أسباب الميسوفونيا وعلاج الانزعاج من الأصوات

ما أسباب الانزعاج من الأصوات عند النوم والانزعاج من صوت مضغ الطعام؟ تعرّف إلى اضطراب الميسوفونيا Misophonia وطرق علاجه
أسباب الميسوفونيا وعلاج الانزعاج من الأصوات

أسباب الميسوفونيا وعلاج الانزعاج من الأصوات

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

نواجه في كثير من الأوقات أصواتاً غير مستحبّة للسمع؛ مثل صوت صرير الأقلام أو أصوات الأجهزة المستخدمة في عيادة طبيب الأسنان صوت مضغ الطعام، تسبب هذه الأصوات المزعجة عادةً رد فعل بسيط لدى معظم الأشخاص، ولكن يوجد فئة من الأفراد ممن ليس بإمكانهم تحمّل مثل هذه الأصوات، ويمكن أن يؤدي سماعها إلى القيام بسلوكيّات لا إرادية، وأحياناً تكون مؤذية لهم ولمن حولهم، وتدعى هذه الحالة الميسوفونيا Misophonia.

الميسوفونيا (Misophonia) كلمة يونانية قديمة تعني (كراهية الصوت)؛ وهي اضطراب نفسي يعبّر عن وجود خلل في الدماغ مرتبط بأعراض نفسية وفيزيولوجية، وتُعرف أيضاً باسم (متلازمة الحساسية الانتقائية للأصوات).
هذه الحالة من الحساسية المفرطة لبعض الأصوات -مثل النقر بواسطة القلم أو أصوات مضغ الطعام- تسبب ردود فعل نفسية وجسدية غير طبيعية لدى الأفراد المشخّص لديهم وجود حالة ميسوفونيا، تشابه ردود الأفعال هذه استجابة الهروب أو القتال (fight or flight)، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى شعور الشخص بالغضب أو القلق، كما تزيد من رغبته بمغادرة المكان الذي يصدر فيه هذا الصوت، أو حتى القيام بردود أفعال وسلوكيّات غير إرادية تجاه مسببّات هذه الأصوات. [1]

animate

لم تُعرف إلى الآن الأسباب الحقيقية التي تؤدي لظهور حالة الميزوفونيا، إلا أنها تبدأ عموماً لدى الأشخاص قبل سن البلوغ، وترتبط بداية ظهورها بالمحفزّات الصوتية لأحد الوالدين أو أحد أفراد الأسرة، ثم تزداد هذه المحفزّات مع مرور الوقت، يلعب العامل الوراثي دوراً في انتشار حالة الميسوفونيا بين أفراد العائلة الواحدة، وهي حالة منتشرة بين النساء أكثر من الرجال، كما لاحظ الباحثون وجود ارتباط بين الميسوفونيا وبعض الحالات الأخرى مثل: [1]

  1. متلازمة توريت (Tourette syndrome) وهي حالة مرتبطة بوجود مجموعة من الاضطرابات الحركية أو الصوتية
  2. اضطراب الوسواس القهري
  3. اضطراب القلق
  4. الأشخاص الذين يشكون من طنين الأذن

يشترك الأفراد المصابون بحالة الميزوفونيا بحدوث رد فعل شديد للمحفّزات الصوتية، التي تختلف في تحفيزها لردود الأفعال المرتبطة بظهور هذا الاضطراب بين شخص وآخر، إذ يمكن أن يعاني المريض من شعور بالإنزعاج البسيط عند صدور هذه الأصوات، في حين يصل أشخاص آخرون لحالة من الغضب الشديد عند سماع مثل هذه الأصوات، حيث نجد أكثر الأعراض النفسية المصاحبة لحالة الميسوفونيا: [2]

