بحث عن عقوق الوالدين وحكمه في الإسلام

حكم عقوق الوالدين في الإسلام مع الأدلة الشرعية من القرآن والسنة النبوية وفضل برّ الوالدين والإحسان لهما
بحث عن عقوق الوالدين وحكمه في الإسلام
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

من المعروف عند كل مسلم بلا شك أهمية البِّر للوالدين وقد وردت العديد من الآيات القرآنية التي تحث على الإحسان للوالدين، كما ورد في السنة النبوية الكثير من الأحاديث التي تدل على أن عقوق الوالدين من الكبائر، فما هو عقوق الوالدين، وما هي أشكاله، وما هي عقوبة الابن العاق في الدنيا والآخرة، وما هي أهمية بر الوالدين في الإسلام وفقله؟

العقوق هو عكس البر للوالدين ويعني مصطلح عقوق الوالدين في الإسلام كل فعلٍ أو قولٍ يقوم به الأبناء يسبب الأذى للوالدين أو يخالف برّهما الذي أوصى به الله ورسوله، وعرّف الإمام القرطبي عقوق الوالدين أنه مخالفة الوالدين في أغراضهم الجائزة لهم ومخالفة أقوالهم وأفعالهم بما وجبت طاعتهما فيه، كذلك من العقوق إهمال الوالدين والتقصير في حقّهما، وعقوق الوالدين في الإسلام من الكبائر.

ومعنى العقوق في اللغة هو القطع أو الشق والعُقُقُ هم قاطعوا الأرحام والبعداء من الأعداء، والذي يعقُّ والديه هو من يقطعهما بترك الإحسان وإنكار الفضل، ويشمل العصيان والهجر والإساءة والمخالفة.

animate

هل عقوق الوالدين من الكبائر؟ نعم عقوق الوالدين واحدة من الكبائر التي أمرنا الله ورسوله بتجنبها، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم يسأله ما الكبائر؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ. أخرجه البخاري في الصحيح وهو المعروف بحديث الكبائر.

ومن أحكام عقوق الوالدين في الإسلام:

