أخلاقيات الإنترنت واستخدام التكنولوجيا الحديثة

تعرف إلى أخلاقيات استعمال الانترنت والتكنولوجيا الحديثة وآداب مواقع التواصل الاجتماعي
أخلاقيات الإنترنت واستخدام التكنولوجيا الحديثة

أخلاقيات الإنترنت واستخدام التكنولوجيا الحديثة

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يثير الاعتماد المتزايد على الانترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة تساؤلاتٍ ومعضلاتٍ أخلاقيةٍ كبرى، منها ما باتت تساؤلات تقليدية كمخاوف الخصوصية، وآليات جمع البيانات واستخدامها، والتنمر والإساءة، إضافة إلى توجيه الرأي العام من خلال انتقاء المحتوى الذي يظهر في وقت معين لأشخاص معينين...إلخ، ومنها ما يعتبر "جدلاً أخلاقياً طازجاً" حول إزاحة الإنسان من حياته وإحلال الآلة والذكاء الصناعي مكانه بشكل شبه كامل! لنتعرف معاً إلى أخلاقيات الانترنت والتكنولوجيا الحديثة وصولاً للذكاء الاصطناعي وأهمية الالتزام بها.

أخلاقيات الانترنت (بالإنجليزية: Internet Ethics) هي مجموعة الضوابط والمبادئ الأخلاقية التي تنظّم وتحكم استخدام الأشخاص للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وتسعى أخلاقيات استخدام الإنترنت لتحديد السلوكيات المقبولة وغير المقبولة أثناء استخدام الشبكة العالمية بما فيها من مواقع وبرمجيات وتطبيقات، وأهم قضاياها انتهاك حقوق الطبع والنشر وانتهاك الخصوصية.

أخلاقيات الانترنت منظومة أخلاقية بالدرجة الأولى وليست دائماً مرتبطةً بقوانين رسمية، لكن هناك الكثير من أخلاقيات الانترنت تحوّلت إلى قواعد قانونية مبنيّة على حقوق المستخدمين التي يعتبر انتهاكها "جريمةً إلكترونية"، منها مثلاً الابتزاز الالكتروني والسطو على حقوق الملكية الفكرية وحقوق الطبع والنشر، واستعمال المعلومات الشخصية للمستخدمين بدون تصريح.

animate

لا تقع مسؤولية الالتزام بأخلاقيات الانترنت على عاتق الأفراد والمستخدمين للشبكة العالمية وبرمجياتها فقط، بل إن الحكومات والمؤسسات الكبرى تتحمّل المسؤولية الأكبر لتطبيق وترسيخ أخلاقيات الإنترنت والدفاع عنها، وأهم هذه الأخلاقيات أو القضايا التي تدور حولها أخلاقيات الإنترنت:

