العلاقات الاجتماعية في شهر رمضان وواجبات الصائم

أهمية العلاقات الاجتماعية والأسرية في شهر رمضان الكريم، وفضل شهر رمضان الكريم في تمتين الروابط الأسرية والتسامح مع الأقارب والجيران، وأبرز المشاكل الاجتماعية التي تصاحب الشهر الفضيل
العلاقات الاجتماعية في شهر رمضان وواجبات الصائم
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

إضافة إلى العبادة والصيام والتقرَّب من الله تعالى في شهر رمضان الكريم فإن هذا الشهر الفضيل يعتبر فرصة ذهبية لاجتماع العائلة وتقوية الروابط الأسرية والاجتماعية، فرصة قد لا تتاح في باقي شهور السنة، كما أن شهر رمضان المبارك بالنسبة للكثيرين فرصة جيدة لإنهاء خلافات قديمة وإعادة الأمور إلى نصابها مع الأصحاب الأصدقاء والعائلة والجيران، لكن طبيعة الواجبات الاجتماعية في شهر رمضان الكريم قد تكون أيضاً سبباً لبعض الخلافات والمشاكل.

يعتبر رمضان المبارك الشهر الأكثر أهمية بالنسبة للمسلمين على امتداد الكرة الأرضية، وذلك لأنه شهر العبادة والتقرب من الله عزَّ وجل، وشهر التراحم والتواد والإحسان، وفرصة العاصي للتوبة والمؤمن للمواظبة، كما أن شهر رمضان الفضيل يمثُّل فرصة مهمة لتطوير العلاقات الاجتماعية وتمتينها.
ويمكن النظر إلى فضل الشهر الكريم من الجانب الاجتماعي على محورين؛ الأول يتعلق بالعلاقات الاجتماعية الشخصية كالعلاقات بين الأقارب والجيران والأصدقاء، والثاني هو ما يتعلق بالواجبات الاجتماعية العامة أي واجب الصائم تجاه مجتمعه الإسلامي والمحلي، سنحاول أن نبحث في كل محور بشكل مفصَّل.

animate

يظهر دور شهر رمضان الكريم في تمتين العلاقات الاجتماعية وتقوية الروابط العائلية من خلال دعوات الإفطار والدعوة إلى التنزّه بعد الإفطار والمشاركة بنشاطات شهر رمضان الكريم الدينية كالصلاة والقيام والابتهال، وتنظيم نشاطات ترفيهية عائلية في الفترة بين الإفطار والسحور.
كما يعتبر شهر الصيام فرصة ذهبية للتسامح مع الآخرين وطي صفحة الخلافات القديمة، فغالباً ما يكون الأهل والأقارب والمعارف أكثر تقبلاً للتسامح في شهر رمضان الكريم، ويجدون التهنئة بالشهر الفضيل ودعوة الإفطار فرصة جيدة لنسيان الخلافات.
من جهة أخرى فإن معظمنا يرغب أن يكون شهر رمضان عنواناً للسلام والتسامح والمودة، لذلك نلجأ إلى تجاوز خلافاتنا الدنيوية الصغيرة ونترفَّع عنها ونحاول أن نتبادل الألفة والمودة في شهر الخير.