  • رضى الله من رضى الوالدين: يرتبط برّ الوالدين ورضاهما برضا الله تعالى، وفي غضب الوالدين غضب الله عز وجل لهذا السبب يعتبر عقوق الوالدين من الكبائر، وقد أوصانا الله ببرّ الوالدين والإحسان إليهما وجعله بمنزلة العبادة والتوحيد في قوله تعالى: " وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" الإسراء آية 23، كذلك في حديث عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "رِضى اللَّهِ في رِضى الوالِدَينِ، وسَخَطُ اللَّهِ في سَخَطِ الوالدينِ" أخرجه الترمذي.
  • لا طاعة للوالدين في الحرام: حدّد الإسلام برّ الوالدين في ما أحلّه الله والطاعة لهما واجبة على المسلم إن لم يكن في طلبهما منكرٌ لا يجوز، ولا طاعة للوالدين أو غيرهما في الحرام عملاً بالمبدأ المستمد من الحديث النبوي الشريف " لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ" وهو من أصول الشريعة الإسلامية، مع ذلك لا يجوز عقوق الوالدين وإن كانا كافرين، بل الإحسان إليها واجبٌ وفي كل حالٍ ما لم يكن في ذلك طاعة لهما في الحرام.
  • من يشتم والديه يلعنه الله: وهذا مثبت في قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لَعَنَ اللَّهُ مَن لَعَنَ وَالِدَهُ". رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخرجه مسلم في صحيحه، فالله يحل لعنته على من عق والديه أو سبّهما أو شتمهما.
  • حكم شتم والدي الغير لدفعهم إلى شتم آبائهم: شتم والدي الغير بمقام شتم الوالدين أو لعنهما، وذلك لحديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "إنَّ مِن أكْبَرِ الكَبائِرِ أنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ والِدَيْهِ. قيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، وكيفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ؟ قالَ: يَسُبُّ الرَّجُلُ أبا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ" صحيح البخاري.
  • عدم الامتثال لأوامر الوالدين: إن عدم تلبية طلبات الوالدين وطاعتهما في الأمور اليومية والحياتية هو مظهر من مظاهر عقوق الوالدين، إلّا أن يكون أمر الوالدين فيه مخالفة للشرع والدين فرضى الله أولى من رضاهما ولا طاعة لهما في الحرام والمنكر.
  • التأفف والتذمر من طلبات الوالدين: قد يتذمر بعض الأبناء من كثرة طلبات الوالدين خاصةً بعد التقدم في العمر ويبدأ بالتذمر والتأفف في وجههم وهذا أيضاً يعتبر مظهر من مظاهر العقوق للوالدين، قال تعالى: "فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" سورة الإسراء23.
  • الخجل بالوالدين أو أحدهما: من أشكال عقوق الوالدين أنه قد يصل التكبر في الأبناء إلى الخجل بوالديه أو أحدهما، فلا يعترف بهم أمام الناس لمرضهما أو بسبب الوضع الاجتماعي أو المادي، وذلك منكرٌ.
  • هجر الوالدين وعدم الإنفاق عليهما: قد تحدث هذه الظاهر عند زواج الابن فيهجر والديه ويمتنع عن الإحسان لهما إما بسبب ضلال الزوجة أو بسبب أخلاقه السيئة وانشغاله بحياته الخاصة، ومن واجبات الابن تجاه والديه الإنفاق عليهما من ماله ورعايتهما في الكبر.
  • الشتم ورفع الصوت على الوالدين: يعتبر رفع الصوت في المنزل سواءً على الوالدين أو أحد الأخوة مظهر من مظاهر العقوق فهو يسبب أيضاً تفكك الأسرة وفقدان الألفة والاحترام بين أفرادها.
  • مناقشة الوالدين بحدة: إن حدة النقاش التي تدور بين الوالدين والأبناء شكل من أشكال العقوق للوالدين، فيجب على الابن الحفاظ على هدوئه عند مناقشة أحد الوالدين والتعامل معهم بحذر لتجنب غضبهم.
  • الضغط على الوالدين بالطلبات اليومية: ومن مظاهر عقوق الوالدين التي قد لا يشعر به الابن هو زيادة الضغوط المادية أو اليومية على الوالدين بكثرة الطلبات التي لا حدود لها
  • الابن العاق لوالديه لا يدخل الجنة: من أشد العقوبات التي ذكرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عقوق الوالدين هو الحرمان من الجنة في الآخرة حيث قال: "لا يدخُلُ الجنَّةَ عاقٌّ ولا منّانٌ ولا مُدمِنُ خمرٍ" رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وأخرجه الألباني وغيره.
  • في عقوق الوالدين لعنة من الله تعالى: وقد خص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن من يسب والديه يحل عليه غضب الله ويطرده من رحمته، عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "ملعونٌ مَنْ سبَّ أباهُ، ملعونٌ مَنْ سَبَّ أُمَّهُ" أخرجه الألباني.
