تجارة الأعضاء البشرية وطرق مكافحة الإتجار بالأعضاء

بحث عن تجارة الأعضاء وأساليب مكافحة الإتجار بالأعضاء البشرية، أسباب انتشار تجارة الأعضاء والأساليب غير المشروعة، وحكم بيع الأعضاء البشرية في الإسلام
تجارة الأعضاء البشرية وطرق مكافحة الإتجار بالأعضاء

تجارة الأعضاء البشرية وطرق مكافحة الإتجار بالأعضاء

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

تعتبر تجارة الأعضاء البشرية مشكلة عالمية بدأت تنتشر بشكلها الغير قانوني وتتزايد نسبة حدوثها في العديد من المجتمعات، فعلى الرغم من أنها الملجأ في بعض الأحيان لإنقاذ حياة العديد من الأشخاص في الدول الغنية، فهي تؤدي لانتشار الجريمة بشكل مخيف وإنهاء حياة نسبة كبيرة من الناس في بلدان أخرى وخصوصاً البلدان الفقيرة، فما هي الأسباب التي ساهمت في زيادة حدوث هذه الظاهرة الخطيرة، وكيف يمكن مكافحتها والحد منها؟ 

دفعت العديد من المسببات في السنوات الأخيرة لزيادة انتشار ظاهرة الاتجار بالأعضاء البشرية على مستوى العالم، ومن أبرزها: [1-2]

  • تطور عمليات زراعة الأعضاء: بعد أن قدم التطور الطبي للبشرية إمكانية زراعة الأعضاء وأسهم في إعطاء أمل للمرضى الذين عانوا من تعطل عمل أحد أعضائهم، انفتح العالم على نوع جديد من التجارة الغريبة من نوعها، وهي الإتجار بالأعضاء البشرية، ومع تطور الدراسات وازدياد فرص تحقيق هذه الزراعة بشكل فعلي في المستشفيات، أصبح الطلب يزداد تدريجياً على هذه الأعضاء ومعها بدأت تتطور ظاهرة تجارة الأعضاء البشرية بشكل متسارع في العالم.
  • احتياج بعض المرضى لزراعة الأعضاء: إن حدوث عطب في أحد أعضاء الجسد عند بعض المرضى سيؤدي في كثير من الحالات لمفارقة للحياة، وعلى الرغم من إمكانية إنقاذ حياتهم بزراعة عضو جديد مكان العضو المعطوب، فإن تأمين الأعضاء البشرية لإجراء تلك الزراعات ليس بالأمر السهل، فيمكن أن يضطر المريض للانتظار عدة شهور قبل إيجاد فرصة للحصول على عضو يتعالج به من علته، ومن أجل السرعة وضمان تأمين ذلك العضو يلجأ المريض للبحث عنه بطرق غير شرعية، مما زاد من فرص تطور ظاهرة تجارة الأعضاء وانتشارها.
  • ازدياد الطلب على زراعة الأعضاء في الدول الغنية: حيث يستطيع أفراد المجتمعات الغنية تقديم أي مبلغ مالي مقابل الحصول على عضو ما ينقذ حياتهم أو حياة شخص مقرب منهم، وهذا ما يدفع تجار وسماسرة الأعضاء البشرية لأخذ مبالغ كبيرة منهم مقابل تأمين ذلك العضو بطرق غير مشروعة.
  • الفقر وبيع الأعضاء: يقوم الكثير من الناس عندما يحتاجون لإجراء عملية زراعة عضو أو نسيج ما بالبحث عن أشخاص فقراء تضطرهم الحاجة للتخلي عن أحد أعضائهم أو أنسجتهم، وهي التي تدعى تجارة الأعضاء البشرية الحية، والتي أشهرها بيع إحدى الكليتين، وعلى الرغم من دفع المال للفقير مقابل ذلك، فإنه لا يحصل سوى على مبلغ زهيد مما تساويه القيمة الحقيقية لهذا العضو.
  • الحروب والانفلات الأمني: انتشار الصراعات والحروب في عدة بلدان مؤخراً ساهم في تعبيد الطريق أمام ظاهرة تجارة الأعضاء وتصاعد نسب حدوثها، فالبلد الذي يعاني من الحرب والنزاعات المسلحة؛ تغيب فيه القدرة على ضبط هذا النوع من الأنشطة بشكل كبير، بالإضافة لإمكانية استغلال الجثث التي تقع ضحية الحرب واستئصال أعضائها بطرق غير مشروعة.
  • ارتفاع أسعار الأعضاء البشرية: المبالغ الطائلة التي تدفع مقابل الحصول على الأعضاء البشرية يؤدي لإغراء الكثيرين ليبيعوا ضميرهم مقابل تجنيدهم في هذه الجريمة، حيث أصبح اليوم تجار البشر متواجدين بشكل فعلي لا يمكن إنكاره جاعلين من ظاهرة تجارة الأعضاء البشرية أمر واقع يثير القلق لكثير من الشعوب والحكومات.
  • قلة المتبرعين بالأعضاء: لا شك أن عمليات زراعة الأعضاء ساهمت في تحقيق إنجازات طبية وإنسانية مهمة، ولكن قلة المتبرعين قد تقف عائقاً في تطور هذا المجال، ومع قلة أعداد المتبرعين طوعياً، تزداد أساليب البحث عن متبرعين يريدون بيع أعضائهم، أو تجار أعضاء بشرية بطرق غير أخلاقية وغير مشروعة من قبل المرضى المحتاجين لزراعة أعضاء.
animate