  1. ابدأ شهر رمضان بالاعتذار والمصالحة: إن كنت على خلاف مع والديك أو أقاربك أو جيرانك؛ فإن شهر رمضان الكريم هو الفرصة الأفضل لإنهاء هذا الخلاف، وكل يوم من أيام الشهر الفضيل وأيام عيد الفطر المبارك هو فرصة جديدة لإنهاء الخلاف.
  2. هنئ باتصال أو زيارة: لا تكتفِ بالتهنئة بحلول الشهر الكريم عبر برامج وتطبيقات التواصل الاجتماعي، بادر إلى الاتصال والزيارة خاصة مع الأشخاص الأكثر قرباً.
  3. تلبية الدعوات على الإفطار: من أهم الأمور التي يجب أن تلتزم بها في الشهر الفضيل قبول الدعوات على الإفطار والسحور والسهرات الرمضانية، فمن يقوم بدعوتك على الإفطار مهتم بكل تأكيد بتعميق علاقته معك والحفاظ عليها.
  4. ادعو الأحباء للفطار أو السهرة: أيضاً يجب أن تبادر بدعوة الآخرين للإفطار، وإن كنت تعتقد أنك لا تمتلك القدرة المادية على إقامة الولائم يجب أن تعيد التفكير بقيمة الدعوة على الإفطار، فليس الإسراف بالأطعمة هو الهدف وإنما الاجتماع على المائدة الرمضانية مهما كان الطعام.
  5. لا تنتقد سفرة رمضانية: فعندما تتم دعوتك لا تتحدث عن سفرة فقيرة أو أطعمة غير لذيذة، اشكر كل من دعاك وحاول أن ترد الدعوة ولا تتحدث للآخرين عما لا يعجبك في الدعوة.
  6. اسكب لجارك من طعامك: من العادات المنتشرة عند معظم المسلمين "الطبق المتنقل" أو "السكبة"، حيث تقوم ربات البيوت بسكب طبق من الطعام وترسله إلى الجيران، وتعود هذه العادة في جذورها إلى خوف الجار على مشاعر جاره الذي قد يشتهي الطعام من رائحته النفاذة خاصة وهو صائم، فيتبادل الجيران الأطباق فيما بينهم، وبذلك يتناولون جميعاً الأطباق نفسها على الإفطار كلٌّ منهم في بيته.
  7. تنظيم الأنشطة الرمضانية: نظِّم نشاطاتك الاجتماعية في شهر رمضان بشكل جيد، عادة ما تقوم المنتزهات والمطاعم والفعاليات المحلية بتنظيم نشاطات ترفيهية متعددة في شهر رمضان الكريم خاصة في فصل الصيف، يجب أن تحرص على تنظيم نشاطات ترفيهية في الشهر الفضيل مع العائلة والجيران، فهذا النوع من النشاطات يترك أثره طويلاً.
  8. تنظيم النشاطات الدينية المشتركة: المشاركة في الأنشطة الدينية والعبادات بين الأهل والأقارب في شهر رمضان المبارك من أهم الأمور التي تساعد في تقوية الروابط الاجتماعية، فتنظيم ختمة القرآن الكريم وصلوات الفجر وقيام الليل والتراويح، وغيرها من جلسات وحلقات الذكر التي يتميز بها رمضان المبارك تعطي للعلاقات طابعاً أعمق إضافة إلى الأجر والثواب.

 

  • تذكَّر قول الرسول ﷺ في حديث "سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلَّا ظله" منهم رجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه". فالمجاهرة بالصدقة والمفاخرة بمساعدة الآخرين تفقد المساعدة قيمتها، وواجب الصائم أنه إذا ساعد غيره كتم، وإذا أعطى؛ أعطى بكرم.
  • تأكد أنَّك تقدم ما بوسعك لمساعدة الأقارب والجيران على صيام وإفطار الشهر الفضيل، فمن فطَّر صائماً كان له مثل أجره.
  • عندما تقوم بالتبرع للجمعيات الخيرية والأهلية تأكد أنَّك تضع نقودك في المكان المناسب، فواجبك التحري وواجبهم إيصال الحق إلى أصحابه.
  • شارك جيرانك المقتدرين وأهلك في التخطيط لتقديم المساعدة للآخرين أو تنظيم موائد الرحمن للصائمين من عابري السبيل والفقراء.
  • عندما تقوم بمشاركة صور السفرة الرمضانية العامرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تذكَّر أن هناك من يرى هذه الصور وهو بالكاد يتمكن من تأمين لقمة إفطاره، فإن لم تكن قادراً أو راغباً بمد يد العون على الأقل يجب أن تفكر بمشاعر الآخرين.