  1. انزعاج شديد قد يتحول لغضب
  2. اشمئزاز قد يتحول لغضب
  3. الرغبة الشديدة بالانسحاب من مكان صدور الصوت
  4. توجيه ألفاظ مسيئة للشخص أو الشيء الذي يصدر مثل هذه الأصوات
  5. سلوك عدواني جسدي تجاه الأشخاص أو الأشياء المسببة لهذه الأصوات
  6. يمكن أن يقوم بعض الأشخاص بشكل غريب ولا إرادي بمحاكاة أو تقليد نفس الأصوات التي تسبب لهم ردود الأفعال غير الطبيعية
  7. كما قد يعاني الأشخاص المصابون بحالة الميزوفونيا من اضطرابات نفسية أخرى مثل القلق والاكتئاب، وقد تظهر بعض الأعراض الجسدية المرتبطة بسماع الأصوات المحفزّة مثل التعرّق وزيادة درجة حرارة الجسم وتسرّع ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، كما يشعر بعض الأشخاص أحياناً بضيق في منطقة الصدر وتشنّج عضلات الجسم.

كيف يمكنك التمييز بين شخص يعاني من حالة الميزوفونيا، وبين شخص آخر طبيعي لكنه حسّاس لبعض الأصوات الخارجية؟ الجواب يكمن بملاحظة الاستجابة أو رد الفعل التي يبديها كل منهما عند سماع الأصوات المحفزّة: [1]

  • في حالة الشخص الطبيعي: تحدث حالة الانزعاج بشكل طبيعي من بعض الأصوات المزعجة لدى معظم الأشخاص، ويكون رد الفعل بسيطاً ولا تترافق معه أعراض جسدية، يمكن أن ينسحب الشخص من مكان هذا الصوت أو يطلب من الشخص التوقف عن إصداره.
  • في حالة مصاب الميسوفونيا: يكون ردّ الفعل الذي يبديه الشخص المصاب بحالة الميسوفونيا شديداً، وقد يرافقه صدور سلوك لفظي أو جسدي عنيف تجاه الشيء أو الشخص المسبّب لهذا الصوت، يرافق حالة الميسوفونيا أيضاً أعراض جسدية مثل آلام المعدة وتسارع ضربات القلب، ويبدو الشخص وكأنه غير قادر على التحكم بردات فعله غير الطبيعية.

تعدّ أصوات مضغ الطعام أكثر المنبهّات الصوتية المزعجة للأشخاص المصابين بحالة الميسوفونيا، كما يمكن أن تختلف الأصوات المحفزّة للميسوفونيا بين شخص وآخر، هذه قائمة بأكثر الأصوات التي يمكن أن تحفز ظهور متلازمة حساسية الصوت [3]:

  1. النقر بواسطة القلم
  2. قضم الطعام بصوتٍ عالٍ
  3. صوت البلع
  4. صوت مضغ الطعام
  5. التنفس بصوت عالٍ
  6. أصوات طقطقة أصابع اليد
  7. أصوات الشخير
  8. أصوات الكتابة على آلة كاتبة
  9. حفيف أوراق الأشجار
  10. زقزقة العصافير
  11. أصوات عقارب الساعة

هل يمكن معالجة الميزوفونيا؟ تعتبر حالة الميزوفونيا اضطراباً غير قابلاً للعلاج بشكل نهائي، إلا أنه يمكن إدارته بواسطة مجموعة مختلفة من العلاجات السلوكية التي أثبتت قدرتها على التخفيف من شدة وتواتر هذه الحالة وأبرزها: [1،3]

