دراسة تخصص الفلسفة ومستقبل قسم الفلسفة

ما هي الفلسفة؟ أقسام تخصص الفلسفة، مواد تخصص قسم الفلسفة، مجالات العمل والوظائف لقسم الفلسفة، أهمية دراسة الفلسفة، صعوبات وشروط دراسة تخصص الفلسفة
دراسة تخصص الفلسفة ومستقبل قسم الفلسفة

دراسة تخصص الفلسفة ومستقبل قسم الفلسفة

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

تعرف الفلسفة بأنها أم العلوم، فهي الحاجة المعرفية الأولى التي استخدمها الإنسان القديم في تفسير ما حوله من ظواهر وتحليل الأشياء والتنبؤ بالأمور التي سوف تحدث بشكل حتمي في المستقبل مثل تعاقب الليل والنهار، وهي الطريقة التي اتبعها الإنسان لفهم الوجود وخصائص البيئة، ولكن مع تطور الإنسان أمست اكتشافاته أكثر ومعارفه أعمق، وهنا بدأ ينشأ من الفلسفة علوم أخرى كانت بسيطة ثم تطورت حتى وصلت لما هي عليه في يومنا هذا، وفي هذا المقال سوف نضيء على دراسة الفلسفة كتخصص أكاديمي.

عادةً ما يكون تخصص الفلسفة قسماً من كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ويحصل الخريج في المرحلة الدراسية الأولى على ليسانس آداب قسم فلسفة بعد إتمام أربع سنوات دراسية، كما يعتبر قسم الفلسفة من التخصصات التي تتصل بعدد كبير من العلوم الأخرى في دراساتها العليا مثل علم النفس وعلم الاجتماع واللاهوت والعلوم الشرعية وغيرها.

التعريف بالفلسفة

يمكن وصف الفلسفة بأنها علم واسع وشمولي من حيث المجالات التي تدخل في اهتماماته ودراساته وتفسيراته، ومن هنا كان الاختلاف في وضع تعريف واضح جامع ومانع لهذا العلم حتى بين أئمّته وأهم رواده.
الفلسفة باللغة تأتي من مصطلح (فيلوسوفيا Philosophy) المؤلف من شقين (فيلو) الحب و(صوفيا) الحكمة وبإعادة التركيب يمكن ترجمة معنى كلمة (الفلسفة) بشكل حرفي بأنها حب الحكمة، وهو مصطلح يوناني الأصل. [1]
أما تعريف الفلسفة كعلم فهنا يكمن الخلاف ولكن بشكل عام هو العلم الذي يهتم بالتفسير وفهم الموجودات وأسباب كل شيء في الحياة، ويقوم تفسير جميع الظواهر الطبيعية والإنسانية والاجتماعية والأخلاقية في علم الفلسفة اعتماداً على التفكير العقلاني والمنطقي.

animate

عندما ينهي الطالب المرحلة الثانوية في دراسته ويتأهل لمرحلة التعليم العالي يتوجب عليه اختيار الاختصاص العلمي الذي سوف يدرسه بناء على ميوله واهتماماته ومؤهلاته الشخصية والدراسية، وقبل اختيار أي تخصص سوف يكمل به مسيرته التعليمية من الضروري بالنسبة للطالب التعرف أكثر على ما سوف يلاقيه في هذا التخصص، وهنا نوضع أهم المقررات التي يتضمنها تخصص الفلسفة: [3]

  • مدخل إلى علم الفلسفة
  • مدخل إلى علم الاجتماع
  • مبادئ التفكير العلمي
  • المذاهب الفلسفية
  • علم الأخلاق
  • علم الجمال
  • المنطق
  • الميتافيزيقيا
  • نظريات فلسفية
  • نظرية المعرفة
  • الفلسفة اليونانية
  • الفلسفة العربية والإسلامية
  • تاريخ الفلسفة
  • الفكري السياسي
  • فلسفة الحضارات
  • فلسفة الطبيعة
  • علم اللاهوت
  • البحث العلمي
  • الفلسفة المعاصرة

أكثر ما يهم الطالب عند اختياره الاختصاص الجامعي الذي سوف يدرسه ويكمل به تعليمه الجامعي هو مسألة المجالات المهنية التي يؤهله هذا الاختصاص للعمل بها وفرص العمل التي يتيحها، ولكن ومع أهمية الفلسفة كعلم والمستوى الثقافي والمعرفي الذي يقدمه لمن يدرسه ولكن من عيوب الفلسفة كتخصص أكاديمي أنه قليل الطلب في سوق العمل ومجالاته المهنية محدودة، ومن المجالات العملية لتخصص الفلسفة: [2]

