كيف أخبر ابني عن البلوغ والاحتلام؟
تعتبر مرحلة البلوغ عند الأطفال الذكور مرحلة حساسة بالنسبة للأهل وبالنسبة لتطور ونمو شخصية الطفل، وتعتبر بداية انتقاله من طور الطفولة إلى المراهقة بخطى سريعة وتغيرات كبيرة على الصعد المختلفة.
في هذه المادة نجيب عن تساؤلات عديدة؛ كيف أتحدث مع ابني عن البلوغ والأمور الجنسية؟ ما هي الطريقة المثالية للحديث عن الجنس مع الأطفال؟ ما الذي يجب أن أعرفه قبل أن أتحدث مع ولدي عن البلوغ؟ من سيخبره عن جسده ومتى؟، ذلك من خلال استعراض أهم الأمور المتعلقة بالبلوغ عند الذكور وأهم النصائح المتعلقة بالتربية الجنسية والحديث عن البلوغ مع الأطفال الصغار.
دعونا في البداية نميز بين حالتين:
الأولى أن يكون الطفل قد تلقى الحد الأدنى من المعلومات الجنسية من الوالدين أو المسؤولين عن تربيته، وأن تكون هذه المعلومات صحيحة وتم إيصالها بطريقة صحيحة.
في هذه الحالة ستكون مهمة الأهل أسهل بكثير، فابنهم يعلم تماماً الفرق بينه وبين أقرانه من الإناث، ويعرف خصوصية جسده من الناحية الجنسية، وكل ما على الأهل فعله مساعدته لتقبل التغيرات الجديدة التي ستطرأ على جسده في مرحلة البلوغ وتقديم بعد المعلومات الإضافية لإغناء معرفته الجنسية وتجنيبه الوقوع في المحظور أو إلحاق الأذى النفسي والجسدي بنفسه.
وأمَّا الحالة الثاني وهي الأكثر انتشاراً للأسف ألَّا يكون الطفل قد حصل على أي معلومات جنسية من والديه، وأن يكون قد وصل إلى مرحلة البلوغ دون أن يتعرَّف من مصادر موثوقة إلى الحقائق الجنسية اللازمة، هذا يعني بالضرورة أن الطفل يمتلك تصورات جنسية كثيرة من مصادر مختلقة وغالباً ما تكون منحرفة وبعيدة عن الحقيقة ومضللة، وهنا المهمة الأصعب، لأن مهمة الأهل لا تقتصر فقط على شرح مرحلة البلوغ لابنهم، بل والعمل على نسف المعلومات السابقة وإحلال المعلومات الصحيحة مكانها.
وفي الحالتين سيكون الطفل مستعداً للحديث عن موضوع البلوغ والاحتلام والأمور الجنسية عند عامه العاشر أو الحادي عشر، لكن هناك مجموعة من الأمور التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار، على رأسها إن كان الطفل قد تلقى تربية جنسية أم أنها المرة الأولى التي يتلقى فيها معلومات جنسية من ذويه، تابعوا القراءة لتعرفوا أكثر.
قبل كل شيء لا بد أن يلجأ الأهل إلى مراجعة معلوماتهم الجنسية كي يتجنبوا تقديم معلومات خاطئة لأبنائهم، ونجزم أن الطريقة الأفضل للحصول على حقائق جنسية هي تدوين الأسئلة التي تجول في بال الأهل وعرضها على أخصائي للحصول على إجابات شافية ودقيقة، وبإمكانكم طرح أي من هذه الأسئلة على خبراء موقع حلوها من خلال هذا الرابط.
نقدم لكم بعض الأسئلة التي لا بد أن تعرفوا إجابتها قبل الحديث عن البلوغ مع الأطفال، وسنحاول أن نقدم لكم القدر الممكن من الإجابات، ولا تنسوا ضرورة استشارة المختص عند الحاجة:
- ما هو البلوغ علمياً؟
البلوغ هو تطور الجهاز التناسلي عند الطفل بحيث يصبح فعال جنسياً أي قادراً على الجماع والإنجاب، وعادة ما يكون سن البلوغ عند الذكور بين 12 و14 سنة، ويتعرف الطفل ذاتياً إلى البلوغ من خلال الاحتلام أو العادة السرية. - ما هو الاحتلام؟
يعتبر الاحتلام الطريقة التي يعبر بها جسم الذكر عن وصوله إلى البلوغ، وهو فعلياً عملية قذف تلقائية تحصل غالباً أثناء النوم ولا ترتبط بأحلام جنسية بالضرورة كما يعتقد البعض، بالتالي لا يشترط مطلقاً أن يمتلك الطفل معلومات أو هواجس جنسية كي يحصل الاحتلام، مجرد بلوغه السن غالباً سيختبر تجربة الاحتلام، وستكون تجربة مخيفة إن لم يمتلك فكرة مسبقة عن الموضوع.
