تقوية الإحساس بالاتجاهات وعلاج مشكلة نسيان الطرق والأماكن

ما هو الإحساس بالاتجاه؟ وكيف تتذكر وتحفظ الطرق بشكل أفضل؟ ما هي الخلايا العصبية المسؤولة عن التنقل وما تأثير منطقة الحصين في الدماغ على مهارات الملاحة؟ طرق تنشيط الذاكرة المكانية وتحديد الاتجاهات، وتأثير تطبيقات التنقل GPS على تكوين الخرائط الذهنية
تقوية الإحساس بالاتجاهات وعلاج مشكلة نسيان الطرق والأماكن

تقوية الإحساس بالاتجاهات وعلاج مشكلة نسيان الطرق والأماكن

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

هل تجد صعوبة في تحديد الاتجاهات ومعرفة الطرق؟ وهل تجد صعوبة في تحديد الاتجاهات ليلاً؟ هل يصعب عليك اتباع إرشادات الطريق للوصول إلى مكان معين؟، وهل تعتمد دائمًا على تطبيقات الملاحة والتنقل المعتمدة على نظام GPS للوصول إلى وجهتك؟

في هذا المقال نتعرف أكثر على صعوبات الاتجاهات، وطريقة معرفة وتذكر الطرق والأماكن بشكل أفضل، مما يتيح لك التنقل بثقة وحرية بالسيارة أو سيرًا على الأقدام.
 

الإحساس بالاتجاه هو القدرة على معرفة الشخص للمكان الذي يتواجد به، واكتشاف الطريق الذي يسلكه والطرق التي سيسلكها، حتى في الأماكن الجديدة.
ويتفاوت البشر في إحساسهم بالاتجاهات، وقدرتهم على تمييز الأماكن وتذكر الطرق، وعندما تضعف هذه القدرة على استكشاف ومعرفة الطرق فإن الشخص يعاني مما يُمسى بـ"صعوبات الجغرافيا"، وعسر الاتجاهات.
عسر فهم وتذكر الاتجاهات هو نوع من صعوبات التعلم[1] يُعرف أحيانًا بصعوبات الجغرافيا Geographic dyslexia أو عسر الاتجاهات  Directional dyslexia.
وهو ليس شكلا فعليًا من أشكال عسر القراءة أو خلل القراءة المعروف بDyslexia، ولكن صعوبة معرفة وتذكر الاتجاهات تشبه خلل القراءة في بعض الأمور.
ويُقاس الإحساس بالاتجاه بواسطة مقياس موحد للتقرير الذاتي للقدرة المكانية، هو مقياس سانتا باربرا (SBSOD).

تقول الخبيرة النفسية في موقع حلوها الدكتورة هداية عن صعوبات التعلم:
" تعد صعوبات التعلم من أحد أهم المعيقات التي تعيق الطفل في المرحلة الابتدائية، وهي تمس جوانب نمائية وأكاديمية، وقد يؤثر ما هو نمائي على ما هو أكاديمي، كعدم القدرة على التركيز أو الاحتفاظ بالمعلومة حيث يؤثر ذلك بطريقة مباشرة على العمليات الأكاديمية كاكتساب اللغة أو القراءة أو الكتابة".
 

animate

عندي مشكلة في حفظ الأماكن والشوارع!... إليك طرق تنشيط الذاكرة المكانية وتحسين القدرة على حفظ وتذكر الأماكن والطرق
إذا كنت تعاني من صعوبة تذكر الطرق، وتشعر بالارتباك في تحديد الأماكن والاتجاهات، فلا تقلق، هذا أمر يمكنك التغلب عليه، وتطوير الإحساس بالاتجاه لديك، وهذه بعض النصائح الهامة لتنشيط ذاكرتك المكانية[2]:

1- توقف عن الاعتماد كثيرًا على GPS
يعتقد بعض علماء الأعصاب أنه كلما زاد الاعتماد على تطبيقات الملاحة GPS أثناء القيادة أو التجوال، فإن القدرة على تكوين خرائط ذهنية تتضاءل، لذا أوقف تشغيل الـGPS بين الحين والآخر، واستخدم حواسك وذاكرتك للوصول إلى وجهتك.

