نظرية الثواب والعقاب في تربية الطفل وكيفية استخدامها

نظرية الثواب والعقاب في التربية، الحالات والمواقف التي ينجح فيها استخدام أسلوب الثواب والعقاب في التربية، والأخطاء الناتجة عن استخدام أسلوب الثواب والعقوبة، وتحديد نوع العقوبة أو الإثابة التي تناسب سلوك الطفل
نظرية الثواب والعقاب في تربية الطفل وكيفية استخدامها
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

بطبيعة الحال وبطريقة شبه فطرية جميع الناس وربما جميع المخلوقات يستخدمون أسلوب العقاب والثواب في التأهيل أو تربية صغارهم، كطريقة أثبتت فعالية في أغلب المواقف التربوية.
فإذا كنت تريد غرس قيمة أو تصرف معين في شخصية طفلك ونفسيته فيكفي تعزيز هذه القيمة عن طريق ربطها بثواب يحصل عليه الطفل عندما يستجيب من خلالها، وكذلك الأمر عندما تريد إبعاد طفلك عن نمط سلوك معين يمكن أن يلاقي عقاب كل ما كانت استجابته مشابهة ومطابقة لهذا النمط السلوكي غير المقبول، وهنا تبدو أهمية طريقة الإثابة والمعاقبة كأسلوب تربوي بالغ التأثير ومضمون النتائج.

الثواب وسيلة تربوية تعتمد على تعزيز السلوك الجيد الصادر عن الفرد من خلال ربطه باستجابة تشعر الطفل بالرضا والسعادة كشراء هدية أو تقديم الإطراء والكلام الجميل بحقه بهدف تحفيز الطفل لتكرار هذا السلوك وجعله جزء من شخصيته.
أما العقاب فهو على الطرف النقيض من ذلك والذي يعتمد العمل على استبعاد السلوك المرفوض الصادر عن الطفل من خلال ربط هذا السلوك باستجابة غير مرضية للطفل من الأهل أو المربين مثل التوبيخ أو الحرمان من بعض الحقوق.
وتعمل نظرية الثواب والعقاب على إيجاد التوازن بين المنح والحرمان وبين الإطراء والتوبيخ في سبيل تقويم سلوك الطفل وتنمية قدرته على التمييز بين السلوكيات المقبولة والمرفوضة من خلال ردة فعل المربين والأهل تجاه أفعاله.

animate

الحالات التي يمكن فيها استخدام نظرية الثواب والعقاب في التربية
لا يتوقف استخدام فكرة الثواب والعقاب على مواقف أو سلوكيات واستجابات محددة تصدر عنه وينجح فيه استخدام هذه الطريقة، فهي تقنية تربوية شاملة إذا أحسن استخدامها يمكن أن تؤدي نجاحاً في كافة الأهداف والمواقف التربوية، ويمكن ذكر بعض الحالات العامة التي عادةً ما يستخدم الأهل فيها أسلوب العقوبة والثواب مع أطفالهم مثل:

  • المواقف التي تحتاج لمكافئة: فالطفل في صغر سنه بحاجة ليكافئ على كل شيء، ويشعر بالمحبة والرغبة بالاستمرار في تطوير أي استجابة جيدة تصدر عنه، مثل تعلم المشي أو نطق كلمة معينة أو حتى القيام بتصرف محبب لدى ذويه وربما مضحك في بعض الأحيان، ومكافئته على مثل هذه الأشياء تعد بمثابة تشجيع له لتكرارها وتطويرها.
    1. السلوك الجيد المراد تعزيزه: قد تصدر عن الطفل تصرفات جيدة بشكل فطري دون تعليم، مثل التعاطف مع الآخرين أو مشاركة الأقران في أشيائه ومساعدة غيره أو ذويه، ومكافئته على هذه التصرفات سوف تعزز لديه هذا النوع من السلوك ليعرف أنه سلوك مقبول ومرغوب.
    2. المواهب والقدرات الخاصة: بعض الأطفال لديهم قدرات ومواهب خاصة ويجب أن نسعى لتطوير هذه القدرات بكافة الوسائل ومن أهم هذه الوسائل هي مساعدة الطفل وإشعاره باهتمامنا به وبقدراته ومكافئته عند النجاح بها، ففي هذه الحالة سوف تعجب استجابتنا الإيجابية هذا الطفل وتدفعه ليبذل جهد أكبر في تطوير مهاراته ليلقى مزيداً من الإحسان.
    3. العادات الجيدة: هناك الكثير من العادات والسلوكيات الجيدة التي نرغب بتعليمها للطفل وغرسها في شخصيته مثل النظافة والنوم الباكر واحترام من هم أكبر منه والترتيب والقيام بواجباته بشكل جيد ويمكن عن طريق مكافئته على هذه الأشياء تعزيزها لديه حتى يرغب أكثر بالقيام بها ويلقى استجابات جيدة تجاهها من قبل الآخرين.
  • المواقف التي تحتاج لعقوبة: 
    1. الاستجابات السلوكية المرفوضة: لبعض الأسباب المتعلقة بالتربية أو الحالة النفسية للطفل أو انزعاجه من موقف معين قد تصدر عنه استجابات سلوكية غير مقبولة مثل الغضب والعدوان والبكاء بشكل فاجر أو العناد أو توجيه الشتائم والكلام السيء للآخرين.
      وفي مثل هذه الحالات فإن توجيه عقوبة معينة مناسبة لتصرف الطفل يساعد في التقليل من هذا السلوك وعدم تكراره أو جعله جزء من شخصيته.
    2. التصرفات التي لا تناسب قيم ومعايير المجتمع والأسرة: فالأطفال يتعلمون الكثير من الأشياء التي لا يقبلها المجتمع سواء من الشارع أو المدرسة أو الأقران وأصدقاء السوء، مثل التدخين أو الهروب من المدرسة أو الكلام البذيء أو عدم احترام الأهل والمعلمين وعدم الاهتمام بالواجبات المدرسية، وهذه أيضاً من الأشياء التي يجب معاقبة الطفل عليها حتى يتعلم أنها غير مقبولة.
    3. العادات السيئة الضارة: مثل عدم العناية بالنظافة الشخصية أو اللعب ببعض الألعاب الضارة وإدمان أشياء مثل الألعاب الإلكترونية أو الأنترنيت والأجهزة الذكية وبعض المواقع غير الجيدة، وتمسك الطفل بمثل هذه الأمور، وكلها أشياء يجب أن يعاقب الطفل عليها لإبعاده عنها وتقليل اهتمامه بها.

