فن إدارة المشاعر والتحكم بالعواطف

فن إدارة المشاعر والأحاسيس، التحكم بالانفعالات وطرق إدارة المشاعر السلبية، استراتيجيات الذكاء العاطفي الفعالة في إدارة المشاعر
فن إدارة المشاعر والتحكم بالعواطف
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

المشاعر والانفعالات جزء أساسي من حياتنا اليومية، بعضها يحدث بشكل كثيف ومعتاد مثل الضحك على رسالة نصية أو منشور طريف، أو الإحباط من الزحام المروري في ساعات الذروة، وبعضها يحدث على فترات، ويكون أكثر حدة مثل الحزن من خذلان صديق، أو الغضب من أفعال الآخرين، وغيرها، وتظل المشاعر والانفعالات أمرا طبيعيًا ما دامت تحت السيطرة، وما دامت مناسبة للموقف، ولا تؤثر على الاستقرار النفسي للإنسان.

إدارة المشاعر هي القدرة على إدراك المشاعر الذاتية – وأحيانًا فهم مشاعر الآخرين-، وتقبلها والسيطرة عليها بنجاح... ويمكن تعريف إدارة المشاعر بأن تكون تقود مشاعرك بدلا من أن تقودك هي.

تعريف ضبط النفس العاطفي
ضبط النفس العاطفي Emotional self-control هو القدرة على إدارة العواطف المزعجة والاستمرار في الحياة بفاعلية، حتى في المواقف العصيبة[1].
ومن المهم ملاحظة أن كلمتي "ضبط" و"إدارة" تختلفان عن قمع العواطف والمشاعر، فنحن نحتاج إلى المشاعر الإيجابية لنزدهر، ولكننا نحتاج أيضًا إلى تقبل وتفهم المشاعر الصعبة لأنها جزء من الحياة، وإذا أدرناها بشكل جيد فإنها تساعدنا على النمو.
 

animate

إدارة المشاعر جزء من الذكاء العاطفي الذي يحقق رفاه الأفراد وسعادتهم واستقرارهم النفسي والحياتي، لأنه يساعد الأشخاص على تفهم وضبط العواطف المزعزعة لاستقرارهم النفسي والبقاء هادئين.
إدارة المشاعر بطريقة صحيحة من أهم المهارات الحياتية لحماية الإنسان نفسيًا وضمان استقرار حياته على كافة المستويات، فكبت المشاعر من ناحية يمثل مدخلا إلى المشكلات والاضطرابات النفسية، وسيطرة المشاعر من ناحية أخرى وتفلتها والتعبير عنها بأي طريقة يؤدي إلى العديد من المشكلات ويصعب حياة الإنسان الاجتماعية ويفسد علاقاته، وقد يؤدي إلى خسارته لأغلى الاشياء في حياته، بل ولحياته نفسها.

ويمكن تلخيص أهمية إدارة المشاعر في الآتي:
1- عدم القدرة على تنظيم المشاعر والتعامل معها هو السبب الجذري للاضطرابات النفسية مثل: الاكتئاب واضطراب الشخصية الحدية.

2- طريقة تعبيرك عن مشاعرك تؤثر على نظرة الآخرين لك، وانطباعهم عنك، إذا ضحكت مثلا على رسالة وصلتك أثناء اجتماع عمل جاد، فسيثير هذا استياء الآخرين، وإذا بالغت في الغضب إذا قطع أحدهم طريقك أثناء القيادة فربما يؤدي هذا إلى أمور لا تحمد عقباها.

3- نحن معرضون للخطأ وتعطل القدرات والمهارات بشكل كبير عندما نكون تحت سيطرة انفعالاتنا السلبية الشديدة، والسبب في ذلك أن اللوزة الدماغية هي التي تستقبل التهديدات، وعندما تجتاح العقل العواطف الشديدة بدون ضبطها فإنه يحدث ما يُسمى بـ"اختطاف اللوزة" [2]، حيث تتولى بقية مهام المخ مما يضعف قدرات التعلم والتذكر والمرونة والابتكار، وغالبًا ما ترتكب اللوزة أخطاء لأنها تحصل على جزء صغير فقط من الإشارات التي تتلقاها الحواس، وتعالجها بشكل فائق السرعة، بينما تذهب الغالبية العظمى من مُدخلات الحواس إلى أجزاء أخرى من الدماغ تستغرق وقتًا أطول لتحليلها.

