كيف أمنع طفلي من تقليد الآخرين وأجعل شخصيته مستقلة

تعرفي إلى أهمية التقليد في تطور شخصية الطفل وكيفية بناء شخصية مستقلة للطفل ومنعه من تقليد غيره
كيف أمنع طفلي من تقليد الآخرين وأجعل شخصيته مستقلة
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

التقليد سلوك طبيعي عند جميع الأطفال الصغار خاصةً في مرحلة ما قبل المدرسة، حيث يبدأ الطفل بملاحظة وفهم التصرفات التي يقوم بها من حوله، ويساعد التقليد الطفل على تطوير مهاراته الاجتماعية واللغوية، ولكن إذا تجاوز هذا السلوك الحدود الطبيعية قد تؤثر على استقلالية شخصية الطفل!

يعد سلوك التقليد والمحاكاة عند الأطفال أمراً طبيعي ومهماً جداً، حيث أن تقليد تصرفات الآخرين آلية مهمة للتعلم والتفاعل الاجتماعي، وبالتالي اكتساب المزيد من المعرفة والمهارات والسلوكيات، كما يستخدم الأطفال التقليد والمحاكاة للتعامل الاجتماعي مع الآخرين كالتبسم في وجه من يتبسم بوجهه.

لكن يمكن أن يؤثر التقليد على تكوين شخصية الطفل وهويته الخاصة إذا زاد عن حده، لكون الطفل غير قادر دائماً على إدراك ما يقلده هل هو صحيح أم لا، لذا يعد التقليد المفرط أو غير المراقب سبباً هاماً بتأخر الطفل باكتشاف ذاته وبناء شخصيته المستقلة؟

وقد يكون التقليد والمحاكاة عند الأطفال نابع من الغيرة من الآخرين، مثل تقليد الطفل لأخيه الصغير لكونه يرى أنه يحصل على المزيد من الاهتمام، أو البالغين ليكون نسخة من أحدهم، وبالتالي فإن الإفراط بالتقليد يقلل من نمو الطفل والتعرف على شخصيته الفريدة، ومن هنا يجب العمل على مساعدة الطفل على تنمية شخصيته مستقلة تستلهم من الآخرين ولا تقلدهم تقليداً كاملاً.

animate

سن التقليد عند الأطفال يكون في الشهر الرابع من عمر الرضيع، حيث يبدأ الطفل بتقليد تعابير وجه والدته والمحيطين به، ويحب الأطفال في هذا العمر أيضاً من يقلد حركاتهم، وفي سن 8 أشهر تقريباً يبدأ الطفل بمحاولة تقليد الحركات، قم تتطور مهارة التقليد والمحاكاة لديه مع تطور قدراته البدنية والذهنية.

متى يتوقف الطفل عن التقليد؟

عادةً ما يتوقف الطفل عن التقليد عندما يمتلك الوعي الكافي بذاته والشعور أن له عالمه الخاص ورغباته وتفضيلاته، ويتراجع ميل الطفل للتقليد والمحاكاة بشكل تدريجي من عمر 3 سنوات تقريباً وحتى عمر 8 سنوات، حيث يتحول التقليد لإعادة انتاج السلوكيات التي تعجبه والإضافة لها أو الاختصار منها.

لا يمكن القول أن الطفل سيتوقف عن التقليد في عمر معين، غالباً ما يستمر سلوك التقليد فترة طويلة قد تتجاوز مرحلة المراهقة، لكن عمق التقليد واستمراريته وتكراراه أمر يرتبط بتنمية الطفل وشخصيته، والدور الذي يلعبه المحيطون به لتنمية شخصيته المستقلة.

كيف أتعامل مع الطفل المقلد وأشجعه على الاستقلالية! التعامل مع الطفل المقلد له تأثير كبير على بناء شخصيته كشخصية مستقلة أو شخصية مقلِّدة، فعندما يشجع الأهل الطفل على التقليد يشعر أنه سلوك مرغوب ويميل لتكراره والإفراط به، كذلك عندما يشعر الطفل أن ما يفعله من تلقاء نفسه ليس محل اهتمام قد يحاول تقليد أفعال الآخرين التي يرى أنها محل اهتمام وتقدير.