  1. علاج الطنين بإعادة التدريب TRT: الطنين هي حالة تتظاهر بسماع صوت رنين مستمر في الأذن، ويمكن أن تسبب للشخص المصاب به الإزعاج وعدم الراحة، والكثير من الأشخاص الذين يعانون من حالة الطنين يمكن أن يتطوّر لديهم حالة الميزوفونيا.
    يهدف هذا العلاج إلى زيادة قدرة الشخص على التكيّف مع الأصوات المحفزّة لحدوث الميسوفونيا، حيث يتضمّن هذا التدريب تعلّم كيفية تحمّل الضوضاء حتى لا تسبب للشخص الكثير من الإزعاج
  2. العلاج السلوكي المعرفي CBT: يركّز هذا المنهج على مساعدة الأشخاص المصابين بحالة الميزوفونيا في تغيير أنماط التفكير السلبي المرتبطة بالأصوات المحفزة، كما يعلمّهم تفهم ردود أفعالهم تجاه هذه الأصوات، وتطوير استراتيجيات جديدة تساعدهم على التأقلم مع ردود أفعالهم المبالغ فيها تجاه منبهات الصوت المختلفة.
  3. العلاج السلوكي الجَدَلي DBT: يتضمّن هذا العلاج تعلّم إدارة العواطف وتحويل أنماط التفكير السلبي إلى تفكير إيجابي، وهو أحد أنواع العلاج السلوكي المعرفي.
  4. تقنيات الاسترخاء: قد يستفيد بعض الأشخاص المصابين بحالة الميزوفونيا من تقنيات الاسترخاء المختلفة، مثل استرخاء العضلات التدريجي؛ تتضمن هذه التقنية تحفيز استجابة الاسترخاء من خلال ممارسة التناوب بين الشد والاسترخاء في أجزاء مختلفة من الجسم.
  5. أجهزة الضجيج الأبيض (White Noise Devices): تصدر هذه الأجهزة أصواتاً ثابتة مثل أصوات النهر أو الشلال أو أصوات تساقط المطر وهدير أمواج البحر وغيرها من الأصوات الهادئة الثابتة، والتي يمكن سماعها باستخدام سمّاعات الأذن.
  6. يستجيب بعض الأشخاص بشكل أفضل لوجود أصوات ثابتة في الغرفة مثل أصوات الضجيج الأبيض، حيث يهدف استخدامها لتقليل التفاعل مع وجود الأصوات المحفّزة للميسوفونيا، يمكن أن تساعد المراوح والمكيّفات في الغرفة بإصدار صوت ضجيج أبيض يساعد أيضاً في التخفيف من حدوث الاستجابات الانفعالية المرتبطة بحالة الميسوفونيا.

يمكن أن يطوّر الأشخاص المصابين بحالة الميزوفونيا تقنيات شخصية تساعدهم في التأقلم مع حالة الحساسية المفرطة للأصوات مثل: [2]

  1. سماع الموسيقا باستخدام سماعات الرأس لتجنب التفاعل مع منبهّات الصوت اليومية المزعجة للمريض.
  2. ارتداء سدادت الأذن عند التواجد في أماكن صدور هذه المحفّزات الصوتية.
  3. ممارسة التأمل وتقنيات الاسترخاء لتقليل التوتر المرتبط بحالة الميسوفونيا.
  4. التحدث بصراحة مع الأشخاص المحيطين بالشخص المصاب حول طبيعة حالة الميسوفونيا، خاصّةً عندما يكون أحدهم مصدراً للأصوات المزعجة التي تسبب ردّ الفعل المرافق لحالة الميسوفونيا.
  5. على الرغم من كون حالة الميسوفونيا غير قابلة للعلاج بشكل نهائي؛ إلا أنه يمكن للمريض المصاب بها التكيف معها، وذلك من خلال تجربة العلاجات السلوكية التي تساعد على تحسين ردود الأفعال تجاه الأصوات المنبهة.

في النهاية.. إذا كنتَ تعاني من حالة الميزوفونيا، فاعلم أنّك لست وحيداً في هذه التجربة، ومن الأفضل لك أن تشرح هذه الحالة بكل صراحة لمن حولك، وذلك بغرض تشكيل فهم وتعاطف للحالة التي تمرّ بها، جّرب أيضاً استخدام تقنيات أصوات الضجيج البيضاء التي يمكن أن تساعدك في تشتيت انتباهك عن الأصوات المحفزّة والتخفيف من حدّة ردود الأفعال المرتبطة بحالة الميسوفونيا.

المراجع