  • يعجل الله في عقوبة عقوق الوالدين: عقوبة عقوق الوالدين معجّلة في الدنيا، فهناك من الأمور التي يعاقب عليها الله في الآخرة وهناك من الأمور التي يعاقب عليها في الدنيا وغيرها يكون في الدنيا والآخرة مثل عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام التي يعجَّل بجزائها الله تعالى في الدنيا، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ وعقوقَ الوالدَينِ، أو قطيعةَ الرَّحمِ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ". رواه عنه أبو بكرة نفيع بن حارث أخرجه البخاري في الصحيح.
  • عقوبة عقوق الوالدين في الآخرة: حيث ينال الابن العاق عقوبة في الدنيا وله في الآخرة سوء العاقبة والدليل على ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ومَن أدرَك أبوَيْهِ أو أحَدَهما فلَمْ يبَرَّهما فمات فدخَل النّارَ فأبعَده" رواه أبو هريرة رضي الله عنه وأخرجه البخاري في الصحيح.
  • دعاء الوالدين على الابن العاق مستجاب: لا يدعو الوالدين على أبنائهم ما لم يصلوا إلى أشد مراحل الغضب، ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى دعوة الوالدين مستجابة بلا شك، ففي حديث ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٌ لا شَكَّ فيهِنَّ؛ دَعوةُ المظلومِ، ودعوةُ المسافرِ، ودعوةُ الوالدِ على ولدِهِ" رواه عنه أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجه الترمذي في صحيحه، وهذا لا يعني أن الوالدين لا يظلمون ولا يدعون دون وجه حقّ، لكن الله تعالى يعرف الظالم من المظلوم وهو العالم بكل شيء، وقدّ ميّز الوالدين بسرعة الاستجابة إن وقع عليهما شرّ من الأبناء.
  • برّ الوالدين من واجبات المسلم: أمر الدين الإسلامي بالإحسان للوالدين وبرِّهما قولاً وفعلاً، قال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) سورة الاسراء الآية 23.
  • جعل الله تعالى برّ الوالدين مقروناً بالإيمان والعبادة: فقد ذكر الإحسان للوالدين في القرآن الكريم مقروناً بعبادة الله وعدم الاشراك به، ومنها قوله سبحانه وتعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) سورة النساء الآية 36.
  • ثناء الله على الابن البار لوالديه: ففي قوله سبحانه وتعالى: (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً) سورة مريم الآية 14، يثني الله عز وجل على سيدنا يحيى عليه السلام أنه جعله مسارعاً لطاعة والديه ولم يكن من المستكبرين.
  • برُّ الوالدين من أحب الإعمال لله ورسوله: حثَّ رسول الله على بر الوالدين بوصفه من أحب الأعمال إلى الله، روى عبد الله بن مسعود أنه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ" صحيحي البخاري ومسلم.
  • الشكر وحفظ جميل الأهل واجبٌ: حيث يعتبر الشكر والثناء للوالدين شكل من أشكال البِّر لهما لقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) سورة لقمان الآية 14.
  • برّ الوالدين بعد وفاتهما: كما يدعو الدين الإسلامي إلى بّر الوالدين بعد وفاتهما بالدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، عن أنس ابن مالك أنه جاء رجل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسأل: "يا رسولَ اللهِ، هل بقِيَ من برِّ أبوَيَّ شيءٌ أبرُّهما به بعدَ موتِهما؟ فقال عليهِ الصلاةُ والسلامُ: الصلاةُ عليهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عهدِهما من بعدِهما، وإكرامُ صديقِهما، وصلةُ الرحمِ التي لا تُوصَلُ إلا بهما" رواه أبو داوود
  • التربية الإسلامية والموعظة: يجب زرع قيم الدين الإسلامي عند الأبناء وتربيتهم على الإيمان الصحيح، وعلى الاستماع إلى المواعظ والأحاديث التي تحث على بِّر الوالدين ما يساعد في حل مشكلة عقوق الوالدين.
  • التذلل للوالدين: يجب النقاش مع الوالدين باللين والصوت المنخفض، فالنقاش معهم يختلف عن النقاش مع الآخرين فالله أمرنا بخفض جناح الذل لهما، قال تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء 24.
  • مصاحبة الأهل بالمعروف: ولعلاج عقوق الوالدين وغضبهم يجب أن يعلم الابن أنه مهما كبرت مشاكله مع والديه لا يجب عليه مقاطعتهم وترك إحسانهم، فقد فرض الله سبحانه وتعالى الإحسان للوالدين مهما بدر منهما.
  • عدم النظر لما يملك الغير: ومن طرق التخلص من مشكلة عقوق الوالدين، عدم النظر إلى ما يملك الغير أو النظر إلى طبيعة حياة الغير فهذا سوف يولد شعور بالاستياء نتيجة عدم الرضى عن واقعهم الذي يعيشونه مع أسرتهم.
  • عدم التذمر واشعار الأهل بالتقصير: من أهم طرق حل مشكلة العقوق للوالدين، هو وضع حدود للنفس والامتناع عن التذمر أمامهم ومنهم مهما بدر منهم، وعدم إشعارهم بأنهم مقصرين اتجاهه.

المراجع