وأهم نصائح وطرق منع الطفل من التقليد والتعامل مع الطفل المقلد:

  1. تجنب تشجيع الطفل: بعض الأهل يشجعون سلوك التقِّليد عند الطفل دون أن يقصدوا ذلك من خلال مثلاً الضحك له أو الطلب منه تقليد الأشخاص بهدف التسلية واللعب، ويجب على الأهل تجنب هذا السلوك حتى لا يعتاد الطفل على التقليد.
  2. التنبيه أن التقليد غير مقبول: عندما يقوم الطفل بتصرف تقليد واضح يجب أن يتم إخباره بطريقة مباشرة أن هذا السلوك سيء ويجب ألا يكرره حتى لا يصبح شخص غير محبوب من قبل الآخرين، وتكرار هذا القول في كل مرة يقوم الطفل بتقليد أحدهم.
  3. مساعدة الطفل على التمييز بين السلوكيات الجيدة والسيئة: التعلم المبكر غالباً ما يقوم على التقليد، حيث يتم دفع الطفل لتقليد الأصوات التي نصدرها والحركات التي نقوم بها والطريقة التي نمسك بها القلم، لذلك من الضروري أن يميز الطفل الفرق بين التقليد بهدف التعلم وبين التقليد لسلوكيات أو طريقة الآخرين في حياتهم الشخصية.
  4. سؤاله عن رأيه في تصرفه: بعد أن يقوم الطفل بتقليد أحد وخاصة تقليد السلوكيات السيئة، يمكن إيجاد الوقت المناسب للحديث مع الطفل وطلب رأيه عن هذا السلوك هل هو صحيح هل هذا التصرف يرضيه، ما الفائدة من تقليده لأحد آخر، أين شخصيته المستقلة.
  5. التجاهل وعدم الاهتمام: لا يكون التقليد دائماً مشكلة حقيقية بل قد يكون تصرف طبيعي بهدف اللعب والتسلية أو لفت النظر، وفي هذه الحالات من الأفضل تجاهل سلوك الطفل وعدم ابداء أي رد فعل سلبي أو إيجابي تجاهه، ليعرف الطفل أن ما قام به شيء عادي وغير مميز ولا يحاول تكراره.
  6. التحدث مع الطفل عن ضرر التقليد: يمكن أن يقوم أحد الوالدين ممن يتأثر بهما الطفل بشكل أكبر أن يقوم بجلسة حوار مع الطفل، يشرح له فيها ما هي مساوئ تقليد الآخرين، وكيف على الإنسان أن يكون له تصرفاته الخاصة وأفكاره الخاصة وقيمه الخاصة، حتى يحترمه الآخرين ويبدوا كالكبار في نظرهم.
  7. تشجيع الطفل عند إظهار شخصيته الحقيقية: كل طفل يملك صفات وأفكار خاصة به، وعند تشجيعه دائماً على قول هذه الأفكار والاستمرار بها، فإنه سوف يجد قيمة لذاته وشخصيته بعيداً عن شخصيات الآخرين، وهذا سوف يدفعه لتنميتها وتطويرها حتى يحصل دائماً على هذا الدعم.
  • تقليد الآخرين للطفل: أحياناً يقوم الأهل أو الأخوة الأكبر بتقليد تصرفات وكلمات الطفل على سبيل المزاح واللعب معه، ولكن الطفل بعمر صغير أقل من 4 سنوات ليس بالضرورة أن يفهم أن هذا مزاح، بل يعتقد أنه سولك جيد يتعلمه من أهله ويكرره ويعتاد عليه، لذا يجب عدم القيام بتقليد الطفل حتى لا يتعلم هذا السلوك.
  • تقليد الشخصيات النموذجية: يعجب الطفل ببعض الشخصيات العامة مثل المشاهير والفنانين أو أحد الأشخاص الذين يحبهم بين الأقرباء أو المعارف، وإذا كانت هذه الشخصيات تقدم نموذجاً جيداً فلا ضرر من ذلك، ولكن الأفضل أن يشار دائماً للفروقات الفردية بين الطفل وبين هذه الشخصيات حتى لا ينظر لنفسه على أنه لن يكون مقبولاً إلا في حال قلدها.
  • يريد الظهور كالكبار: الأطفال عموماً يبحون أن يراهم الآخرين على أنهم كبار وهم كثيراً يقلدون سلوكيات الكبار انطلاقاً من هذا، وفي هذه الحالة يفضل الإشارة للصفات الشخصية الإيجابية التي يمتلكها الطفل وينفرد بها والإطراء عليها بعبارات تبدي الطفل ككبير وناضج.
  • التقليد بدافع الغيرة: أحياناً يقوم الطفل بتقليد شخص يغار منه وخاصة الأطفال في مثل سنه والأكبر قليلاً، ولمنع هذا يجب أن يتم التركيز على وجهة نظر الطفل عن نفسه، بأنه يملك صفاته الشخصية الخاصة وهي أفضل من الشخص الذي يغار منه، هذا بالإضافة لتجنب مقارنة الطفل مع الشخص الذي يغار منه، وإشباع الحاجات موضوع الغيرة.