2- انظر إلى ما يحيط بك
يعتاد الكثيرون على الاعتماد على الاتجاهات في التنقل، مع تجاهل المحيط وما يوجد في المكان من معالم، مما يحرم العقل من البيانات المرئية التي يحتاجها لتشكيل الروابط والخرائط الدماغية.
يستطيع علماء الأعصاب ملاحظة الفارق بين الاعتماد على الاتجاهات، مقابل الاعتماد على الصور والمعالم المرئية في المكان، فقد أظهرت العديد من عمليات مسح الدماغ كسلا في الخلايا المكانية للأشخاص الذين يعتمدون على الاتجاهات، وأن لديهم مواد رمادية أقل في منطقة الحصين، بالمقارنة مع الأشخاص الذين يتنقلون من خلال تصور مكانهم بالنسبة إلى المعالم في محيطهم ووجهتهم.
على سبيل المثال: لدى سائقي سيارات الأجرة في مدينة لندن مادة رمادية في منطقة الحصين أكثر من الشخص العادي، حيث يقضون سنوات في تطوير قدرتهم على التنقل في الجغرافيا المعقدة في لندن عن طريق الصور المرئية في الذاكرة، والارتباط بالعلامات المحيطة في الأماكن المختلفة.
لذا حاول ملاحظة ملامح البيئة في المكان، مثل: المباني المميزة، والأشجار، والمناظر الطبيعية لأنها تساعد على تشكيل صور ذهنية أكثر تفصيلًا.

3- درب عقلك
أفضل طريقة لتحسين قدراتك على التنقل هي التدرب على استخدام طريقتا الملاحة العقلية معًا، وهما: استخدام المعالم البارزة في حفظ الاتجاهات، وحساب المسافات، بأن تختار معلمًا وتنظر إليه ثم تحدد موقعه على الخريطة، ثم تتجه إليه، مما ينمي قدرتك على التنقل وكذلك على حساب المسافة.

4- ممارسة الرياضة
تساعد التمرينات الرياضية على تحسين تدفق الدم إلى المخ، وأظهرت الدراسات ارتباطًا بين ممارسة الرياضة وبين زيادة حجم منطقة الحصين في الدماغ، حتى المشي العادي يزيد من مهاراتك الملاحية.
 

كيف أحفظ الأماكن والطرق؟ وكيف أتخلص من نسيان الأماكن وضعف الذاكرة المكانية؟
حتى وإن كنت تزور مكانًا ما لأول مرة، يمكنك عبر اتباع هذه الخطوات أن تُنمي إحساسا قويًا بالاتجاهات فيه، وتتنقل بمهارة وبدون الاعتماد على تطبيقات التنقل[3]:

1- تعلم قراءة البوصلة والخرائط: تساعد تطبيقات التنقل على الوصول إلى الوجهات المختلفة، وتمنع من وقوع مواقف سيئة مثل الضياع في مدينة جديدة، ولكنها لا تُغني عن المهارات الأساسية للتنقل، إذا تعلمت قراءة الخريطة والبوصلة فلن تقلق إذا ما أوشكت بطارية هاتفك الجوال على النفاذ وأنت تائه.
وجه البوصلة نحو الشمال، قم بتدوير الخريطة معها، وأبق البوصلة مستوية حتى يشير السهم الأحمر المغناطيسي إلى الشمال أيضًا. الآن سيتطابق مكانك على الأرض مع الخريطة، ومن المفترض أن تكون المسارات واضحة.

2- انظر إلى الخريطة: عندما تذهب إلى مدينة جديدة، أو تريد معرفة الطرق والمعالم في مكان إقامتك بشكل جيد، قم بفتح خرائط  Google وركز في معالم المدينة وميزتها الرئيسية:
- هل هناك نهر- بحيرة- ميناء- شاطيء بحر؟
- هل توجد على الخريطة حديقة مركزية كبيرة، أو عدة حدائق؟
- أين تقع منطقة وسط المدينة؟
- ما هي الأحياء الكبرى؟
- ما هي الطرق الرئيسية بالمدينة؟
- ركز على موقع المباني الشهيرة، مثل: الميادين، دار الأوبرا- المتاحف.
- حدد أهم المعالم في الشمال والجنوب.

3- تجول كثيرًا على قدميك: التجول كثيرًا في أي مكان يساعد على استخدام وتنشيط الحواس المختلفة لإدراك الطرق والأماكن الموجودة به، وهذه هي أفضل طريقة للتعرف على أي مكان جديد، أن تتجول على قدميك وتحفز الشعور بالمكان وما يوجد به وكيف تبدو هذه المدينة.
في النقاط القادمة ستتعرف أكثر على نصائح التجول التي تساعدك على فهم المكان وتذكره.

