كيف أتقبل وجود أبي في حياتي مرة أخرى؟

كيف أتقبل وجود أبي في حياتي مرة أخرى؟ أنا بنت، عمري 18 سنة، عندما كان عمري 5 سنوات رأيت بأم عيني كيف كان أبي وأمي يضربان بعضهما دون أي اعتبار لصغر سني، حتى إن أمي كانت توقظني فجراً، والضوء خارجًا قليل، والجو بارد، وتلبسني جاكيت بسرعة، وترسلني إلى بيت جدتي كي تكمل شجارها مع أبي، ولا أعود إلا في الليل، كانت شجاراتهما مبالغًا فيها، صراخ قوي من الحنجرة، ويرميان الأثاث على بعضهما
أول ما دخلت الصف الأول الابتدائي، أبي وأمي تطلقا، بعد الطلاق سافر أبي واختفى، ولم نسمع عنه شيئًا، عشت أنا وأمي في بيت جدتي، وكانت جدتي تهين أمي أمامي، وتقول لها: "زوجتك، والآن أنت عالة علي، أنت وبنتك،" وبعد سنتين تزوجت أمي وتركتني في بيت جدتي، وذهبت مع زوجها وأنجبت أطفالًا منه
كبرت في بيت جدتي، وكانت علاقتي بها مبنية على الخدمات، فهي قاسية الطبع بعض الشيء، ولكن لا أنكر فضلها بسماحها لي بالعيش معها، المهم أنني ربيت نفسي بنفسي، والحمد لله علاماتي الدراسية مرتفعة، وانتقيت الصحبة الجيدة، ولم أدخل في أي علاقة محرّمة، كانت أمي تزورنا، لكنها لم تأخذني إلى بيتها أبدًا، علاقتي بأولادها محترمة وتميل إلى الاحترام المتبادل، أنا أحب أمي، لكنها لم تشترِ لي شيئًا في حياتي، لا ملابس ولا أدوات مدرسية، جدتي كانت تعطيني من مصروفها، وزوجة خالي كانت ترسل لي مستلزمات نسائية دائمًا، لكن على الأقل أقول إن أمي تزورني، بعكس أبي
بعد وصولي إلى هذا العمر، رجعت يومًا إلى البيت فوجدت جدتي متوترة بعض الشيء، وجلستني وقالت لي: "أريدك في موضوع،" بعدها أخبرتني أن أبي زارها في الصباح، وكان يريد رؤيتي، لكنها قالت له إني غير موجودة، وطلبت منه أن يأتي يوم الجمعة، أنا رفضت، وقلت لها لا أريد أن أراه، لأنني لا أعرف كيف سأتصرف، وسأكون متوترة في هذا الموقف، كما أنني نسيت وجهه تمامًا، حتى لو مشى بجانبي لن أعرفه
قالت لي جدتي: "شوْفيه، يمكن يكون عنده شيء مهم،" وسألته هي أين كان، فاتضح أنه مستقر في دولة أخرى، ومتزوج امرأة من جنسية تلك الدولة، ولديه أيضًا أطفال، وهو جاء مؤقتًا إلى هنا، شعرت أنني في موقف غريب، ولم أنم وأنا أحاول تذكّر وجهه، صحيح أنني أتذكر شجاراته مع أمي وبعض مواقفه، لكنني حرفيًا نسيت شكله
لم أعرف لمن أحكي، وصديقاتي يعرفن أن والديّ مطلقان، لكنني لم أخبرهن بالقصة الكاملة، ولم أقل لهن إن أبي مختفٍ، ولم أكذب عليهن، فقط لا أتكلم عنهما، اتصلت بأمي وأخبرتها بكل شيء، فسكتت لثوانٍ ثم قالت: "إذا رأيتِ أباكِ، لا أنا أمكِ ولا أعرفكِ،" ثم أغلقت الخط، اتصلت بجدتي وأخبرتها ألا تستقبل أبي، فقالت لها جدتي: "اهتمي بزوجك وأولادك، وليس لكِ علاقة بأي أحد،"
وجاء يوم الجمعة، وكنت خائفة ومتوتّرة، بعد دخول أبي إلى البيت ورؤيتي، بدأ يبكي بهستيرية ويحتضنني، وأنا لم تكن لدي أي ردّة فعل تُذكر، أحضر معه هدايا، وكنت معه كأنه رجل غريب لأنني لم أعتد عليه، حاولت أن أُظهر بعض المشاعر له، لكنني فشلت، كان ينظر إليّ ويقول: "ما شاء الله، بنتي كبرت وأصبحت شابة،" وأنا فقط ابتسمت له، لا أنكر أن رائحته كانت سجائر بشكل مبالغ فيه، لدرجة أن الأكسجين الذي أتنفسه أمامه كله سجائر
شككت في أمرٍ آخر – أستغفر الله – أعلم أنه أبي، لكنني فكرت ربما يستخدم شيئًا أكثر من السجائر، إلى أن تكلّم مع جدتي من تلقاء نفسه وقال إنه سُجن ثلاث سنوات بسبب أشياء تخص المخدرات، اتسعت عينا جدتي، فقال لها: "هذا كان قديمًا، منذ سنوات، وأنا الآن بخير والحمد لله"
بصراحة، لا أنكر أنني شعرت ببعض الريبة بقربي منه، ولم أرتَح له، ولم أشعر أنه أبي، شعرت أنه مجرد رجل غريب، قال لي: "ما رأيك أن تأتي لتعيشي معي، وتتعرفي على زوجتي وإخوتك؟" نظرت إلى جدتي لتجيب عني، فقالت له: "هذه بنتك، والقرار عندها،" قلت له: "أنا أدرس هنا،" قال: "عادي، سأنقلك أنا وأقوم بجميع أوراقك"
حزنت لأن جدتي لم تصرّ عليّ بالبقاء، بل كانت مُسلِّمة تمامًا بالأمر، اتصلت بأمي وأخبرتها، فقالت: "القرار قرارك، إذا تريدين أباكِ الذي ظهر فجأة في حياتك بعمر الـ18، والله أعلم ما وراءه، فلتذهبي،" لا أقصد المبالغة، لكن شعرت أن الكل سلّم بي
قررت أن أستخير، وإلى الآن ما زلت أستخير، أبي استأجر شقة هنا لفترة، ويزورني ويراني ويشتري لي أشياء، وأنا ما زلت غير متقبّلة له كليًا، هو مصرّ على أن أذهب معه، ويقول لي: "أنا أبوكِ، وحياتك معي ستكون أفضل من هنا،" وأنا محتارة إلى أقصى درجة، لا أعرف ماذا أفعل، كنت أظن أن بيت جدتي هو منزلي، لكنها سلّمت بي، وأمي لم أطأ بيتها في حياتي، لا أعرف، هل أذهب مع أبي أم أبقى؟ خاصة أنني لم أتقبّل وجود أبي إلى الآن
شارك في الاجابة على السؤال
يمكنك الآن ارسال إجابة علي سؤال

كيف تود أن يظهر اسمك على الاجابة ؟
-
شارك في الاجابة على السؤال
يمكنك الآن ارسال إجابة علي سؤال
أضف إجابتك على السؤال هناكيف تود أن يظهر اسمك على الاجابة ؟