  1. احترام الخصوصية والحفاظ عليها: مشاكل الخصوصية هي المعضلة الكبرى في أخلاقيات الانترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة، حيث تتحوّل مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصّات مراقبة للمستخدمين على مدار اليوم، تقوم بجمع بياناتهم بطرق قانونية وغير قانونية، واستخدامها اعتماداً على موافقة المستخدم على الشروط والأحكام التي لا يقرأها، أو حتى بطرق أخرى بدون تصريح أو موافقة، ولاستخدامات تجارية إعلانية أو بحثية أو سياسية أو غيرها.
  2. الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية: من أهم أخلاقيات الانترنت احترام حقوق الملكية الفكرية وحقوق الطبع والنشر للمالك القانوني للمحتوى المرئي أو المكتوب أو المسموع المنشور على الشبكة العالمية أو خارجها، ولا يكون ذلك فقط بالاعتماد على تاريخ النشر -من قام بالنشر أولاً- بل على الوثائق التي تثبت المليكة الفكرية، وعلى الرغم من وجود قوانين تفصيلية لحماية حقوق الملكية الفكرية، لكن الرهان الحقيقي على التزام المستخدمين أخلاقياً باحترام هذه الحقوق عند التحميل أو إعادة الاستخدام والنشر، خصوصاً في الدول التي لا تعير الملكية الفكرية أي اهتمام!
  3. التعامل مع البيانات بطريقة أخلاقية: البيانات الكبيرة "Big data" أصبحت تتحكم بالكثير من العمليات الاجتماعية والقرارات الرسمية، على سبيل المثال قد يتم الاعتماد على البيانات الكبيرة في توزيع الفرص على المواطنين وتخطيط التنمية، وقد يتم اللجوء للبيانات الكبيرة في المحاكم وفي الأبحاث الطبية وغيرها من الاستخدامات، لكن هل يتم النظر في حيادية هذه البيانات والضوابط التي يتم جمعها وتحليلها بناءً عليها!
  4. الحفاظ على حيادية الشبكة العالمية: من أبرز أخلاقيات الإنترنت الحفاظ على حيادية ظهور المحتوى دون أن يكون هناك جهات بعينها قادرة على تخطيط المحتوى بشكل انتقائي لخدمة مصالح معينة، على سبيل المثال يعتبر تقييد المحتوى المؤيد لقضية وطنية معيّنة لخدمة مصلحة الدول المتحكمة بالإنترنت خرقاً لأخلاقيات الانترنت وتهديداً لحرية مستخدميه حول العالم وحقّهم بالوصول إلى المعلومات الرقمية بشكل متوازن.
  5. حق الأشخاص بالوصول إلى الانترنت: ما زال هناك أشخاص حول العالم غير قادرين على الوصول إلى الانترنت أو وصولهم مقيّد، بالنسبة لجيل ما قبل الانترنت الذي ما زال يعتقد أن استخدام الانترنت رفاهية زائدة؛ قد يبدو وجود أشخاص غير قادرين على الوصول بسهولة للإنترنت أمراً غير ذي أهمية، لكن الحقيقة أن هؤلاء الأشخاص معزولون عن العالم ومحرومون من أحد أهم الوسائل التي ابتكرها الإنسان، وهناك مناشدات لجعل الوصول إلى الانترنت حقاً من حقوق الإنسان مثله مثل الوصول للماء الصالح للشرب والطعام والطاقة.
  6. احترام الثقافات والاختلافات بين المستخدمين: بما أن الانترنت فتح الأبواب أمام التواصل بين الأشخاص من ثقافات مختلفة وخلفيات دينية أو عرقية أو فكرية متعددة، كان لا بد من وضع احترام هذه الاختلافات والتسامح معها على رأس أخلاقيات الانترنت، والتعدي على الأشخاص المختلفين لا يتوقف عند تنمر المستخدمين عليهم، بل يتعدى ذلك إلى التحكّم بالدعاية العنصرية من مؤسسات ذات نفوذ وحتى حكومات وجماعات سياسية أو دينية.

أشار تقرير المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عام 2021 بشكل صريح إلى مخاطر الذكاء الاصطناعي على السلام العالمي! وضرورة دعم وتعزيز أخلاقيات استخدام تقنيات الذكاء الصناعي للحفاظ على الإنسانية من الآثار الخطيرة لتطبيقاته، ومّما جاء في التقرير نصاً:

"تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تقدم خدمة عظيمة للإنسانية ويمكن لجميع البلدان الاستفادة منها، ولكنها تثير أيضاً مخاوفاً أخلاقية أساسية، على سبيل المثال فيما يتعلق بالتحيزات التي يمكن أن تدمجها وتفاقمها، والتي قد تؤدي إلى التمييز وعدم المساواة والفجوات الرقمية والاستبعاد والتهديد للتنوع الثقافي والاجتماعي والبيولوجي والانقسامات الاجتماعية أو الاقتصادية.
وأيضاً الحاجة إلى الشفافية وسهولة فهم طريقة عمل الخوارزميات والبيانات التي تم تدريب الذكاء الصناعي عليها وتأثيرها المحتمل على كرامة الإنسان وحقوق الإنسان والحريات الأساسية والمساواة بين الجنسين والديمقراطية والعمليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والممارسات العلمية والهندسية ورعاية الحيوان والبيئة والنظم البيئية على سبيل المثال لا الحصر
".