التكافل الاجتماعي من المبادئ الأساسية في الإسلام، ومساعدة الآخرين من واجبات المسلم التي لا ترتبط بشهر رمضان الكريم فقط، هذا لا ينفي أن شهر رمضان المبارك يعزّز لدينا الرغبة بالمساعدة ومد يد العون للآخرين، لذلك نجد العديد من الجمعيات الخيرية والأهلية تنشط في شهر رمضان المبارك بشكل استثنائي.
وحتى يقوم الصائم بدوره الاجتماعي على أكمل وجه لا بد أن يفكر بمن هم أضعف وأقل قدرة منه، لا بد أن يستبدل الإسراف بالطعام وبرهجة السفرة الرمضانية بتوزيع الطعام على الفقراء والمساكين، وحتى نقوم بأداء واجبنا تجاه أفراد مجتمعنا في شهر رمضان يجب التحلي بالخصال التي ذكرناها.

نعتقد أن معظم الخلافات والمشاكل الشائعة في شهر رمضان الكريم تنتج عن توتر الصائم والتغيرات التي تطرأ على روتين حياته اليومية من تغيرات في العادات الغذائية وعادات النوم وغيرها، كما أن التقارب الاجتماعي الذي يعتبر ميزة من ميزات الشهر الفضيل قد يكون سبباً من أسباب الخلافات أيضاً نتيجة العتب بين الأحبة والخلاف على ترتيب الأولويات.

ولتجنب الخلافات العائلية والمشاكل الاجتماعية في الشهر المبارك:

  • كافح العصبية والتوتر في الشهر الكريم، من خلال تنظيم النوم والطعام، والتعامل مع الصيام بالطريقة الصحيحة والالتزام بأخلاق الصائم.
  • لا تعطِ الأمور أكثر مما تستحق، فليس أمر بالغ الأهمية إن قمت بدعوة أهلك إلى الإفطار أولاً أم أهل زوجتك، وليس أمراً يستحق الشجار أن تكون مائدة الإفطار متواضعة أو أن تنسى زوجتك الصائمة إعداد طبقٍ ما!.
  • حاولي تفهُّم عصبية زوجكِ في شهر رمضان، وحاولي أن تتعاملي معه بطريقة حكيمة، وهذا ينطبق أيضاً على الزوج الذي يجب أن يقدر مجهود زوجته في الشهر الفضيل.
  •  لا تترك مجالاً للغيبة والنميمة أن تفسد عليكَ الشهر الكريم، خاصة الغيبة المتعلقة بدعوات الفطور وما تم تقديمه خلالها.
  • تذكَّر دائماً أن رمضان الكريم شهر التسامح والمودة، لذلك حاول ألَّا تترك الخلافات الصغيرة دون حل، وبادر دائماً إلى حل الخلافات بسرعة وبطريقة حكيمة.
  • لا تستخف بأهمية تنظيم يومك في رمضان وفق متطلبات الصيام، فالنوم المتقطع وفي أوقات غير مناسبة وتناول الطعام الدسم على الإفطار وغيرها من العادات غير الجيدة في رمضان تؤثر بشكل كبير على المزاج، لذلك حافظ على توازن الغذاء وتأكَّد أنك تحصل على القسط الأكبر من النوم ليلاً وأنك تعوض ساعات السهر في جو هادئ ومريح.

أخيراً.... الإنسان بطبيعته يهتم بالأحداث التي تتزامن مع المناسبات المهمة، فما يحصل خلال شهر رمضان أو في الأعياد يعلق في الذاكرة أكثر مما يحصل في الأيام العادية، لذلك حاول أن تجعل شهر رمضان الكريم فرصة لتعزيز وتمتين العلاقات العائلية والاجتماعية، وكن مساهماً في صناعة الذكريات الجميلة مع العائلة والأقارب والجيران، وشاركنا بخطتك الرمضانية لهذا العام.