ما هو الزواج المدني ولماذا هو محرم في الإسلام؟

تعريف الزواج المدني والفرق بين الزواج المدني والزواج الشرعي ولماذا حرم الإسلام الزواج المدني
ما هو الزواج المدني ولماذا هو محرم في الإسلام؟
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يعتبر عقد الزواج رابط مقدس بين شخصين في جميع المجتمعات والأديان يهدف إلى تكوين أسرة وهناك بعض الدول التي تربط الزواج بالدين ودول أخرى تجعل الزواج خاضعاً لإرادة الطرفين فقط والذي يسمى بالزواج المدني، ولكن ما هو الزواج المدني وما الفرق بينه وبين الزواج الشرعي والعرفي، وما هي سلبياته وإيجابياته؟ كل ذلك سنناقشه في مقالتنا هذه.

الزواج المدني (Civil marriage) هو عقد قانوني مدني غير ديني بين طرفين بالغين ينشأ بإيجاب وقبول واتفاق على إنشاء علاقة زوجية وفق فانون الدولة المدني، يتم توثيق هذا الزواج في محاكم الدولة التي تطبق القانون والدستور بين طرفين مسجلين في السجل المدني لديها أو الأشخاص المقيمين فيها.
وكلمة "المدني" في الزواج المدني تشير إلى التخلي عن القواعد الدينية الناظمة للزواج الديني، ما يعني أن الزواج المدني هو زواج يقوم على القانون الوضعي وليس القانون الشرعي ولا تطبّق فيه الحدود الشرعية للزواج الديني مثل دين الزوجين أو حضور ولي أمر الزوجة أو استحالة الطلاق، وينظر في النزاعات القائمة عنه في المحاكم المدني وليس المحاكم الشرعية.
يقوم الزواج المدني على إلغاء الحاجز الديني والعرقي والمذهبي بين الطرفين الراغبين في الزواج، وتم إقرار الزواج المدني في العديد من الدول إما بشكل إلزامي أو اختياري، كما أن هناك دول لا تعترف بهذا الزواج.
يمكّن الزواج المدني أتباع الديانة الإسلامية من الزواج بالمسيحيين أو اليهود أو أي دين أو طائفة وبالعكس، ويقوم الزواج المدني على القبول من الطرفين ووجود الشهود والشخص كاتب العقد، حيث يمكن تضمين العقد كافة الشروط التي يتفق عليها الطرفين وأي مخالفة لهذه الشروط تعتبر مخالفة للقانون وتوجب التعويض حسب نص القانون الوضعي.

animate
  • المرجعية القانونية: في الزواج المدني تكون المرجعية القانونية في إقامة وإنهاء الزواج هي القانون الوضعي للدولة، وينظر في قضايا تثبيت وإنهاء الزواج أمام محاكم مدنية مختصة، أما في الزواج الديني فتكون المرجعية هي المحاكم الشرعية التي تلتزم بقانون الدولة المستمد من الشريعة، وفي بعض الدول تكون المحاكم الشرعية منفصلة لكل طائفة أو ملّة على حدة.
  • الزواج الديني يختلف باختلاف ديانة الزوجين: إن الزواج الديني تحكمه الشريعة التي ينتمي لها كل من الزوجين فإجراءات الزواج تختلف في المحاكم الشرعية الإسلامية عن المسيحية أو الدرزية، أما الزواج المدني فإجراءاته واحدة أمام المحاكم.
  • الزواج المدني لا يحتاج لوجود رجل دين: إن الزواج المدني يتم أمام المحاكم دون حاجة لوجود رجل دين كما في الزواج الديني كالشيخ أو القس أو حتى المأذون الذي يعتبر منتدب من قبل المحاكم الشرعية لعقد الزواج.
  • ضوابط عقد الزواج: هناك عدة ضوابط في الزواج الديني لا يمكن الخروج عنها أبداً مثل المهر والمعجل والمؤجل للزوجة، أما في الزواج المدني لا يوجد شروط لازمة لإتمام العقد غير التي يضعها الطرفين بمحض ارادتهما.
  • محظورات الزواج: يختلف الزواج المدني عن الشرعي في أنه يبيح أشياء محظورة في الأديان فهو مثلاً يسمح بزواج المسلمة من رجل من غير دينها وهو ما يخالف الشريعة الإسلامية، كما أنه يسمح للزوجين بالطلاق وهو ما يعد محظوراً لدى بعض الطوائف المسيحية.
  • إنهاء الزواج: في عقد الزواج الديني يعتبر الزواج رابط مقدس يقوم على الاستمرار والديمومة، ويكون الانفصال أو الطلاق تحت شروط معينة ويخضع في بعض الأحيان للسلطة التقديرية للقاضي وفي بعض الأديان يكون الزواج رابط مؤبد لا يمكن انهائه لأي سبب كان، أما في الزواج المدني فلا يخضع الطلاق لأي قيد أو شرط إلا وفق ما اشترطه الزوجان ووافقا عليه في عقد الزواج.