4- أثناء التجوال توجه إلى بعض المعالم، مثل مبنى رئيسي، أو  فندق، أو جسر، وبهذه الطريقة ستجعله نقطة مرجعية، وستحدد موقعك وفقًا لها، ومن الأفضل أن تفعل ذلك مع اثنين أو أكثر من المعالم.

5- كوّن خريطة ذهنية للمكان: من أهم مفاتيح إدراك وتذكر الطرق والأماكن، أن تشكل خريطة ذهنية للمكان، فبعد أن تنظر إلى الخريطة،ثم تتجول بالفعل، ابدأ في ربط الشوارع والمعالم بالخريطة التي نظرت إليها سابقًا.

6- انظر إلى الخريطة كثيرًا في البداية، لكن لا تعتمد عليها تمامًا. أثناء تكوين الخريطة الذهنية – التي شرحناها في النقطة السابقة- انظر إلى الخريطة الورقية أو الخريطة الإلكترونية حتى تربط بين الأماكن على الواقع وبين الخريطة، ولكن بعد ذلك لا تنظر إلى الخريطة وسر بدونها، ومن وقت لآخر انظر أعد النظر إلى الخريطة لضبط خريطتك الذهنية، ولكن لا تعتمد عليها في كل وقت حتى تمنح الفرصة لعقلك أن يكون الخريطة الخاصة به.

7- حافظ على اتجاهك وأنت تتجول: عندما تمشي إلى وجهة، أو حتى تتجول بلا هدف، فمن السهل أن تنسى مكانك أو الاتجاه الذي تتحرك نحوه، وهذا غير مفيد، بدلاً من ذلك، إذا استدرت يسارًا فكر "أنا الآن أتجه غربًا"، وتذكر ايضًا أين يقع المعلم الرئيسي بالنسبة لمكانك الآن.
على سبيل المثال ، إذا بدأت في التوجه مباشرة إلى برج إيفل، ولكن بعد ذلك استدرت يسارًا، فهذا يعني أن برج إيفل أصبح على يمينك، دوّر خريطتك الذهنية وتخيل مكانك من جديد، بهذه الطريقة ستعرف دومًا طريقة الذهاب إلى المنزل أو الفندق ولو كنت في مدينة تذهب إليها لاول مرة.

8- لا تتبع شخصًا آخر، أو تعتمد على سيارات الأجرة: أحد أكبر الأخطاء التي يقع فيها من يعانون من صعوبات الاتجاهات وتذكر الطرق هي مجرد اتباعهم للرفقاء، أو ترك سيارة الأجرة تأخذهم إلى الأماكن، بهذه الطريقة لن تعرف أبدًا طبيعة المكان وتتصوره ذهنيًا.
اكتشف كيف تصل إلى المكان بنفسك، نعم سوف ترتكب أخطاء، لكنك ستصل في النهاية، قد تتوه ولكنك ستتحقق من الخريطة وتصل.

9- طوّر خريطتك الذهنية باستمرار: أثناء التجول قم بتحديث الخريطة الذهنية باستمرار، انظر إلى الخريطة الورقية أو خريطة جوجل ثم أغلقها، واختبر مدى معرفتك للمدينة.

10- انتبه لأسماء الشوارع: لاحظ أسماء الشوارع أثناء التجول، وبعدها انظر لأسماء الشوارع على الخريطة، ستتعرف في النهاية على الشوارع المتجهة شرقًا وغربًاظن وشمالا وجنوبًا، وما هو ترتيبها.

11- ميّز الشوارع الرئيسية في خريطتك العقلية: كل حي له شوارعه الرئيسية، وما يوجد به من أماكن التسوق والمطاعم وخما إلى ذلك، تعرف على أماكن وجودهم، وضعهم بشكل بارز ومميز في خريطتك العقلية.
افعل الشيء نفسه مع الشوارع التي تحتوي الحدائق الرئيسية والأسواق والأماكن المميزة.