الأخطاء التي يمكن الوقوع بها خلال استخدام أسلوب الثواب والعقاب مع الأطفال
مع الأهمية والفعالية والنجاح الذي أثبتته طريقة العقاب والثواب كأسلوب تربوي، ولكن في بعض الأحيان يساء استخدام هذه الطريقة من قبل بعض المربين مع أطفالهم، وبدلاً من الوصول لأهدافهم التربوية سوف يؤدي سوء استخدامهم للثواب والعقاب إلى نتائج عكسية وسلبية تفشل معها فعالية هذه الطريقة التربوية وتجعل منها نقمة بعد أن كانت نعمة يمكن استغلالها للوصول إلى الهدف المنشود.

ومن أكثر الأخطاء شيوعاً في استخدام هذه الطريقة:

  • القمع والتشدد: حيث أن العقوبة المراد منها تربية سلوك الطفل يجب أن تكون مدروسة وواعية بحيث تؤدي هذا الهدف بشكل فعلي، فإذا كان أسلوب العقاب هو المستخدم بشكل مستمر وإلى درجة كبيرة قد يعيق تربية الطفل ويؤدي نتائج عكسية غير مرغوبة مثل فقدان الطفل ثقته بنفسه وبالأخرين.
  • التدليل والمسايرة: مثل العقوبة يجب أن تكون المكافئة أيضاً مدروسة ومناسبة للموقف وغير متكررة بشكل مبالغ فيه، فهنا سوف تفقد المكافئة قيمتها الفعلية وتتحول لدلال بدلاً من إثابة، وهذا سوف يؤدي لخلق شخصية انتهازية وعنيدة لدى الطفل فلا يفعل شيء دون انتظار المكافئة عليه.
  • المبالغة في درجة العقوبة أو الثواب: فهذين الوجهين للاستجابة هدفهما هو التربية والتعليم وليس بدافع  التدليل أو الانتقام، ولهذا يجب أن تتناسب درجة هذه العقوبة أو المكافئة مع تصرف الطفل وسلوكه المراد تشجيعه أو معاقبته عليه حتى لا تؤدي لنتائج عكسية مثل تعلم الكذب والمراوغة للهروب من العقوبة أو الحصول على المكافئة.
  • التكرار والإعادة: فهذا التكرار قد يخلق شخصية انتهازية لدى الطفل نتيجة الثواب المتكرر أو انهزامية نتيجة العقاب على كل شيء ودون وجه حق، ولهذا يجب الاعتدال في استخدام هذا الأسلوب وجعله مناسب للغاية المراد الوصول إليها.
  • التسلط التربوي: فأسلوب المعاقبة إذا بولغ في استخدامه يتحول من طريقة تربوية إلى تسلط تربوي على الطفل ويخلق معه صعوبات تربوية ونفسية بالنسبة للطفل لم تكن موجودة مثل الخوف أو الانعزال أو الانطواء.
  • التناسق بين العقوبة والمكافئة مع نوع الاستجابة: عدم التناسق بين نوع العقوبة أو المكافئة مع نوع الاستجابة ودرجتها تؤدي لفشل هذا الأسلوب والعودة بنتائج سلبية على الهدف التربوي من استخدامها، فمن الخطأ مثلاً أن يكافئ الطفل بنفس نوع المكافئة وأهميتها على قيامه باستجابة مناسبة عادية وقيامه بعمل كبير يستحق التقدير والاحترام، فبهذه الحالة سوف تفقد المكافأة قيمتها وتأثيرها.
  • استخدام أحد هذين الطريقتين دون الأخرى: فلا يجوز عقاب الطفل على تصرفاته السيئة وإهمال تصرفاته الجيدة، فكما يحاسب ويعاقب على ما يقوم به من أفعال غير مرغوبة يجب مكافئته والثناء على استجاباته الجيدة لتحقيق التوازن والوصول إلى الغاية التربوية المنشودة.