  • مجال التدريس: فجميع المدارس تتضمن مادة الفلسفة بأحد أقسامها في منهاجها في المرحلة الدراسة الثانوية، وهذه المادة بحاجة لمختص في الفلسفة.
  • مؤسسات البحث العلمي: وخاصة تلك المؤسسات ذات الطابع الاجتماعي والثقافي والسياسي، كالمؤسسات المتعلقة بشؤون السكان وكيفية تطوير المناهج التعليمية.
  • التخصص الأكاديمي: والمقصود هنا هو متابعة الدراسة بعد التخرج من درجة اللسانس (البكالوريوس) والعمل في حال الحصول على درجة الدكتوراه في مجال التعليم الجامعي لتخصص الفلسفة أو أحد فروعها أو شغل المناصب العلمية والإدارية في الجامعة.
  • الإرشاد النفسي والاجتماعي: حيث أن تخصص الفلسفة يتطرق في طبيعة محتواه العلمي لمجال علم النفس والاجتماعي، بالإضافة لتعلم الخريج منهجية التفكير العلمي المنطقي، ما يمكنه من المساعدة في مجال الإرشاد النفسي والاجتماعي والعلمي.
  • مؤسسات التنمية الاجتماعية: مثل المؤسسات التي تعنى بالمشكلات الاجتماعية التي تحتاج لحلول مبتكرة وتفكير عميق، بالإضافة للمعاهد التأهيلية والتنمية البشرية.
  • المؤسسات الثقافية: مثل دور النشر أو المكتبات أو المتاحف حيث يمكن لخريج الفلسفة بما يمتلكه من ثقافة عالية الإشراف على عمل هذه المؤسسات وشغل العديد من الوظائف فيها.
  • الوظائف الحكومية: بالإضافة لأن تخصص الفلسفة يعتبر شهادة جامعية عليا تؤهل الحاصل عليها لدخول عدة وظائف إدارية لا تحتاج إلى تخصص محدد مثل الأعمال المكتبية والتنظيمية.

الفلسفة كأحد العلوم الإنسانية تختلف عن العلوم التطبيقية ذات القوانين الحتمية والتجارب القطعية والنتائج الأكيدة، فهي علم نظري تنظيري تفسّر الموجودات بناء على فرضيات ونظريات ولكن هذه التفسيرات قابلة للتطور ولا تعتبر نهائية في نتائجها، وإنما هي عبارة عن تجليات فكرية يضعها الفيلسوف وينتظر نتائجها حيث يمكن أن تثبتها الملاحظة في الواقع ويمكن أن تنفيها، وهنا تكمن صعوبة دراسة تخصص الفلسفة وتتطلب بعض الشروط في شخصية الطالب الذي سوف يدرسه، ومن هذه الشروط:

  • القدرة على الربط بين النظريات الفلسفية والواقع: فالفلسفة كما ذكرنا علم نظري بحت ومجرد ومعظم أفكاره عامة لا تربط بشكل مباشر أو محدد بمثال واقعي، وهنا يحتاج الطالب لاجتهاد شخصي في تطبيق هذه النظريات على أمثلة ما تساعده في فهما.
  • الشخصية الحيادية: فالفلسفة تدرس جميع الموجودات أو المعارف بطريقة نقدية إلى حد معين وتطبق أحكام العقل والمنطق بشكل صارم في نتائجها، ما قد يتعارض مع بعض الأفكار الشخصية أو المعتقدات الدينية أو القواعد الاجتماعية لبعض الطلاب، وهنا يجب على الطالب التعامل معها كعلم بشكل حيادي ولا يجعلها تتناقض مع هذه الأمور.
  • القدرة على الحفظ: تحتاج الفلسفة من الطالب أن يكون قادر على حفظ قدر كبير من المعلومات، حيث تعد الفلسفة لغة قائمة بحد ذاتها يجب على الطالب أن يحفظ هذه اللغة بكل جوانبها ليستطيع أن يفهم لاحقاً ما سوف يدرسه في الفلسفة.
  • التفكير العقلاني المنفتح: فالفلسفة تحتوي على المنطق وعلى الأفكار المجردة، وهذه المجالات لا يمكن فهمها ما يطلق الطالب العنان لأفكاره ويتحرر من قيوده الفكرية.
  • الرغبة بدراسة الفلسفة والاهتمام بها: فليس جميع الأشخاص لديه القدرة على المتابعة في تخصص الفلسفة، فهي علم له خصوصية معينة تتطلب معايير عديدة يجب توفرها في من سيدرسه ولهذا يجب على الطالب أن تكون لديه الرغبة بهذا التخصص والاهتمام به.

الإنسان بطبيعته كائن مفكر ميزه الله تعالى بنعمة العقل عن سائر المخلوقات الأخرى، وهذه الطبيعة هي من ساعده على التطور حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم، والفضل في ذلك يعود للتفكير الفلسفي وحب المعرفة الذي أنتج باقي العلوم مصدر هذا التطور والتقدم، وبالحديث عن فوائد أو أهمية دراسة الفلسفة يمكن ذكر عدة نقاط ومنها: [1-2]