انقر على هذا الرابط لتتعرف أكثر على موضوع الاحتلام من النواحي الصحية والنفسية - ما هي التغيرات التي تطرأ على جسد الطفل الذكر عند البلوغ؟
يترافق هذا التطور عند الذكور مع مجموعة من التطورات النفسية كإدراك الرغبة الجنسية والميل الجنسي نحو الفتيات إضافة إلى بروز سمات المراهقة عموماً، ومجموعة من التطورات الجسدية كزيادة حجم الأعضاء التناسلية وتغير الصوت ونمو شعر اللحية والجسد وظهور ملامح الرجولة نتيجة مجموعة من التغيرات الهرمونية. - ماذا عن العادة السرية؟
من الأسئلة الشاعة "هل يجب أن أخبر ابني عن العادة السرية؟"، لا شك أنه سؤال محير، لكن تذكر أنهمن المستحيل ألا يتعلم الطفل العادة السرية مهما حاولت إبعادها عنها، لذلك من الأفضل أن تتطرق لذكر العادة السرية بعيداً عن الخرافات، تأكد أنك بعيد عن الخرافات الجنسية. - هل يجب أن نتحدث مع الطفل عن الشذوذ الجنسي؟
تعتبر المرحلة التالية لمرحلة البلوغ من أكثر المراحل خصوبة لظهور الشذوذ الجنسي عند الذكور، وذلك أن الرغبة الجنسية المتقدة منفلتة فعلياً وغير مفهومة بالنسبة للطفل البالغ حديثاً، لذلك قد يقع الطفل بسهولة ضحية تجربة الجنس مع الذكور من أقرانه، أو ضحية التحرش والاعتداء من ذكور أكبر سناً دون أن يعارض أو يدافع عن نفسه لعدم إدراكه حدود الرغبة وحقيقتها.
لا بد إذاً من التعرف إلى الميول الجنسية للأطفال عن قرب للتأكد من سويتها والتعرف إلى الإجراءات الممكنة في حال لم تكن هذه الميول سوية، كما لا بد من إطلاع الطفل على ضرورة الحذر من الإشارات الجنسية المثلية من الذكور الأكبر سناً. - هل يجب أن نخبر الطفل عن تفاصيل العملية الجنسية كالانتصاب والإيلاج وغيرها؟
هذه من أكثر النقاط جدلية، فالبعض يرى أن الحديث مع الطفل عن البلوغ يجب أن يقتصر على العموميات كي لا ينحدر إلى الإباحية، والبعض يشجع عرض تفاصيل العملية الجنسية بوسائل الإيضاح العلمية من فيديوهات ومجسمات تتوفر فعلياً في المدارس الابتدائية.
من وجهة نظرنا أنَّ الأهل لا بد أن يجدوا صيغة لإخبار طفلهم على أعتاب المراهقة عن المعلومات الجنسية الحقيقية والعلمية بعيداً عن الإباحية، فالحديث عن الانتصاب ليس سرّاً، وشرح عملية الإنجاب ليس فيلماً إباحياً، ومن الثابت أن الشرح العلمي يفسد غالباً الدلالات الإباحية المحتملة، فشرح عملية التكاثر عند الضفادع لا يعتبر أمراً مغرياً البتَّة، لكنه بالتأكيد يحتوي على معلومات مهمة. - هل من الأفضل أن يخبر الأب ابنه عن البلوغ أم يجب أن تلعب الأم هذا الدور؟
الصورة النمطية أن يتحدث الأب إلى الابن الذكر وأن تتحدث الأم إلى البنت الأنثى، ولا مشكلة في ذلك عموماً وهو الأفضل، لكن هذا لا يعني أن الأم لا يمكن أن تتحدث مع أطفالها الذكور والإناث على حد السواء، أو أن الأب لا يستطيع تعليم ابنته عن الحياة الجنسية.