  • التقليد من أجل التجريب والتعلم: كثيراً ما يكون التقليد عند الأطفال بدافع التجريب والتعلم، فهو يرى كيف يقوم أهله ببعض الأشياء ويرغب بتقليد خطواتها ليشعر بإنجازه بأنه قام بشيء كالكبار، والحقيقة إذا لم يقوم الطفل بأشياء خطيرة فلا مشكلة في ذلك بل يعتبر أمر ضروري في اكساب المهارات للطفل، ولكن يفضل في هذه الحالة توجيه الطفل وتعليمه الخطوات الصحيحة وتشجيعه على تجريب أفكاره وطرقه الخاصة في فعل أي شيء.
  • التسلية واللعب: التسلية واللعب أيضاً من الأسباب التي تجعل الطفل يقلد الآخرين، وإذا كان هذا هو السبب، فيمكن توفير بعض البدائل للطفل ليلعب ويتسلى بها بدلاً من تقليد الآخرين، مثل الألعاب التعليمية أو الألعاب التي تنمي التفكير والابداع الشخصي.
  • عدم مقارنة الطفل مع أحد: أحياناً ينتج تقليد الطفل لطفل آخر عن عقد المقارنات بينهما بشكل دائم والميل لإظهار بأن الطفل الآخر أفضل منه، وهذا يستفز الطفل ويصبح لديه بالرغبة بالظهور أنه جيد ومقبول مثله فيلجأ لتقليده لبلوغ هذه الغاية، وبالتالي يجب تجنب مقارنة الطفل بغيره على لا يقلد أحد.
  • لفت نظر الطفل لصفاته المميزة: قد يكون من الصعب أن يلاحظ الطفل نفسه ويدرك ذاته وشخصيته المستقلة، لذا على الأهل جعل الطفل يركز على ما يجعله مميزاً بنفسه، مثل طبيعة الألعاب التي يرغبها، أو شكله الجميل والأنيق باختيار ملابسه التي تليق به، والطريقة التي يحب أن يعامله بها الآخرين.
  • تغيير طريقة تفكير الطفل: من الضروري جعل الطفل مستعد لمواجهة العالم الخارجي من دون الأهل قبل الدخول للمدرسة، فالطفل سيحتاج لاتخاذ بعض التدابير الصغيرة لوحده والتعامل مع المواقف بشكل مستقل، لذا يجب غرس التفكير المستقل عند الطفل بعيداً عن التقليد، ويتم هذا من خلال جعل الطفل يقوم بمهام مناسبة لعمره في المنزل مثل وضع الألعاب في مكانها أو تنظيف طاولة الطعام.
  • تشجيع الطفل على الإبداع: من الطرق الفعالة لتساعد طفلك في تكوين شخصيته الفريدة البعيدة عن التمثل بالآخرين هي التشجيع على الإبداع وليس على فعل ما يقوم به غيره، مثل إذا رأيته يبني بالمكعبات سلماً كذلك الذي يبنيه صديقه، قل له لماذا تقوم بفعل هذا وأنت قادر على صنع جسر كبير بدلاً من السلم، لماذا لا تحاول به وحدك؟
  • تشجيعه على تجربة أشياء جديدة: لصرف نظر الطفل عن تقليد طفل آخر شجعه على تجريب شيء جديد وساعده على الاختيار، مثلاً عندما يريد أن يحصل على لعبة مثل تلك التي يمتلكها صديقه أو أخيه الصغير أو الكبير قل له ما رأيك أن أحضر لك لعبة جديدة ومختلفة وتجعل صديقك يلعب معك بها، أو لنذهب معاً لشراء لعبة جديدة وجميلة من متجر الألعاب واختارها أجمل من ألعاب الجميع.
  • بناء علاقة أعمق للطفل: التقليد سلوك طبيعي للطفل لكن يبدأ الطفل بالتقليد المفرط عندما يقابل أشخاص محدودين مثل الأخوة والأهل والقليل من أفراد العائلة، ما يجعله لا يرى أشخاص مختلفين ويكتسب ويقارن سلوكيات مختلفة، فيجب على الأهل توسيع هذه الحلقة عند الطفل مثل جعله يذهب للنوادي والحدائق التي يرى بها مجموعة كبيرة من الأطفال أقرانه وكيف لكل منهم طريقة مختلفة بالتعامل.
  • السماح له باللعب المستقل: اللعب المستقل يشجع الخيال لدى الطفل ولا يجعله يقلد شخص معين، فقد تجده يلعب شخصية سوبر مان ويرتدي ملابسه ويقفز محاولاً الطيران، ومن خلال هذا اللعب يمكنك مشاركته وطرح بعض الأسئلة حول عالمه الذي يعيشه والشخصيات من حوله، ومنعه من قضاء وقتاً أقل في تقليد الآخرين والجلوس على شاشات الهاتف المحمول أيضاً.
  • إشباع حاجاته الخاصة: أحياناً ما يقوم الطفل بتقليد أطفال آخرين في مثل عمره لغيرته منهم كونهم يملكون أشياء لا يملكها أو يحصلون على متعة أو امتيازات ليس لديه، فيضع نفسه بمقارنة معهم ويصبح يقلد لسلوكهم رغبة منه بالحصول على ما يحصلون عليه، وعند إشباع حاجاته سوف يرى بأنه هو محط أنظار الآخرين وأنه على الآخرين تقليده.