قد يبدو الأمر مُرهقًا ومتعدد الخطوات، وربما يعتبر البعض أن الاعتماد على تطبيقات التنقل المستندة على نظم التموضع العالمي Global Positioning System (GPS) كافيًا، وهي قد تساعدك كثيرًا على التنقل، وتضمن لك الوصول إلى المكان الذي تريد، ولكن الاعتماد عليها لا يسمح لعقلك بتكوين خريطته الخاصة بالمكان، بخلاف الخطوات السابقة والتي تجعلك تكتشف المكان وتدرك اتجاهاته ومعالمه بشكل حقيقي، وتستمتع بتجربة سياحة وسفر ممتعة.
من المفيد أيضًا تعليم الأطفال مهارات فهم الخرائط، وتكوين الخرائط الذهنية اثناء سفرهم، فهي مهارة مفيدة تساعدهم على الاستكشاف.
 

توصل العلماء في الأعوام الأخيرة إلى المنطقة المسؤولة في الدماغ البشري عن مهارات التنقل، والقدرة على تحديد الموقع ومعرفة الاتجاهات، وهي القشرة المخية الأنفية الداخلية entorhinal cortex، ويفسر التباين في الإشارات العصبية في هذه المنطقة سبب كون بعض الأشخاص ماهرين في تحديد الاتجاهات، بينما يعاني آخرون من صعوبات الجغرافيا والاتجاهات[4].
وفاز العلماء جون أوكيف، والزوجان ماي بريت وإدفارد موزر بجائزة نوبل في الطب عام 2014، بعد اكتشافهم لنظام GPS في الدماغ.
وتوصل العلماء إلى أن "خلايا الشبكة" Grid cells الموجودة في القشرة الأنفية، والمجاورة لمنطقة الحصين أو قرن آمون Hippocampus، هي التي تمكن الإنسان من التنقل، ومعرفة الاتجاه.
وكشفت الأبحاث أن تناقص القدرة على التنقل ومعرفة الاتجاهات عادة ما تكون من العلامات المبكرة للخرف ومرض ألزهايمر لأن المنطقة المحيطة بالقشرة الأنفية تتأثر مبكرًا بعوامل الشيخوخة وضعف الذاكرة.

أجاب فريق حلوها على سؤالٍ عن أعراض مرض الزهايمر عند الشباب بأنها تتخلص في الآتي: 
"من أعراض الزهايمر عند الشباب، تعرض المريض لصعوبات بعيدة عن الذاكرة، تتعلق بالتحكم في الأطراف.
- يبدأ مريض الزهايمر الشاب باستصعاب التواصل الاجتمالي، ويبدأ بالميل إلى العزلة.
- الارتباك.
- تظهر على المريض تغيرات في الشخصية والسلوك.
- سوء اتخاذ القرارات وعدم القدرة على إطلاق أحكام صحيحة.

ويعتبر مرض الزهايمر المبكر أكثر خطورة من مرض الزهايمر عند المسنين، لأن الأطباء يستبعدون عادة إصابة الشباب بالزهايمر فتكون نسبة الخطأ في التشخيص أعلى. وقد تسبب أعراض الزهايمر المبكر التي تظهر على الشباب في العمل أو البيت أو بين الأصدقاء مشاكل كثيرة دون إدراك أنها أعراض ألزهايمر. فقد يفقد المريض وظيفته ويفقد استقراره في بيته وتسوء علاقاته الاجتماعية ويلجأ إلى العزلة دون أن يدرك أن كل ما سبب هذه الأمور هو أعراض الزهايمر التي يمر بها".

وأخيرًا، فإن تطبيقات التنقل GPS تساعد كثيرًا على التنقل، ولكن الاعتماد الفائق عليها يضعف قدرة الدماغ على تكوين الخرائط الخاصة به، لذا فإن استخدامها بالشكل الصحيح يعمل على تطوير مهارات التنقل وتذكر الأماكن.
 

[1] مقال "عسر الاتجاهات" منشور في dyslexia-reading-well.com، تمت مراجعته في 10/12/2019. 
[2] مقال BRAIN GAMES "ألعاب العقل: كيف تُحسن إحساسك بالاتجاه" منشور في nationalgeographic.com، تمت مراجعته في 10/12/2019.
[3] مقال LEO BABAUTA "كيف تطور الإحساس بالاتجاه بشكل رائع؟" منشور في zenhabits.net، تمت مراجعته في 10/12/2019.
[4] مقال Simon Makin "خلايا الدماغ المسؤولة عن الشعور بالاتجاه" منشور في scientificamerican.com، تمت مراجعته في 10/12/2019.