المهم أن يكون التنسيق قائماً بين الأب والأم في الكواليس، وألا يقدما معلومات متضاربة، وأن يتفقا ضمنياً على طريقة نقل الصورة إلى ابنهما والحفاظ على صحته الجنسية والنفسية. - متى يجب أن أخبر طفلي عن البلوغ؟
على وجه العموم تبدأ التربية الجنسية الصحيحة من عمر السنتين، حيث يجب أن يعلم الطفل في هذا العمر خصوصيته الجنسية والفرق بينه وبين الجنسي الآخر، وتستمر التربية الجنسية في كل مرحلة من المراحل العمرية كسلسلة متصلة تنتهي تقريباً في سن 16 سنة، حيث يجب أن يكون الشاب الصغير في هذا العمر مدركاً تمام الإدراك للحقائق والمعلومات الجنسية.
وفترة البلوغ انطلاقاً من العام الثاني عشر على وجه التقريب قد تكون الأكثر حساسية؛ فإذا كان الأهل قد بدأوا مع ابنهم بداية صحيحة لن يجدوا صعوبة بالغة في الحديث معه عن البلوغ، وسيكون الوقت الأفضل بالتزامن مع ظهور التغيرات الجسدية والنفسية السابقة لمرحلة البلوغ. - هل أخبر ابني عن البلوغ دفعة واحدة؟
الأفضل دائماً ألا يتم إخبار الطفل جميع الأشياء مرة واحدة، لأن ذلك قد يسبب له تشوشاً وربما صدمة نفسية، من الأفضل أيضاً ألا يتم عقد جلسة رسمية لإخبار الطفل عن المعلومات الجنسية، لأن ذلك أيضاً سيجعله متشوشاً وربما خائفاً.
الطريقة الأفضل هي استغلال الفرصة التي يتيحها الطفل نفسه من خلال الأسئلة أو التصرفات المرتبطة بالموضوع، وتقديم المعلومات بطريقة سلسة وبعيدة عن أسلوب المحاضرة.
هنا مربط الفرس، بعد أن يتحدث الأهل مع بعضهم عن مرحلة البلوغ، ويقوموا باستشارة المختص حول أي تساؤلات، سيكون الوقت مناسباً للحديث مع الطفل عن البلوغ.
سواء كان الأهل قد اهتموا بتربية الأبناء الجنسية منذ البداية، أم أنهم وجدوا أنفسهم فجأة أمام بلوغ الطفل واكتمال جسده الجنسي، فإن النصائح التالية ستكون مهمة لهم في الحالتين:
- لا تتجنب الأسئلة عن المواضيع الجنسية: بالدرجة الأولى يجب التخلي عن عادة تجنب الأسئلة، فعندما يسألك ابنك عن الأمور الجنسية لا تقم بنهره ولا تقل له عيب أو حرام، ولا تجبه أجوبة خيالية وفانتازية. ضع باعتبارك أن هذا الجيل يمتلك قدرة كبيرة على الوصول إلى إجابة بديلة، لكنه يسألك لأنه يثق بك أكثر من جوجل أو هذا ما يجب أن يتعلمه!، ومن الأفضل أن تقدم له إجابتك بأسلوبك الخاص.
وإن كان السؤال محيراً أو كنت لا تملك الإجابة يمكنك تأجيلها لبضع ساعات ريثما تتأكد من معلوماتك أو تسأل طبيب العائلة أو الخبراء في موقع حلوها، لكن إياك أن تتجاهل الموضوع أو تأجله لفترة طويلة. - استخدم الوسائل التوضيحية في الحديث عن البلوغ: توفر المكتبات في جميع أنحاء العالم كتباً وكتيبات تعليمية تحتوي على صور تشريحية توضيحية لمرحلة البلوغ والتطورات الجسدية التي ترافقها، كما يمكنكم اليوم اختيار الوسائل التوضيحية المناسبة من فيديوهات وصور عبر شبكة الانترنت، المعيار الوحيد أن تكون هذه الوسائل معبرة عن الأفكار التي يجب أن يدركها الطفل حديث العهد في البلوغ دون إسفاف أو ابتذال أو إباحية.
وعادة ما تعتبر الاستعانة بالحياة الجنسية والتكاثر عند الحيوانات والكائنات الأخرى من الطرق الأكثر نجاحاً، فهي من جهة تعرِّف الطفل إلى فكرة التكاثر وممارسة الجنس من الناحية التقنية والبيولوجية، ومن جهة أخرى تعزز لدى الطفل فهم المبادئ الأخلاقية والاجتماعية للمجتمع البشري المتعلقة بالقضايا الجنسية، كمفاهيم الحب والزواج والإخلاص وغيرها كفوارق جوهرية بين الحياة الجنسية عند الحوان ونظيرتها عند الإنسان. - اجعل التجربة ممتعة: ارتباك الأهل عند الحديث عن المواضيع الجنسية مع أطفالهم إما أن يجعلهم ساذجين جداً بطرحهم، أو أن يتحولوا إلى خطباء أو محاضرين يتعاملون مع الموضوع بصيغة الطالب والأستاذ.