يواجه الزواج المدني العديد من الانتقادات في الأوساط العربية والإسلامية، كما أن العديد من دور الإفتاء العربية رفضت وحرمت الزواج المدني بشكل مطلق على اعتباره يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
ذهب بعض الفقهاء إلى تحريم الزواج المدني تحريماً مطلقاً استناداً إلى الحديث النبوي الشريف (لا نكاحَ إلا بوليّ وشاهدَيْ عدلٍ) فالزواج في الإسلام يخضع لأحكام الشريعة والقرآن الكريم، بينما الزواج المدني يخضع لدستور وقوانين الدولة وإرادة الطرفين.
فمثلاً الإسلام حلل زواج الرجل من أربع نساء كما حلل الطلاق ولكن بشروط معينة ونظّم الميراث وفق ما جاء في القرآن كما أن الميراث يقوم على مبدأ للذكر مثل حظ الأنثيين، فيما يعتبر الزواج المدني مانعاً للتعدد ومختلفاً في أحكام الطلاق، ويستثني شرط العقد الشرعي والمهر.
إلا أن هناك فقهاء وعلماء دين لم تحرم الزواج المدني بشكل مطلق، حيث أن الزواج المدني إذا لم ينافي تعاليم الشريعة الإسلامية وتم وفق شروطها وبهدف توثيق الزواج وتسجيله في محاكم الدولة منعاً من التلاعب وحفاظاً للحقوق وخاصة في دول تفرض الزواج المدني فلا يعتبر الزواج المدني محرماً، بحيث يكون اللجوء له في حالات الضرورة فقط، أما إذا خالف شروط التعاليم الإسلامية مثلاً تحديد موعد للطلاق أو زواج المرأة المسلمة من رجل غير مسلم أو الزواج دون مهر، كل ذلك يجعل الزواج المدني محرماً وغير معترف فيه بالإسلام.

  • مخالفة التعاليم الدينية: غالباً ما يكون الزواج المدني مخالفاً للتعاليم الدينية من حيث الشروط والإجراءات والصيغة مما يجعله منتقد من قبل الأشخاص المتدينين والمؤسسات الدينية.
  • لا يوجد ضمانات للمرأة: من سلبيات الزواج المدني من وجهة نظر معارضيه أنه لا يوفر ضمانات للمرأة بعد زواجها وغالباً ما يكون قصدهم هو المهر والمقدم والمؤخر والنفقة، فكل ذلك لا وجود له في الزواج المدني.
  • الجمع بين زوجين من ديانات مختلفة: من سلبيات الزواج المدني أنه غالباً ما يجمع بين زوجين من ثقافة دينية مختلفة وما يتبع ذلك من خلافات على طريقة تربية الأطفال أو مثلاً الاختلاف في الطعام حيث هناك بعض الأطعمة المحرمة في كل دين، مما قد يؤدي إلى نشوء مشاكل بين الزوجين، فضلاً عن انتهاك الضوابط الشرعية للزواج المختلط دينياً.
  • رفض المجتمع لهذا النوع من الزواج: ترفض أغلب المجتمعات العربية والإسلامية هذا النوع من الزواج مما يجعل الأسرة الناتجة عن هذا الزواج وخاصة في حالة اختلاف الأديان تشعر بالعزلة.
  • رفض أهل الزوجين للزواج المدني: يمكن أن يقف أهل الزوجين عائق لإتمام الزواج المدني والذي غالباً ما يكون بهدف الزواج بين شخصين مختلفين في الدين تمرداً على الدين ومنساقين بالعواطف والمشاعر فغالباً ما يكون الأهل في هذه الحالة رافضين لهذا النوع من الزواج ويجعل الزوجين يتجاوزون الأهل ويعقدون هذا الزواج. [3]
  • التقليل من ظاهرة الاحتيال على القانون: يساعد الزواج المدني على التخلص من ظاهرة الاحتيال على القانون والتي تتم من خلال السفر إلى دولة تعترف بالزواج المدني مثل قبرص وعقد هذا الزواج فيها ثم العودة للوطن لتثبيته.
  • القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة: يتمتع الزوجين في العقد المدني بكامل الحقوق المدنية بشكل متساوي مثل حق الطلاق وحق الإنفاق وحق الميراث.
  • القضاء على الفروقات الدينية: يلغي الزواج المدني الفروقات الدينية بين الأديان والطوائف فلا يمانع زواج مسلم من مسيحية مثلاً أو بالعكس، وهذا ما ينظر إليه أنصار الزواج المدني بوصفة ميزة مهمة.
  • المساواة بين الجنسين: يساوي الزواج المدني بين الرجل والمرأة في الإنفاق، فلا يجعل حق الإنفاق على الرجل وإنما يشترط مساعدة المرأة له في الإنفاق.
  • التقليل من عبء تكاليف الزواج الديني: فالزواج المدني غالباً ما يكون أكثر تيسيراً وأقل عبء مادي على الزوجين.
  • القضاء على ظاهرة استغلال المرأة: غالباً ما يتم استغلال المرأة للخوض في علاقة غير شرعية بحجة أن الرجل لا يستطيع الزواج منها بسبب منع القانون القائم على الشريعة لهذا الزواج فالزواج المدني يقلل من هذه الظاهرة. [4]