وفي ضوء ما سبق يتضح لنا سبب خطأ معظم القرارات التي يتخذها الناس أثناء انفعالاتهم الشديدة، أو بمقتضى عواطفهم، تقول الخبيرة النفسية في موقع حلوها سراء الأنصاري ردًا على سيدة تشكو كونها عصبية ومتبلدة المشاعر مع من حولها
"
لديك عدم السيطرة علي الانفعالات، وقد تحدث دون سبب، ولكن بالتأكيد سوء التعامل بالطفولة زاد الحالة.. المهم هذه الحالة قابلة على العلاج الدوائي وستتحسن عصبيتك وتوترك.. ولكن مع كل هذا تحتاجين إلي إعادة تأهيل بدورات تطوير الذات أو جلسات نفسية لتعيدي النظر في وضعك ونفسك وتصادقي نفسك وتحبينها، وأن تجدي الأسباب التي أثرت عليك في الفهم أو الحفظ قد يكون السبب القلق أو الخوف.. لابد أن تتصالحي مع نفسك أولا وتحبينها وتتفهمي موقف الأهل والأخوات فهم أيضا كانوا جهلة ولم يحسنوا التعامل معك وليس لأنهم سيئون، أعيدي اكتشاف نفسك وإن كنت تحبين نفسك ستحبين أولادك ولن تتنمري عليهم، أنت تم التنمر عليك وهذا انعكس عليك فتنمرت على زوجك وأولادك، أصري على التغيير لتنقذي نفسك وأولادك".
 

هناك العديد من الأساليب الضارة التي يستخدمها بعض الناس للتعامل مع مشاعرهم السلبية، وأهمها:

1- الإنكار المشاعر السلبية
حيث يرفض الشخص الإقراربأنه يعاني من أية مشكلة، ويتظاهر بأنه على ما يرام حتى مع نفسه، وقد يؤدي هذا به إلى "الانفجار" أو التصرف بطريقة ضارة.

2- الانسحاب
حيث يبتعد الشخص عن التواجد أو المشاركة في أية أنشطة مع الآخرين، وهذا يختلف عن الرغبة في أن تكون وحيدًا من وقت لآخر، وقد تكون علامة تحذيرية على الاكتئاب.
ويؤدي الانسحاب إلى سلسلة من المشاعر السلبية الجديدة، مثل: الشعور بالوحدة الشديدة، وسوء التفاهم، والغضب، وتشوه التفكير.

3- التنمر
وفيه يستخدم الشخص التهديد أو السخرية لإظهار القوة على الآخرين، وعادة ما يستخدم الأشخاص سلوك البلطجة لأنهم لا يشعرون بالرضا عن أنفسهم، وعندما يُشعرون شخصًا آخر بالسوء تجاه نفسه فهذا يخفف شعورهم بالاستياء الداخلي، ولكن التنمر ضار للفاعل والمتلقي الذي يتعرض للتخويف، ولا يعالج الأسباب الرئيسية والمشاعر السلبية لدى من يقوم بالتنمر.

4- إيذاء النفس
يمكن أن يتخذ إيذاء النفس أشكالًا متعددة منها: الجرح والضرب أو تجويع النفس، أو الانهيار، أو المشاركة في سلوك خطير.
كثير من الناس يضرون أنفسهم لأنهم يشعرون بأن هذا يمنحهم السيطرة على الألم العاطفي، وعلى الرغم من أن سلوك إيذاء النفس قد يجلب راحة مؤقتة، ولكن هذه السلوكيات تصبح إدمانية وتؤدي إلى مزيد من ضعف السيطرة على المشاعر وزيادة الألم.

