كيفية التعامل مع الشخص الذي يلعب دور الضحية

في حياتنا اليومية قد نلتقي بأشخاص دائمًا ما يبدو أنهم في موقف دفاعي، ويشعرون بأن العالم يقف ضدهم، هذه هي الشخصية التي تمثل دور الضحية، وهي سمة شائعة قد تؤثر بشكل كبير على علاقاتنا الشخصية والمهنية، لكن لماذا يلعب البعض دور الضحية دائماً! وما هي الأسباب الكامنة وراء تمثيل دور الضحية؟ وكيف يمكننا التعامل مع هؤلاء الأشخاص، خاصة في علاقاتنا العاطفية؟ في هذا المقال، سنتناول صفات الشخص الذي يلعب دور الضحية ودوافعه وكيفية التعامل مع شخصية الضحية.
شخصية الضحية أو الشخص الذي يمثل دور الضحية هو الشخص الذي يعرض نفسه بشكل دائم على أنه متضرر أو ضحية للظروف أو الآخرين، حتى عندما لا يكون هناك دليل واضح على ذلك، وغالبًا ما يُظهر هذا الشخص سلوكيات تشير إلى أنه يعاني من معاملة غير عادلة أو مواقف سلبية خارجة عن إرادته، ويقوم بتفسير الأحداث اليومية بطريقة تبالغ في تصوير نفسه كضحية، وقد تكون شخصية الضحية متشبثة بأفكار ومشاعر مثل "لم أستحق هذا" أو "لم أكن لأصل إلى هنا لولا أنني تعرضت للظلم".
الشخصية التي تلعب دور الضحية دائماً تعاني من تقدير منخفض للذات ومشاعر مشوّشة ومزاج متقلب، وتجد الدخول في حالة درامية من ادّعاء المظلومية ولعب دور الضحية طريقةً للنجاة من عواقب الأفعال أو الحصول على ما تريد من خلال الابتزاز العاطفي، وعادة ما تكون الشخصية الدرامية أو التي تلعب دور الضحية من الشخصيات السامّة في العلاقات الشخصية والعاطفية.

- الشعور المستمر بالظلم: يشعر الشخص الذي يمثل دور الضحية دائمًا بأنه يتعرض للظلم أو المعاملة غير العادلة، حتى في غياب أي دليل على ذلك، كما يميل هذا الشخص إلى تفسير الأحداث والمواقف اليومية بطريقة تركز على أنه دائمًا ما يقع في الجانب الخاطئ من الأمور.
- ادّعاء العجز عن التغيير: يدّعي وربما يعتقد الشخص الذي يلعب دور الضحية أنه لا يستطيع تغيير وضعه أو تحسين حياته، ويفضل إلقاء اللوم على الظروف أو الآخرين بدلاً من تحمل المسؤولية أو البحث عن حلول عملية لتحسين حالته.
- البحث عن الاهتمام والتعاطف: يسعى الشخص الذي يمثل دور الضحية دائمًا لجذب انتباه الآخرين وطلب التعاطف، حيث يركز على معاناته الشخصية ليحصل على دعم عاطفي مستمر، مما يخلق علاقة تعتمد على الشفقة أكثر من الدعم المتبادل.
- إلقاء اللوم على الآخرين: بدلاً من تحليل مواقفه الخاصة، يميل صاحب شخصية الضحية إلى إلقاء اللوم على الأشخاص أو الظروف كسبب رئيسي لأي مشكلة يواجهها، مما يعزز شعوره بالعجز ويمنعه من معالجة مشكلاته بشكل فعال.
- التركيز على السلبية دائماً: يركز الشخص الذي يمثل دور الضحية بشكل حصري على الجوانب السلبية في حياته، متجاهلًا أي إيجابيات أو فرص يمكن أن تحسن من حالته، مما يعزز مشاعر اليأس والإحباط ويمنعه من اتخاذ خطوات لتحسين وضعه.
- الانتقاد المستمر للآخرين: دائمًا ما يلجأ هذا الشخص إلى انتقاد الآخرين، معتبرًا أنهم السبب الرئيس في مشكلاته، مما يعيق تطور علاقاته الشخصية ويجعل من الصعب التواصل بشكل بنّاء مع المحيطين به.