تنويه: لا يتبنى موقع حِلّوها موقفاً مؤيداً أو معارضاً للزواج المدني، وإنما تم عرض الإيجابيات من وجه نظر أنصار الزواج المدني، والسلبيات من وجهة نظر معارضيه.

  • حق الزوجة في الطلاق: في الزواج الشرعي ينحصر حق الطلاق للزوج فهو الذي يرمي اليمين بشكل مطلق دون قيود أما المرأة فيكون لها حق طلب التفريق في المحاكم، بينما في الزواج المدني حق الطلاق حق محفوظ للمرأة يمكن طلبه في كل الأحوال.
  • عدم السماح للزوج بالزواج من امرأة أخرى: الزواج الديني الإسلامي يسمح بأن يتزوج الرجل حتى أربع مرات وأي شرط في العقد الشرعي بعدم زواج الرجل على زوجته يعتبر الشرط كأنه لم يكن، بينما في الزواج المدني لا يجوز أن يتزوج الرجل على زوجته وهي في ذمته.
  • حق المرأة في تزويج نفسها دون وجود وصي: في الزواج الديني لا يمكن للمرأة أن تعقد قرانها دون وجود ولي لها، بينما في الزواج المدني فيمكن للمرأة البالغة الراشدة أن تتزوج دون وجود ولي مثل أي عقد آخر.
  • استبعاد الطاعة والرضوخ للزوج: يعتبر الزواج الديني قائم على طاعة الزوج كذلك مفهوم بيت الطاعة حيث يمكن للزوج أن يطلب زوجته لما يسمى بيت الطاعة عندما تكون ناشزاً وهذا ما لا يعترف فيه الزواج المدني فالطرفين متساويين. [3]

يعتبر الشعب العربي شعب متدين بطبيعته سواء كان من الدين الإسلامي أو المسيحي مما جعل معظم الدول العربية ترفض الزواج المدني والاعتراف به، ويعتبر هذا الزواج مخالفاً للشرائع السماوية لأن الممنوع في هذه الديانات يعتبر مشروعاً في الزواج المدني، وأبرز مواقف الدول العربية من الزواج المدني:

  • الزواج المدني في مصر: يخضع الزواج للأحكام الدينية في مصر، بحيث تقوم مؤسسة الأزهر ممثلة بالمأذون بالنسبة للمسلمين بعقد الزواج، كذلك الكنسية تقوم بتنظيم عقود الزواج بالنسبة للمسيحين، وبالتالي لا تسمح وزارة العدل بتوثيق زواج مواطنين مصريين لم يتم عقد قرانهما من قبل المأذون أو الكاهن، وبالتالي فإن مصر رفضت الزواج المدني بشكل مطلق.
  • الزواج المدني في لبنان: بسبب كثرة الطوائف والأديان في لبنان وبسبب عدم وجود قانون عام للأحوال الشخصية ما جعل الزواج والطلاق فيها يخضع لقوانين وشروط والإجراءات الخاصة بكل ديانة وطائفة والتي بلغ عددها 18 طائفة، هذا التخبط في الشروط والاجراءات تسبب في مظاهرات في الشارع اللبناني للمطالبة باعتراف الدولة بالزواج المدني، الأمر الذي جعل الحكومة تعترف بالزواج المدني الذي يتم خارج أراضيها فقط.
  • الزواج المدني في سورية والأردن: على غرار لبنان لا يسمح قانون دولة سورية والأردن بالزواج المدني على أراضيها ولكن يعترفون بالزواج المدني الذي يتم في دولة تعترف بالزواج المدني وغالباً ما يلجأ الطرفين إلى قبرص لعقد زواجهما مدنياً ثم تثبيته في دولتهم.
  • الزواج المدني في تونس: تعتبر تونس الدولة العربية الوحيدة التي اعترفت بالزواج المدني حيث فصلت الدين عن قانون الأحوال الشخصية حيث منع القانون التونسي تعدد الزوجات مثلاً.
  • الزواج المدني في الجزائر: تعتبر الحقوق المدنية في الجزائر مختلفة عن باقي الدول العربية حيث تعترف الجزائر بالزواج المدني بشرط ألا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.

المراجع