5- تعاطي المخدرات والمسكرات
تناول الكحول وتعاطي المخدرات من الأساليب التي يتبعها الكثيرون للشعور بالتحسن أو تقليل مشاعر الألم، ولكن تعاطي الكحول والمخدرات يمكن أن يؤدي إلى تلف في الدماغ، مما يجعل الشخص بحاجة إلى كميات أكبر للحصول على نفس التأثير، مما يزيد من المشاعر الصعبة، ويؤدي إلى الأفكار الانتحارية أو الإدمان، إلى جانب العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية.
 

كيف تقوي مهارات إدارة العواطف؟
من المفيد في تطوير مهارات إدارة العواطف، وإليكم طريقة SDP ( توقف- اهدأ- عالج) الفعالة في إدارة العواطف والمشاعر[3].
1- التوقف:
هو الخطوة الأصعب، ويحتاج إلى إرادة قوية للغاية، فالمشاعر القوية لها قدرة كبيرة على السيطرة وقوة دافعة قد تجعل الإنسان يرتكب ما يندم عليه لاحقًا، وسواء كانت المشاعر غاضبة أو مفرحة أو صادمة، وسواء كانت عواطف مرتبطة بمثير خارجي، أو مشاعر منشؤها نشاط ذهني خاص، فإن التوقف والتفكير أمر ضروري لإدارة المشاعر.
قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: " ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"،وجاء في سفر الأمثال :"بصيرة الانسان تبطئ غضبه" الأمثال ١٩‏‏:‏١١، لأن التحكم في الغضب يحتاج إلى قوة شخصية وتحكم ذاتي.
وجاء في سفر الأمثال :"بصيرة الانسان تبطئ غضبه" الأمثال ١٩‏‏:‏١١

وتذكر:
قبل أن ترد على انتقاد تشعر أنه ظالم.. توقف.
قبل أن تتخذ قرارات ناتجة عن الشعور الجارف بالعشق أو الفرح أو الغضب.. توقف.
قبل أن تُفرغ غضبك من موقف مسيء.. توقف.
ومما يُساعدك على التوقف ترديد أذكار دينية، أو تذكير نفسك بجملة معينة تساعدك على الاسترخاء والتفكير، أو العد بالمقلوب.

2- الهدوء: بعد أن قمت بالخطوة الأصعب وهي التوقف، من المهم أن تدع مشاعرك تهدأ قليلا، لأن بقائها قوية ومشتعلة لن يساعدك على التفكير بوضوح وعقلانية.
هناك العديد من المقترحات التي تساعد على الهدوء، منها:
- الخروج من المنزل والتواجد في الهواء الطلق.
- قضاء بعض الوقت مع حيوان أليف.
- الانخراط في عمل يحتاج إلى تتابع وتركيز مثل الحياكة أو المشي، حيث تساعد هذه الأعمال على بقاء ذهنك حاضرًا.
- التفكير في شيء يثير شعوراً إيجابياً، قد تكون ذكرى وجودك على شاطئك المفضل، أو وجبة طعام شهية تثير الحنين إلى الأحبة، أو إنجاز ما حققته.
- التنفس بعمق لمدة 5 دقائق.

3- المعالجة: الآن أنت في وضع أفضل للتفكير في الأمر كله، والتوصل إلى رد فعل مناسب.
- حدد مشاعرك، فتحديد المشاعر بدقة من أهم خطوات إدارة المشاعر بفعالية.
- صف مشاعرك بكلمات، وجد الباحثون أن التعبير عن المشاعر في هيئة كلمات يساعد على ضبطها وتنظيمها.
- فكر في مصدر مشاعرك، وسببها، فكثيرًا ما تحجب المشاعر السطحية والأسباب المباشرة، مشاعرنا الأعمق، والمسببات الحقيقية لها، لذا أعطِ نفسك فرصة التفكير المتأني في حقيقة مشاعرك.
- فكر في أهدافك النهائية، وقيمك الشخصية، وهل تناسب عواطفك الحالية أهدافك وقيمك؟
 

أمور تساعد على إدارة العواطف وتحسين المزاج وتخفيف المشاعر السلبية[4]:

أولأ: أفكار لتحسين المزاج
- اقرأ قصة شخص تحبه.
- شاهد فيديو مضحك على يوتيوب.
- العب مع حيوان أليف.
- شاهد فيلمًا أحببته في صغرك.
- أعد تنظيم غرفتك وغيّر في ترتيبها.
- اكتب قائمة بالأماكن التي تريد السفر إليها.