- تجنب المسؤولية: يتجنب الشخص الذي يمثل دور الضحية تحمل المسؤولية عن أفعاله أو اختياراته، ويؤمن بأن كل ما يحدث له هو نتيجة لأفعال الآخرين أو الظروف، مما يمنعه من التعلم أو النمو الشخصي.
- الميل إلى الانسحاب: يفضل صاحب شخصية الضحية الانسحاب من المواقف الاجتماعية أو المهنية الصعبة بدلاً من مواجهتها، معتقدًا أن الأمور لن تتحسن، مما يعزز شعوره بالعجز ويقلل من فرصه في التقدم.
- عدم القدرة على التسامح: يميل الشخص الذي يمثل دور الضحية إلى الاحتفاظ بالضغائن وعدم التسامح مع الآخرين، مما يعيق قدرته على الشفاء العاطفي والاستمرار في بناء علاقات صحية أو التقدم في حياته.
كيف أتعامل مع شخص يمثّل دور الضحية؟ يعتمد التعامل مع شخص يمثل دور الضحية على التفهّم أولًا والتأكّد إن كان سلوكه مرتبطًا بمشاكل نفسية أم هو أسلوب يهدف للابتزاز العاطفي، وربما أهم وسيلة للتعامل مع شخص يلعب دور الضحية حرمانه من هذا الدور وإجباره على الاتصال بالواقع دون الضغط عليه، وتلعب طبيعة العلاقة بينك وبينه دوراً كبيراً في تجديد كيفية التعامل معه، إليك هذه النصائح:
- التعاطف والإنصات: حاول أن تكون متعاطفًا وأصغِ جيدًا لما يقوله الشخص الذي يمثل دور الضحية، ففي بعض الأحيان قد يكون الشخص بحاجة إلى الشعور بأن هناك من يفهمه، لذا فإن إظهار الاهتمام بمشاعره قد يساعد في تهدئة الموقف وتحقيق نوع من الاتصال العاطفي.
- تشجيعه على تحمّل المسؤولية الشخصية: بدلاً من الانجراف في مسار لوم الآخرين أو الظروف، حاول تشجيع الشخص الذي يلعب دور الضحية على تحمل المسؤولية عن أفعاله، يمكنك طرح أسئلة مثل: "ماذا يمكنك أن تفعل لتحسين الوضع؟" أو "كيف يمكنك التفاعل بشكل مختلف في المستقبل؟" هذا يشجعه على التفكير بشكل إيجابي وتطوير مهاراته في حل المشكلات.
- رسم حدود واضحة: إذا أصبح الشخص الذي يمثل دور الضحية مفرطًا في الشكوى أو طلب التعاطف دون بذل جهد لتغيير سلوكه، من المهم أن تضع حدودًا واضحة، فيمكنك أن تقول: "أفهم أنك تشعر بالألم، ولكننا بحاجة للعمل معًا لتجاوز هذه المشكلة بدلاً من التركيز على السلبيات."
- تشجيعه على التفكير الإيجابي: حاول توجيه الشخص نحو رؤية الأمور من زاوية أكثر إيجابية، قد يساعد أن تذكره بالإنجازات أو الفرص التي قد فاتته بسبب تركيزه على السلبيات، كما أن عرض الحلول بدلاً من إبراز المشكلات يمكن أن يساهم في تشجيعه على تغيير تفكيره.
- التواصل الحازم: من المهم أن تكون حازمًا عند التعامل مع الشخص الذي يمثل دور الضحية، فقد تحتاج إلى أن تكون صريحًا بخصوص تأثير سلوكه على الآخرين، ولكن من دون أن تكون جارحًا، يمكنك استخدام عبارات مثل: "أفهم أنك تشعر بالظلم، ولكن عندما تستمر في لوم الآخرين، لن نتمكن من إيجاد حل."
- تقديم الدعم المحدود: إذا كان الشخص الذي يلعب دور الضحية يطلب الدعم أو العون باستمرار، قدم له المساعدة في شكل محدد وواضح، فبدلاً من أن تكون مستمرًا في تقديم التعاطف الزائد، قدم له أفكارًا عملية لتجاوز مشكلاته بشكل مستقل، هذا سيساعده على أن يصبح أكثر استقلالية ويقلل من اعتماده على الآخرين.