وحتى الآن ما تزال أبعاد دخول الذكاء الصناعي إلى حياتنا اليومية غير واضحة، لكن يمكن ذكر أهم أخلاقيات الذكاء الصناعي التي يجب مراعاتها عند استخدام البرمجيات والتطبيقات المعتمدة عليه:

  • صيانة التراث العالمي والإرث التاريخي والحضاري للشعوب والثقافات من التزييف والتلاعب والمحو وقطبية السيطرة على تطبيقات الذكاء الصناعي.
  • حماية هوية الأشخاص من الانتحال والتزييف العميق واستخدام صورهم أو أصواتهم بصورة غير مصرح بها.
  • حماية المستخدمين من استعمال بياناتهم الخاصة استعمالاً غير أخلاقي لتطوير برمجيات الذكاء الصناعي.
  • حماية المنظومة التعليمية والتربوية من آثار الذكاء الصناعي، وقد أشارت منظمة اليونيسكو أن الذكاء الصناعي قد يكون له تأثير سلبي على العقل البشري وآليات التفكير.
  • ضمان حق الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي للجميع، خوفاً مما يسببه تخلف بعض الدول والمجتمعات عن تقدم الذكاء الصناعي من حروب وانقسامات.
  1. استخدام لغة إنسانية-أخلاقية: أهم آداب استخدام الانترنت مراعاة لغة الخطاب والتواصل سواء في صناعة المحتوى المكتوب أو المرئي أو المسموع أو في التواصل المباشر والتعليقات، استخدم كلمات مهذبة ومناسبة عندما تتواصل مع أي شخص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتجنب خطاب الكراهية والتنمر والبذاءة.
  2. احترم الاختلافات الثقافية: آداب استخدام مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن احترام ثقافة الآخرين ومعتقداتهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم وآرائهم الخاصة، تجنّب نشر أو مشاركة المحتوى الذي يسخر من الأديان والمعتقدات والعادات والتقاليد أو يحرض على أتباعها.
  3. لا تنتهك خصوصية الآخرين: من غير الأخلاقي استخدام صور الآخرين أو معلوماتهم الشخصية بأي طريقة من شأنها أن تزعجهم أو تضر بهم أو تهدد سلامتهم أو مصالحهم، ومن آداب الانترنت أن تحترم حدود الخصوصية التي يحددها الآخرين لحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
  4. احترم حق الآخرين برفض التواصل: أبرز آداب استخدام مواقع التواصل الاجتماعي احترام حق جميع المستخدمين بقبول أو رفض التواصل والمشاركة، لا تحاول فرض التواصل مع الآخرين من خلال إرسال الرسائل أو الملاحقة بالتعليقات أو استخدام حسابات متعددة.
  5. استخدم هويتك الحقيقية: احذر من انتحال شخصية مستخدم آخر أو استعمال بيانات مزيفة وشخصيات وهمية خصوصاً إذا ترتب على ذلك عمليات خداع أو احتيال أو ابتزاز! استخدام الهوية الحقيقية إن لم يكن يشكّل خطراً عليك هو أهم أخلاقيات وآداب مواقع التواصل الاجتماعي.
  6. لا تشارك في نشر الشائعات: عندما تريد مشاركة خبر يجب أن تتأكد من صحته، فمشاركة الأخبار الكاذبة والشائعات قد تكون لها آثار سلبية عليك وعلى محيطك وعلى المجتمع بالكامل، تجنب مشاركة أي خبر أو معلومة إن لم تكن متأكّداً من المصدر.
  7. لا تسرق جهود الآخرين: عند مشاركة معلومات في شكل صور أو كتابات أو مقاطع فيديو تخص الآخرين، تأكد من ذكر المصدر لإظهار تقديرك لأعمال الآخرين ولا تقم بنسخ أي محتويات ولصقها دون ذكر المصدر.

أخلاقيات الانترنت هي الضمانة الوحيدة لتجنّب الآثار السلبية -التي قد تكون كارثية- لاستخدام التكنولوجيا الحديثة، وفي الحقيقة لا يمكن القول أن أخلاقيات الانترنت فريدة أو جديدة بالكلية، بل هي محاولة لنقل المبادئ الأخلاقية الإنسانية العامة إلى ميدان شبكة الانترنت العالمية التي بدت خارج هذه المنظومة منذ انطلاقها وانتشارها.

قد تكون القوانين وحدها غير كافية وغير قادرة على ردع الجرائم الإلكترونية أو التقليل من آثار إساءة استخدام الانترنت والتكنولوجيا الحديثة، وبالطبع الاعتماد الأساسي على توعية المستخدمين بضرورة الالتزام بأخلاقيات الانترنت ووضع التساؤلات والقضايا الأخلاقية المتعلقة باستخدام الشبكة العالمية موضع الاهتمام الشخصي والجاد، لكن سيظل للقوانين الرسمية أهمية كبيرة في تنظيم عملية استعمال الانترنت والبرمجيات الحديثة وحماية المجتمع البشري من ويلات الذكاء الاصطناعي المقبلة!

المراجع