انتباهك وأفكارك، لذا عليك أن تكون أكثر مرونة عقلية.

تمرين لتعزيز المرونة العقلية..
1- ركز على أحد قناعاتك القوية..
وتصور أن شخصاً ما أخبرك أن قناعتك أو اعتقادك خاطئ، وأنت نحاول أن تكون منفتحاً بشكل كبير على احتمال أن تكون مخطئاً.
2- بعد ذلك.. أطرح أسئلة: "لماذا أؤمن بهذا الاعتقاد؟ لماذا قد وصل الآخرون إلى نتيجة مختلفة؟" وحاول أن تأخذ وجهة النظر هذه على محمل الجد وأن تتذكر المرات التي كنت مخطئاً خلالها في الماضي بشأن شيء ما، رغم أنك كنت واثقاً من أنك على حق.
3- في الواقع، هذا الشقاق لتفاعلاتك الفكرية مفيد أيضاً، فبقدر ما قد نرغب في تجنب أولئك الذين لديهم آراء مناقضة ومعارضة حتى لو لم تعطِ صلاحيات عليك.. لرأيهم؛ فإن ذلك يوسع وجهة نظرك للتحدث إلى أشخاص يختلفون معك.
4- أخيراً هناك عاطفة إيجابية، السعادة والرضا والامتنان ليست مجرد أهداف مهمة للحياة حيث أنها تدفعنا إلى توسيع نطاق أفكارنا والإجراءات التي نتخذها واستكشاف بيئتنا، وفتح أنفسنا أمام معلومات جديدة.. كلها مهمة للنجاح والمتعة في العمل.

ما هي ميزات التفكير المرن؟
فالقدرة على التخلي عن الأفكار المريحة والتعود على الغموض والتناقض والقدرة على الارتقاء فوق العقليات التقليدية وإعادة صياغة الأسئلة التي نطرحها، كذلك القدرة على التخلي عن افتراضاتنا السابقة المتأصلة في عقولنا، بالإضافة للميل إلى الاعتماد على الخيال بقدر ما يُعتمد على المنطق وتوليد ودمج مجموعة واسعة من الأفكار، والاستعداد لتجربة والتسامح مع بالفشل.. هذه الباقة المتنوعة من المواهب؛ تقف وراء التفكير المرن، الذي يمنحنا القدرة على حل المشكلات الجديدة والتغلب على الحواجز العصبية والنفسية، التي قد تعيق تفكيرنا حرفياً؛ عن النظر ما بين السطور.
ومن المهم أن نفهم كيف تنتج أدمغتنا تفكيراً مرناً، وكيف يمكننا رعايته، حيث يمكن للعقل إجراء حسابات بالطريقة التي يعمل بها الكمبيوتر، من أعلى إلى أسفل، مع الهياكل التنفيذية رفيعة المستوى في الدماغ التي تملي هذا النهج.. لكن بسبب بنيتها الفريدة، يمكن للأدمغة البشرية إجراء حسابات من الأسفل إلى الأعلى.
وعلى الرغم من عدم وجود كمبيوتر بتفكير مرن، كما أن عدداً قليلاً جداً من الحيوانات تتفوق في التفكير المرن؛ فإن هذه القدرة مدمجة في العقل البشري، فكلما زاد فهمنا لها وللآليات التي تتبعها عقولنا في التفكير الهرمي؛ كان من الأفضل لنا أن نتعلم كيفية تسخيرها لمواجهة التحديات في حياتنا الشخصية وبيئات العمل.

العقل الرشيق المرن هو القادر على التكيف سريعاً
موقفنا المتطور عبارة عن تكيف، لكنه أيضاً ازدهار، لأن لدينا دائماً القدرة على إجراء تعديلات كبيرة؛ إنه في جيناتنا وواحد من سماتنا المميزة، نعيش أوقات التغيير السريع مما يتطلب المرونة والقدرة على التكيف، لقد شهدنا ثورة تكنولوجية، واضطرابات اقتصادية وسياسية واجتماعية، كذلك إثراء هائل لرأسمالنا الفكري والثقافي، لكننا نواجه معضلات جديدة غير مسبوقة أيضاً، نحن متأثرون بتيار مستمر من المعلومات، وبفضل أجهزتنا الإلكترونية؛ نحن على اتصال دائم مع عشرات أو حتى الآلاف من الأشخاص الآخرين، ونادراً ما نتمتع بوقت تعطّل كامل خلال النهار، وأدمغتنا هي معالجات المعلومات الوحيدة كما أنها آلات حل المشكلات، بالتأكيد تعد مهاراتنا التحليلية ضرورية لمواجهة التحديات التي تواجهنا، لكن الأهم من ذلك هو سحر التفكير المرن، الذي يمكن أن يولد أفكاراً جديدة.. ولتحقيق النجاح؛ نحتاج إلى صقل تلك المهارات التكيفية.

في النهاية.. تذكر أن المرونة هي الاختيار، ومن خلال الممارسة، ستقوم بتحركات لم تخطر على بالك من قبل، فالتفكير المرن هو القدرة التي نمتلكها جميعاً، وهو القدرة التي يمكننا جميعاً أن نتعلمها من أجل النجاح، في العمل وفي حياتنا اليومية.