من الاستشارات الواردة على موقع حلوها لسيدة تشكو من طفلتها ذات الخمس سنوات التي دائماً ما تقلد ابن خالتها في تصرفاته وكلامه وألعابه وهو يكبرها بسنة واحدة، وهي متعلقة جداً به كونهم يقيمون في نفس المكان، وأن ابنتها تتأثر بشكل كبير بابن خالتها الذي كثيراً ما يحاول إغاظتها بألعابه وملابسه وخروجاته وأي شيء آخر.

وأضافت أن ابنتها دائماً ما ترفض تصرفات أمها وتأنبها ولا تسمع كلامها وكأن شيء ما يجبرها على ذلك، وهي أصبحت تخاف جداً على شخصية طفلتها وترغب بمشاركة مشكلتها علها نجد حل، وطلبت من خبراء موقع حلوها المساعدة.

وأجابتها الخبيرة في موقع حلوها أخصائية علم النفس والتثقيف الصحي ميساء النحلاوي أن عليها التقرب أكثر من ابنتها وتجنب مقارنتها بأطفال آخرين، كما عليها تجنب السخرية من ابنتها عندما تقوم بتقليد غيرها، بدلاً من ذلك عليها أن تخصص لها وقتاً أكبر لتنمية شخصيتها ومعارفها وتطوير مهاراتها الخاصة.

لمراجعة الاستشارة الكاملة مع آراء الخبراء وتفاعل مجتمع حلوها انقر على الرابط، كما يمكنكم طلب الاستشارة من الخبراء المختصين في موقع حلوها عبر النقر على هذا الرابط.

المراجع