يجب أن يبحث الأهل عن طرق تجعل من الحديث عن البلوغ أو عن المواضيع الجنسية عموماً أمراً ممتعاً، مثلاً يمكن ببساطة إيصال بعض الأفكار داخل الألعاب التقليدية مثل ألعاب السؤال والجواب أو مسابقات الأطفال، أسئلة متعلقة بالموضوع وتساعد الأهل على تصحيح معلومات أطفالهم المغلوطة وإضافة المزيد من المعارف إليهم.
أحد الأصدقاء مثلاً اشترى لابنه البالغ من العمر 11 سنة زوجين من عصافير الحب المعروفة باسم البادجي أو العاشق والمعشوق، وقال له أنَّ هذه الطيور متزوجة والذكر يحب الأنثى، وبعد الزواج سيكون لديهم طفل صغير أيضاً.
عاصفة من الأسئلة كانت كفيلة بتقديم شروحات منطقية وعلمية للطفل، من أسئلة الطفل:- س: متى ستنجب العصافير ولداً؟ ج: عندما يبلغون السن المناسب وتتطور أجسامهم بحيث تكون العصفورة قادرة على تكوين البيضة والعصفور قادر على تلقيح البيضة.
- س: لماذا بيضة وليس حمل كما حصل مع أمي عندما أنجبت أخي؟ ج: نحن ننتمي إلى فئة الثديات، ما يميز الثديات أنها تتكاثر بالولادة وتقوم بإرضاع صغارها بعد ولادتهم، أما الطيور فتتكاثر بالبيوض وتقوم بإطعام صغارها من طعامها.
- س: ما معنى تلقيح؟ ج: خلق الله الكائنات من ذكر وأنثى، لدى كل منهما صفات جسدية معينة، وعندما تتزاوج الكائنات مع بعضها تنتج الأنثى البيضة أو البويضة وينتج الذكر ما يلقح هذه البيضة، فيرزقهم الله بولد جميل مثلك.
- س: بابا ... متى سأتزوج أنا وانجب ولداً؟ ج: خلال سنتين سيبدأ جسمك بالعمل بشكل مختلف وستبدأ بالخطوة الأولى من خطوات الرجولة وتسمى البلوغ، لكن الزواج يعني أن تكوِّن نفسك وأن تكون مستعداً لتحمل المسؤولية ....إلخ.
- علِّم طفلك الحفاظ على خصوصية جسده: من ضمن الأمور التي لا بد أن تكون على لائحة التربية الجنسية أن يتعلم الطفل من عامه الثاني أن جسمه له حدود يمنع منعاً باتاً انتهاكها، ويجب أن يفهم الطفل ضرورة الإخبار في حال تعرضه لأي مضايقات.
في مرحلة البلوغ لا بد من تعزيز هذه المفاهيم، بالتوازي مع تعليم الطفل أن كل جسد له خصوصية، فالطفل في هذه المرحلة قادر نسبياً على إدراك المفاهيم الاجتماعية.
لا بد من تعليمه أن أجساد الأطفال الآخرين أيضاً ممنوعة عليه مثلما هو جسده ممنوع على الآخرين، وتأكد أن تقديم المعلومات الجنسية بالوسائل الإيضاحية للأطفال سيكبح إلى حد بعيد رغبتهم باكتشاف أجساد الأطفال الآخرين، فقد يلجأ الطفل إلى محاولة اكتشاف جسد أخته الصغيرة أو إحدى البنات القريبات إن لم تكن قد أعطيته ما يريد من المعرفة، أيُّهما أفضل؟! - لا تتردد بطلب المعونة: ربما تتذكر كيف تعلمت أنتَ أو أنتِ المواضيع الجنسية من الأهل أو المحيط، إذا كانت تجربتكم جيدة عودوا إلى أهاليكم واستشيروهم، وإن لم تكن كذلك تأكدوا أن تمنحوا أطفالكم تجربة مختلفة.
لا تترددوا أبداً بطلب الاستشارة من المختصين، ويتيح لكم موقع حلوها طلب الاستشارة المجانية من خلال هذا الرابط، حيث ستحصلون على جلسة عصف ذهني حقيقية من خلال آراء الخبراء والقراء والحكم لكم، كما يمكنكم التواصل مع خبراء موقع حلوها بشكل خاص وسري من خلال خدمة ألو حلوها.