ثانيًا: أفكار لتلبية الاحتياجات الأساسية
- تناول وجبة خفيفة صحية.
- اشرب كوبًا من الماء.
- خذ حمامًا  سريعًا منعشًا، أو  حمامًا ًطويلًا يساعد على الاسترخاء.
- خذ قيلولة، النوم يمكن أن يكون مفيدًا جدًا لتهدئة العقل، وتغيير المشاعر.

ثالثًا: معالجة المشاعر
- ارسم مشاعرك.
- اكتب قائمة بالأشياء التي تمتن لأجلها.
- اكتب ما يأتي إلى ذهنك.
- اقفز أو اجري.
- اضرب الوسادات أو البالونات.
- اسمح لنفسك بالبكاء.
- التنفيس والفضفضة، ويختلف عن طلب المساعدة، إنه مشاركة لمشاعرك بصوت عالٍ، قد يفيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التنفيس عن مشاعر الغضب أو الحزن، وأظهرت بعض الدراسات فائدتها في هذا الأمر، ولكن مع الحذر من إفشاء الأسرار والتسرع في قول أشياء قد تسبب الندم لاحقًا.

رابعًا: حل المشكلات
- قم بعمل قائمة من الحلول للمشكلات - يمكن أن تتبادل الأفكار مع صديق أو أحد أفراد الأسرة.
- أعد قائمة بنقاط قوتك، فكر في الأشياء الرائعة فيك، بغض النظر عن شعورك الحالي.
- تحدث وواجه إذا شعرت بأن هذا سيؤدي إلى الحل.

خامسًا: العمل التطوعي 
- افعل شيئًا لطيفًا لشخص تعرفه.
- ساعد شخصًا غريبًا.
- زر المرضى أو المسنين أو الأيتام.

سادسًا: الهوايات / مسكنات الإجهاد
- تعلم شيئًا جديدًا، يمكنك أن تعثر على طرق لتعلم جميع الهوايات على الإنترنت.
- قم بعمل يدوي مثل الطلاء أو البناء أو الحياكة.
- اكتب يمكنك كتابة قصة أو قصيدة أو خاطرة.
- حرك جسمك وقم ببعض النشاط، مثل الرقص أو ممارسة الرياضة.
- العب لعبة إلكترونية.
- ازرع بعض النباتات وارعها.

سابعًا: النشاط الروحي والاسترخاء
- الصلاة والدعاء والذكر والشعور بالثقة في الله وتفويض الأمر إليه.
- القيام بتمارين التأمل والتخيل الإيجابي.
- التدرب على التنفس الصحيح.
- اقرأ كتابًا لطيفًا.
- استمع إلى موسيقى محببة أو إلى بودكاست.

ثامنًا: طلب المساعدة
- راسل صديق.
- اطلب من شخص أن يجلس معك فقط.
- اتصل بأحد أفراد الأسرة.
- تحدث إلى شخص بالغ تثق به.
- اتصل بصديق لم تتحدث معه مؤخرًا.

وختامًا فإن تعلم مهارات إدارة العاطفة، وضبط المشاعر من الأمور الهامة في الحياة، وهي تحتاج إلى تدريب ووعي حتى تصبح مع الوقت أسهل، فلا يقع الشخص فريسة لسطوة انفعالاته أويقوم بردود أفعال لا يريدها.
 

[1] مقال دانيال جولمان "لماذا ضبط النفس العاطفي مهم؟" منشور في mindful.org، تمت مراجعته في 30/10/2019.
[2] كتاب دانيال جولمان "العقل و الذكاء العاطفي: رؤى جديدة"، رابط الكتاب في موقع أمازون، تمت المراجعة في 30/10/2019
[3] مقال "إدارة عواطفك" منشور في wire.wisc.edu، تمت مراجعته في 30/10/2019. 
[4] مقال "طرق مفيدة وأخرى ضارة لإدارة العواطف" منشور في mhanational.org، تمت مراجعته في 30/10/2019.