- منعه من الانغماس في التذمر: عندما يبدأ الشخص في الشكوى المفرطة أو يعرض نفسه كضحية، حاول أن تبقى موضوعيًا وتتجنب الانغماس في نفس النمط، فإذا كنت تشعر أن النقاش يتحول إلى دائرة مفرغة من التذمر، يمكنك أن تقول: "لقد سمعنا هذه النقطة بالفعل، هل يمكننا التفكير في خطوات لتحسين الوضع؟"
- البحث عن الدعم المهني: في بعض الحالات، قد يحتاج الشخص الذي يمثل دور الضحية إلى مساعدة من متخصص في الصحة النفسية، فإذا كنت تشعر أن سلوكه يؤثر سلبًا على حياته أو على علاقتكما، قد يكون من المفيد تشجيعه على طلب الدعم المهني.
- الابتعاد عند الضرورة: إذا كانت شخصية الضحية تؤثر عليك بشكل كبير أو تستهلك طاقتك العاطفية، قد يكون من الأفضل أن تبقي مسافة صحية، فالعلاقات الصحية تتطلب توازنًا، وإذا كنت تشعر أن المحادثات تتكرر ولا تؤدي إلى أي تغيير، فقد تحتاج إلى الابتعاد لبعض الوقت للحفاظ على صحتك النفسية.

- من أهم أسباب لعب دور الضحية تعرض الشخص لصدمات نفسية أو تجارب مؤلمة في الماضي مثل الإساءات العاطفية أو الجسدية، حيث يقوم بتطوير سلوك تمثيل دور الضحية كآلية للتعامل مع هذه الصدمات، ويعكس هذا السلوك محاولة للهروب من الألم العاطفي أو لجذب الانتباه والتعاطف من الآخرين.
- الشعور بالعجز أو القلة في التحكم، فالأشخاص الذين يعانون من شعور بالعجز أو قلة التحكم في حياتهم قد يتخذون دور الضحية كطريقة للتهرب من المسؤولية عن مشاكلهم. وفي هذه الحالة، يصبح اللوم موجهًا دائمًا إلى الظروف أو الآخرين بدلًا من اتخاذ خطوات لتحسين الوضع.
- البعض يلجأ إلى تمثيل دور الضحية للحصول على اهتمام الآخرين أو دعمهم العاطفي. من خلال هذا الدور، يجد الشخص راحة نفسية مؤقتة نتيجة للشعور بالشفقة والاهتمام، مما يلبّي حاجته للتقدير والاعتراف.
- الأشخاص الذين نشأوا في بيئات مليئة بالانتقاد أو السلبية قد يتعلمون سلوك تمثيل دور الضحية كطريقة للتكيف مع بيئتهم، فإذا كانت الأسرة أو المحيط الاجتماعي يميلون إلى الشكوى المستمرة، فقد يكتسب الشخص هذا السلوك باعتباره رد فعل طبيعي على البيئة المحيطة به.
- من أسباب لعب دور الضحية والشخصية الدرامية أيضاً انخفاض الثقة بالنفس، فالأشخاص الذين يعانون من تدني احترام الذات أو قلة الثقة بالنفس قد يتجهون إلى تمثيل دور الضحية كطريقة لإخفاء مشاعرهم الداخلية من النقص أو العجز. بدلاً من مواجهة هذه المشاعر، يميلون إلى إلقاء اللوم على الظروف أو الأشخاص في حياتهم.
- لعب دور الضحية من أساليب التكيف مع التوتر والضغوط النفسية، وقد يستخدم بعض الأشخاص تمثيل دور الضحية كآلية دفاعية للتعامل مع الضغوط النفسية، وهذا السلوك يوفر لهم وسيلة للهروب من المواقف المجهدة أو الصعبة التي قد تكون خارج نطاق سيطرتهم.
- في بعض الأحيان قد يدفع الشخص إلى تمثيل دور الضحية من خلال تأثير المجتمع أو الثقافة التي يتفاعل معها، فإذا كان المجتمع يعزز هذا السلوك أو يقدره، قد يتبنى الشخص هذا الدور كطريقة للظهور كضحية، وبالتالي يحصل على التعاطف والدعم من المحيطين به.