تعد أشكال العقوبات والمكافآت التي يكمن استغلالها في تربية الطفل متغيرة ومتنوعة بحسب معايير متعددة مثل الهدف التربوي المراد تحقيقه والحالة النفسية للطفل وطبيعته الفردية والأشياء التي يراها هو عقوبة أو مكافئة، فما يزعج أو يسعد هذا الطفل قد يختلف عن ما يسعد ويزعج طفل آخر، ولهذا تتنوع هذه الأشياء التي تعد بمثابة عقوبة أو ثواب بالنسبة للطفل، ويمكن تحديد وتقسيم هذه الأنواع كما يلي:

المكافآت المادية للطفل

  • المكافئة النقدية: فالجوائز النقدية التي تمكن الطفل من تحقيق الكثير من غاياته المادية لها تأثير جيد كمكافأة على سلوكه وحافز مهم لتكرار هذا السلوك من قبله.
  • الأطعمة المحببة: أنواع الأطعمة المغلفة المتعددة تعتبر محببة جداً بالنسبة للأطفال مثل الحلويات والمثلجات والعديد من الأنواع الأخرى، والطفل في مراحله العمرية المبكرة يعتبر هذه الأشياء جوائز مهمة يسعى جاهداً للوصول إليها.
  • الألعاب والدمى والأشياء التي يريدها الطفل: مثل الملابس والأغراض الشخصية والألعاب والدمى فهذه الأشياء تتميز بأنها تبقى لفترة طويلة أمام عين الطفل وحضورها في ذاكرته سوف يترافق مع حضور سبب حصوله عليها كمكافأة لقيامه بعمل جيد وهنا سوف تجده يسعى لتكرار مثل هذا السلوك للحصول على هذا النوع من الجوائز.

المكافآت المعنوية بالنسبة للطفل

  • الكلام الجيد والإطراء: الأطفال مخلوقات حساسة وهم بحاجة لتقديم الإطراء والكلمات الودية باستمرار حتى يشعروا بأن الآخرين يلاحظون تصرفاتهم ويثنون على الجيد منها ليكتسب هذه التصرفات ويجعلها جزء من خبراته.
  • التشجيع والتحفيز: وهذا النوع من لمكافآت ضروري في حالات قيام الطفل بأشياء مهمة إبداعية أو وجود موهبة لديه، وهنا يجب تحفيزه على التطور والتقدم وتشجيعه باستمرار كي يشعر بقيمة هذه الأشياء لديه.
  • الاهتمام والقبول: فالطفل بحاجة إلى رؤية أن من حوله يتقبلونه ويحبونه ويهتمون به وبشؤونه، وهذا الاهتمام والتقبل سوف يدفعه للقيام بالأشياء التي ترضيهم وتعجبهم.
  • الحرمان من بعض الحقوق والحاجات: الكثير من الأشياء المحببة التي اعتاد الطفل على تلقيها بشكل روتيني من ذويه أو القائمين على تربيته لها قيمة كبيرة في نفسه، وحرمانه من هذه الأشياء لفترة مؤقتة سوف يشعره بضيق شديد وسوف يعرف مدى التصرف الخاطئ الذي قام به وأدى لهذا التغير في معاملته وسوف يسعى بالنهاية لإصلاح خطأه الذى أدى لهذا الحرمان.
  • التوبيخ: يعتبر التوبيخ من أهم أساليب العقاب التي يمكن أن يلجأ إليها الأهل، لكن يجب أن يكون التوبيخ بعيداً عن الإهانة والتنمر أو العنف اللفظي.
  • التخويف: مثل التهديد بالحرمان من ميزة أو مكافأة معينة إذا قام بتصرف غير مقبول أو بنتائج سيئة لتصرفاته، مثل المرض إذا لم يعتني بنظافته.
  • المخاصمة لفترة: فهذه من الأشياء المنتشرة في علاقات الأطفال مع بعضهم ولها نتائج جيدة عند استخدامها من قبل الأهل والمربين.
  • تقديم المكافأة أو فرض العقوبة طريقة طبيعية وربما غريزية في استجابتنا نحو أغلب الأشياء التي تمر معنا خلال حياتنا، سواء في العمل أو الدراسة أو المواقف اليومية التي تمر معنا، واستخدام هذه الطريقة أثبت نجاحاً في جميع هذه الحالات تقريباً.

وبالنسبة لتطبيق هذه الطريقة في تربية وتعليم أطفالنا فغالباً سوف يكون لها التأثير الناجح نفسه، ولكن هناك طرق معينة يجب أن نعرفها لنضمن نجاحهاـ ومن جهة أخرى هناك أخطاء يمكن أن نرتكبها تؤدي لفشلها، ولكل هذا كان اهتمامنا في تقديم دراسة حول هذه الطريقة التربوية وشرح مفهومها ووسائلها وأخطائها بغية النجاح في تطبيقها والوصول لأهدافنا التربوية من خلالها.