  • التفكير المنطقي: تمنح الفلسفة دارسها التفكير المنطقي العقلاني الذي يقوم على أحكام السبب والنتيجة في التعامل مع كل الموجودات وفهمها، فالفيلسوف يسعى لتفسير كل شيء ولا يقتنع أو يسلم بأي شيء ينافي أحكام المنطق والعقل.
  • الفلسفة علم متطور في أفكاره: حيث أن علم الفلسفة يدعم باقي العلوم من خلال التفكير الفلسفي، بمعنى أن الفلسفة موجودة بكل العلوم الأخرى ويمكن وصفها بأنها البذرة المبدعة الخصبة لأي حقل علمي، فالفيزياء مثلاً تقوم على قواعد ومبادئ وقوانين ثابتة والتفكير الفلسفي هو من فتح المجال لاكتشاف هذه القوانين وتطورها واكتشاف قوانين جديدة.
  • الفلسفة تنمي في دارسها حب المعرفة: من التعريف أو الترجمة اللغوية لكلمة الفلسفة (حب الحكمة) يتبن أن حب المعرفة شرط من شروط الفلسفة وبالتالي من الطبيعي أن تنمي في دارسها هذه الخاصية.
  • الاطلاع والثقافة: تعطي الفلسفة لمن يدرسها قدر كبير من المعلومات والثقافة، حيث أن الفلسفة تبحث في كل الموجودات وترتبط بجميع العلوم وكونها أم العلوم كما توصف، فدارس هذا التخصص سوف ينهل منها قدر كبير من المعرفة والثقافة حول هذه الموجودات والعلوم.
  • تساعد الفلسفة دارسها في تكوين فهم أعمقه لذاته ولمحيطه: فمن خلال حب دارس الفلسفة للمعرفة ورغبته الملحة في فهم المجودات وتفسير كل ما حوله، وبسبب الطبيعة البشرية بأن أقصى ما يسعى إليه الإنسان هو التعرف على نفسه، فهاتين الخاصيتين تساعدان دارس الفلسفة على الغوص في أعماقه وفهم ذاته بشكل أفضل.

كما ذكرنا فالفلسفة تعتبر علم شمولي في اهتماماته فكل شيء مرتبط بالفلسفة، وكل علم يتضمن جانب ومصدر فلسفي في أدبياته ومسلماته العلمية، ومن هنا يمكن القول أن الفلسفة مصدر لجميع العلوم والمعارف، وبالتالي من الطبيعي أن تكون الفلسفة علم متشعب في فروعه ومتنوع في اختصاصاته ومجالات اهتمامه، ومن فروع وأقسام الفلسفة يمكن ذكر:

  • الميتافيزيقيا: يمكن وصف الميتافيزيقيا بأنها ذلك الشق النظري من الفلسفة، والتي ينصب اهتمامها على دراسة وتحليل وتفسير أصل الأشياء ومصدرها ونشوئها وبنيتها الأساسية وأًصل الكون ومفاهيم الزمان والمكان والسببية، ولذلك سميت بعلم الماورائيات أو ما وراء الطبيعة، فهي تبحث أيضاً في وظيفة الموجودات وحركتها وتغيراتها وتطورها، فالثمرة مصدرها النبتة والنبتة مصدرها البذرة والبذرة ربما يكون مصدرها شكل متطور من نبتة أخرى وهكذا. [4-5]
  • نظرية المعرفة (الأبيستيمولوجيا): يمكن وصف نظرية المعرفة بأنها جوهر وعمق الفكر الفلسفي، فهي لا تبحث في أحد مجالات المعرفة وإنما تبحث في المعرفة بحد ذاتها من حيث هل المعرفة والحقيقة هي مطابقة لما ندركه في الواقع أم أن ما ندركه هو مجرد انعكاس لما تتيح لنا حواسنا إدراكه؟ بمعنى أن نظرية المعرفة تبحث في تلك العلاقة بين الذات العارفة المدركة (الإنسان) من جهة والموضوع المعروف أو المدرك (سائر الموجدات) من جهة أخرى، وتقسم نظرية المعرفة إلى مناهج عدة مثل منهج الشك (الريبية) ومنهج الل أدرية، والمنهج اليقيني، ومنهج الشك المنهجي، ولك هذه المناهج طرحه الخاص في نظرية المعرفة.
  • الأخلاق: هو المجال الفلسفي الذي يبحث في الحالة المثالية للإنسان أي كيف يجب أن يكون وما هي المعايير التي يجب أن تحدد الخير والشر في السلوك الإنساني، وكيف تتغير هذه المعايير وفقاً للبنى الأخلاقية المختلفة بين المجتمعات بسبب اختلاف العوامل الدينية والفكرية والاقتصادية والمعيشية، كما وتدرس مصدر هذه الأخلاق وضرورتها بالنسبة للفرد والمجتمع، وكيف تعمل على الرقي بالفرد البشري من السلوك الغريزي إلى السلوك الأخلاقي أو الاجتماعي.
  • المنطق: هو ذلك الشق الفلسفي الذي يبحث في منهجية أو طريقة التفكير العلمي الذي يقوم على أسس الاستدلال والاستنتاج والبراهين، والذي يستخلص النتائج الأكيدة من المقدمات المنطقية بشكل متسلسل ومجرد، يستخدم المنطق كحاكم للعلوم أو معيار لها حيث تكمن حقيقة المعرفة التي يقدمها أي علم في مدى تطابقها مع المعايير المنطقية من حيث نتائجها ومنهجيتها.

المراجع