في ظل قلة الطرق المشروعة للحصول على الأعضاء البشرية، تكون غالبية الطرق المتبعة للحصول عليها غير أخلاقية وبعيدة كل البعد عن القوانين والأنظمة، وفي سياق ذلك نذكر: [3]

  • إجراء عمليات كاذبة: حيث يمكن استغلال المرضى الفقيرين في بعض الدول النامية من قبل تجار البشر وإقناعهم بأنهم سيجرون لهم عمليات تشفيهم من أمراضهم مجاناً أو مقابل مبالغ مالية زهيدة، ثم يحصلون منهم أثناء العملية على الأعضاء أو الأنسجة التي يريدونها بدون علم المريض بذلك، بحيث لا يستطيع المريض اكتشاف ما تم سرقته منه إلا بعد فترة وجيزة.
  • طرق إجرامية لتجارة الأعضاء: هي الأبشع والأكثر خطورة، منها استدراج الناس والقيام بخطفهم ونزع الأعضاء منهم، وقد يصل الأمر لقتل المخطوفين في بعض الأحيان.
  • خداع الأشخاص الفقراء: عن طريق إغرائهم بمبالغ كبيرة ووهمية مقابل بيع أعضائهم، ثم خداعهم بعدم إعطائهم المال أو تقديم مبالغ زهيدة جداً لهم.
  • استغلال الجثث حديثة الوفاة: وذلك بطرق غير مشروعة، كإخراج الجثث من قبورها في يوم دفنها بسرية تامة، أو استغلال الجثث المجهولة الهوية في البلاد التي تندلع فيها الحروب.
  • تجنيد أطباء في مناطق الحروب: حيث يتم تأمين تواجد أطباء بشكل قسري دائم في بعض البلدان التي تنتشر فيها الحروب، مهمتهم انتزاع الأعضاء من جثث الضحايا حديثي الوفاة.

الطرق المشروعة للتبرع بالأعضاء

وهي لا تعبر عن مفهوم التجارة بشكل دقيق، وإنما تندرج بشكل أكبر تحت فكرة التبرع بالأعضاء، حيث تسمح بعض القوانين بالتبرع بالأعضاء بشرط وجود تطابق في إمكانية الزرع بين المتبرع والمتلقي، بالإضافة إلى أن بعض القوانين تلزم وجود قرابة بينهم بشرط عدم تقاضي أي مبلغ مالي مقابل ذلك، أو يمكن التبرع بالأعضاء بعد الوفاة لمراكز البحوث العلمية والمنظمات الصحية المتخصصة بإشراف ورقابة قانونية.