- الأفكار السلبية والمعتقدات التدميرية التي يتبناها بعض الأشخاص بشكل مستمر عن أنفسهم وعن العالم من حولهم قد تدفعهم إلى تمثيل دور الضحية، فهؤلاء الأشخاص يعتقدون أن الحياة دائمًا ضدهم، ويشعرون بالعجز الدائم، مما ينعكس في سلوكهم وفي طريقة تعاملهم مع مواقف الحياة.
- الاستماع والتعاطف بشكل صحي: الشخص الذي يمثل دور الضحية في الحب والعلاقات العاطفية أو الزواج قد يحتاج إلى شعور بالاستماع والاهتمام، لذا من المهم أن تكون متفهمًا لمشاعره، ولكن يجب أن يكون التعاطف ضمن حدود معقولة، استمع له، ولكن تجنب أن تقع في فخ تقديم الدعم الزائد الذي قد يعزز من سلوكه.
- تحميل شخصية الضحية المسؤولية: لضمان علاقة عاطفية أو زوجية صحية يجب أن يتحمّل الشخص الذي يلعب دور الضحية مسؤولية أفعاله وتصرفاته وأقواله، هذا لا يعني ألّا يكون الشريك داعماً أو غياب التسامح بين الشريكين، لكن منع الشخص الذي يلعب دور الضحية من التملص من مسؤولياته بنوبات الدراما!
- منع الشريك من الانغماس في دور الضحية: إذا استمر الشخص في تمثيل دور الضحية بشكل مفرط في العلاقة العاطفية أو الزوجية، من الضروري وضع حدود واضحة، أخبره بشكل لطيف لكن حازم أن سلوكه مرهق، وأوضح أن العلاقة تحتاج إلى تفاعل إيجابي، ولا تسمح له بالاستغراق في لعب هذا الدور.
- دعم النمو الشخصي للشريك: يمكن تشجيع الشريك الذي يلعب دور الضحية على تطوير ثقته بنفسه وتحمل المسؤولية عن حياته، من خلال تشجيعه على اتخاذ خطوات نحو التغيير مثل التعرف على الذات أو طلب المساعدة الاحترافية في حال كان يعاني من مشاعر العجز.
- تجنب الوقوع في فخ اللوم: قد يلجأ الشخص إلى إلقاء اللوم الشريك بشكل مرهق، لذا من المهم ألا تنغمس في هذا الفخ، بل حافظ على تواصل بنّاء يركّز على الحلول بدلاً من التركيز على اللوم المتبادل، لا تحاول أن تثبت أنك أنت الضحية بل أثبت أنكما قادران على بناء علاقة لا ضحايا فيها!
- مواجهة المشكلات معًا: الشخص الذي يمثل دور الضحية قد يتجنب مواجهة المشكلات بشكل مباشر، فيجب تشجيعه على مواجهة القضايا المشتركة بطريقة بناءّة، مثل تخصيص وقت للتحدث عن المشكلات والعمل معًا لإيجاد حلول.
- التعامل مع الأوقات الصعبة بحذر: في أوقات الضغط أو الأزمات، قد يعبر الشخص عن مشاعر الضحية، حاول أن تكون داعمًا عاطفيًا، ولكن لا تدعه يعتمد عليك بشكل مفرط لتجاوز مشكلاته، من المهم تقديم دعم مع تحفيزه على إيجاد حلول للمواقف.
- الدفع نحو النقاش والمواجهة: قد يتجنب الشخص الذي يمثل دور الضحية الصراع خوفًا من تأثيره على العلاقة، فمن الضروري تشجيع النقاش المفتوح والصريح حول أي مشكلات، مع التأكيد على أن كل علاقة تحتاج إلى مواجهة التحديات بشكل بنّاء.
- الاهتمام بصحتك النفسية: في علاقة مع شخص يمثل دور الضحية، قد تؤثر هذه الديناميكية على صحتك النفسية، لذا من الضروري أن تعتني بنفسك وتحافظ على توازنك العاطفي، حافظ على مساحة صحية بين دعمك لشريكك ورفاهيتك الشخصية.