وذلك يعتمد على نوعية الأعضاء التي يوجد إمكانية لزراعتها بدلاً عن الأعضاء المماثلة المعطوبة في أجساد المرضى، ومن أبرز الأعضاء التي يتم تأمينها بطرق التجارة غير المشروعة: [4]

  • الكلى: من أكثر الأعضاء التي يتم الاتجار بها نظراً لتطور عمليات زراعتها بالإضافة للمقدرة على أخذها من الأشخاص الأحياء، وذلك بهدف إنقاذ حياة المرضى المصابين بالفشل الكلوي، حيث تعجز أجسادهم عن تفريغ محتواها من الفضلات فيلجؤون للقيام بغسيل الكلى بشكل مستمر مدى الحياة ريثما يستطيعون إيجاد متبرع أو الحصول على كلية متوافقة مع أجسادهم، والتي تعد الخيار الأفضل للبقاء على قيد الحياة.
  • القلب: أيضاً من الأعضاء التي تحتل مركزاً مهماً في تجارة الأعضاء البشرية، وخصوصاً أنه لا يمكن الحصول عليها إلا من جسد متوفي، بالإضافة لأنه عضو حساس، فعندما تفشل محاولات العلاج المختلفة لمريض مصاب بعلّة في القلب، فلا وسيلة لإنقاذ حياته إلا بإجراء عملية زراعة قلب جديد له.
  • الكبد: يوجد اعداد كبيرة من المرضى حول العالم ينتظرون الحصول على كبد موافق يستطيعون زراعته في أجسادهم، وذلك نظراً لأهمية هذا العضو في الجسم وخطورة أمراضه، وهذا يجعل معدلات الاتجار بهذا العضو عالية وخطرة.
  • الرئة: على الرغم من أن عمليات زراعة الرئة تحمل العديد من المخاطر إلا أنها الملاذ الأخير لكثير من المرضى الذين استنفذوا كل طرق العلاج للمشكلة الموجودة لديهم في كلتا الرئتين، وبالتالي تكون أيضاً من الأعضاء التي يهتم كثير من المرضى بالبحث عنها عن طريق تجار الأعضاء البشرية.
  • البنكرياس: تطلب زراعة البنكرياس لعلاج مرضى داء السكري من النمط الأول الذي تعذر علاجه عندهم بالطرق الأخرى.
  • القرنية: حيث يستفيد منها الأشخاص المكفوفين نتيجة تلف القرنية لديهم، وتؤخذ من الأشخاص المتوفين حديثاً لذا هي من الأعضاء البشرية الهامة المستهدفة بطرق الاتجار بالأعضاء.

مكافحة تجارة الأعضاء البشرية من الضروريات المتعلقة بأمان كل دولة ومن المهام الواجبة على الحكومات بمختلف أجهزتها، ومن البنود المقترحة في ظل ذلك:

  • ضبط الحدود: تسعى على كل دولة لاتخاذ التدابير الأمنية القصوى لحماية حدودها من خطر تهريب الأعضاء البشرية، ولضبط العصابات المتورطة في هذه الجريمة والحد منها، وذلك عبر عقد اتفاقيات مع دول الجوار ونشر المراقبين على حدودها.
  • ملاحقة العصابات: تجارة الأعضاء البشرية جريمة خطرة تتزعمها شبكات منظمة وكبيرة تمارس أنشطتها في المجتمع بطرق غامضة وخفية، لذا تحاول دائماً أجهزة الأمن والشرطة كشف ملابسات أي جريمة خطف أو نصب على الأشخاص الفقراء الذين عرض عليهم مبالغ مالية كبيرة مقابل الحصول على عضو من جسدهم، والاستمرار في ملاحقة تلك الجرائم حتى القبض على عصاباتها وإنشاء هيئات وأجهزة مختصة في هذا النوع من الجرائم.
  • فرض رقابة على العمليات الجراحية: حيث أن الهيئات الصحية الحكومية الرسمية تمنع القيام بأي إجراء جراحي خارج نطاق المستشفيات المرخصة والمراقبة والمراكز الصحية الموثوقة والمعروفة، ومعاقبة أي طبيب يقوم بإجراء عمليات بشكل منعزل في عيادات خارجية وخاصة.
  • سن قوانين صارمة: والتي تكون خاصة بكل بلد بهدف معاقبة كل من يتورط بالمشاركة في جريمة تجارة الأعضاء البشرية.
  • الاتفاقيات الدولية: من المهم انشاء اتفاقيات دولية يتم من خلالها العمل على إيجاد طرق تساعد في مكافحة هذه الجريمة وتوحيد الجهود الدولية الموجهة لذلك ويوجد فعلاً منظمات دولية تحارب هذا النشاط وتسعى للحد منه.
  • التوعية والتحذير: من المهم إنشاء حملات تشرف عليها هيئات حكومية لنشر الوعي بين الناس حول ظاهرة تجارة الأعضاء، فيجب التحذير من الخضوع لأي عملية جراحية من جهة غير موثوقة مهما كانت المغريات مقابل ذلك.
  • التبليغ عن الأشخاص المتورطين: يجب التنويه لأهمية التبليغ بشكل فوري عن أي شخص يحاول الترويج لأي نوع من العمليات السرية أو الغير مشروعة أو يحاول إغراء عائلات فقيرة بمبالغ مالية مقابل أخذ عضو منهم.

لقد كرم الله عز وجلّ جسد الإنسان في حياته ومماته، وأوصى بالحفاظ عليه صيانةً لهذا التكريم، حيث أن جسد كل إنسان هو ملك الله وحده وليس ملك الإنسان وليس له حق التصرف فيه على أنه سلعة فهو بذلك ينافي التكريم الذي ورد في قوله تعالى "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ"سورة الإسراء الآية 70، لذا فإن أحكام بيع الأعضاء البشرية بهدف الانتفاع المالي فقط هي أحكام باطلة طالما أنها لا تقوم على أساس المنفعة الإنسانية الصحية التي من شأنها إنقاذ حياة مريض من الموت بشكل مؤكد، أما فيما يخص التبرع بدافع إنقاذ حياة شخص ذهب العديد من الفقهاء لإجازة التبرع بالأعضاء البشرية مع توافر عدد من الشروط منها:

  • الرغبة بعمل الخير: وجود المنفعة الصحية للشخص الآخر الذي يأخذ العضو، حيث يقول الفقهاء أنه لا ضير في ذلك بما أن المنفعة متحققة من ذلك العضو وتنقذ نفساً بشرية من الهلاك من دون أذية نفس أخرى.
  • ضمان نجاح العملية: يجب أن تكون الآراء التشخيصية للأطباء والتحاليل الطبية أن تعطي نسبة كبيرة لاحتمال استفادة المريض الشاري من العضو المراد بيعه.
  • حاجة الشاري: الشاري يجب أن يكون شخصاً مريضاً بحاجة للعضو حصراً.
  • عدم البيع لسماسرة وتجار الأعضاء البشرية: حيث يكون عندها الانتفاع المالي هو الدافع لبيع ذلك العضو وهذا غير جائز.
  • عدم التأثير على صحة المتبرع: حيث أن عملية التبرع بأحد الأعضاء لدى الإنسان الذي يبيع جزء من أنسجته أو عضو منه يجب أن تكون آمنة مستقبلاً ولا تؤثر على حياته ويعلم بعوارضها الجانبية.

المراجع