أسباب عقدة النقص وعلاج الشعور بالنقص والدونية

ما هي أسباب عقدة النقص وأنماطها؟ كيف تظهر علامات عقدة النقص وهل يمكن علاج الشعور بالنقص والدونية؟
أسباب عقدة النقص وعلاج الشعور بالنقص والدونية

أسباب عقدة النقص وعلاج الشعور بالنقص والدونية

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يعاني الكثير من شعور بالنقص والدونية سواء كان مستمراً وسمة للشخصية أم مؤقتاً ومرتبطاً بأحداث أو أشخاص معينين، ومعرفة المشكلة هي نصف العلاج، وهذا ما سنركز فيه في مقالنا اليوم حول طرق علاج عقدة النقص ونصائح هامة للتعامل مع حالة الشعور بالنقص والدونية

يعبّر مفهوم عقدة النقص عن وجود مجموعة من المشاعر والأفكار التي تجعل الشخص يظنّ بأن الآخرين أفضل منه، كأن ينظر لهم بأنهم أكثر إنجازاً وأكثر جاذبية وأكثر سعادةً منه أو أكثر قدرة على جذب الانتباه والحصول على احترام الآخرين، وعادةً ما تتجلى عقدة النقص بالتبيعة والعاطفية والشخصية الاعتمادية والانعزالية في نفس الوقت.
ويجد الشخص الذي يعاني عقدة النقص نفسه دائماً يكافح لأجل أن يحسّن من شعوره تجاه نفسه وتجاه حياته، كما أنه لا يقدّر نقاط قوته والإيجابيات التي يتمتع بها وعادةً ما تتجلى مظاهر عقدة النقص إمّا بالعدوانية المفرطة والمنافسة الشديدة أو بالانعزالية والانطواء الاجتماعي.
نواجه جميعنا في كثير من المواقف لحظات من التردد وقلة الثقة بالنفس والشعور بعدة الكفاية، خاصةً عندما نشعر بأننا غير مؤهلين لأمر ما في حياتنا الخاصة أو المهنية، كأن نقارن أنفسنا بالآخرين أو نحمّل أنفسنا فوق طاقتها؛ إلا أنها في الغالب مشاعر مؤقتة لا تلبث أن تزول عندما نتذكر الأشياء الجميلة في حياتنا ونذكّر أنفسنا بنقاط القوة الكامنة لدينا.
لكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من عقدة النقص، فإنّ هذه اللحظات تكون مستمرة، إذ يشعر الشخص بتدني الذات بشكل مستمر، ويبدو له وكأنه أقل من غيره، وينتقد نفسه باستمرار، وهو أمر يمكن له أن يحدّ من سعادة الشخص واستمتاعه بحياته.

animate

هناك نوعان رئيسيان لحالة الشعور بالنقص والدونية وهما: [2]

  1. عقدة النقص من النمط الأولي: يبدأ هذا النوع في الطفولة كنتيجة للشعور بالعجز والممقارنة بشكل سلبي من قبل الأهل مع الأطفال الآخرين، وتعرض الطفل للتنمر في المنزل أو المدرسة بسبب شكله أو شكله أو لون شعره.. الخ.
  2. عقدة النقص من النمط الثانوي: يحدث هذا النمط في مرحلة البلوغ، وهو امتداد لمشاعر آتية من مرحلة الطفولة، يتجلى هذا النوع في وجود تدني لاحترام الذات، ويزداد سوءاً عندما لا يتمكن الأشخاص من الوصول إلى تحقيق أهدافهم في الحياة بعد، ولا يمكنهم تحقيق ما يخططون له، بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم أو لقلة الموارد أو التسويف الذي يعطل الشخص عن فعل الشيء الذي يحب أن يفعله.

تشمل علامات عقدة النقص وجود مجموعة من الأفكار والمشاعر والسلوكيات السلبية التي تبدو متناقضة، حيث نجد أهم العلامات التي تدل على وجود عقدة نقص:

  • تدني احترام الذات والثقة بالنفس: تدني احترام الذات واحدة من أكبر الأزمات التي يمر بها من يشعر بالنقص والدونية، ولا يمكن القول أن تدني احترام الذات سبب لعقدة النقص أو نتيجة لها، وإنما هو شكل من أشكلها ومظهر من مظاهرها، ملازم لها في جميع الحالات.
  • التركيز المستمر على الأفكار السلبية: يتميز الفرد الذي يشعر بدونية بنمط تفكير سلبي يجعله يركز دائماً على الجوانب السلبية من كل ما يمر في حياته، هذا يدخله في حالة من الكآبة المستمرة والشعور بالعجز، ما يدفعه لاستجرار المزيد من الأفكار السلبية.
  • الانسحاب والتجنب: الشعور بالنقص والدونية يتزايد بشكل كبير في الأوساط الاجتماعية والاختلاط، هذا ما يدفع الشخص الذي يشعر بالدونية إلى الانسحاب من التعامل مع زملاء العمل أو أفراد الأسرة أو الأصدقاء، والانسحاب أيضاً من التجارب الجديدة والأماكن التي قد تحفز شعوره بالدونية.
  • إحباط الآخرين والإساءة لهم: لن يستطيع الشخص الذي يشعر بالنقص والدونية التعامل مع محيطه بشكل طبيعي، وقد تكون ردة فعله سلبية ومسيئة على بعد التصرفات العادية التي يقوم بها الآخرون، وذلك لأن تفسيره لهذه التصرفات يرتبط بشعوره العميق بالنقص.
  • الابتزاز العاطفي: إذا اتفقنا أن عقدة النقص والشعور بالدونية تنتج عن وتسبب شعوراً بعدم الكفاءة؛ غالباً ما يلجأ الشخص الذي يعاني من عقدة النقص لأشكال الابتزاز العاطفي لأنه لا يعتقد أنه سيحصل على الاهتمام دون سبب، فيقوم بالبحث عن الاهتمام عن طريق التظاهر بالمرض أو الاكتئاب أو عن طريق التحدث إليهم بشكل مستمر وفرض نفسه عليهم.
  • تجنب المنافسة: يحكم الشخص الذي يعاني من النقص على نفسه مسبقاً أنه غير كفؤ للمنافسة، لذلك يتجنب أي نوع من المنافسة خوفاً من مقارنة جهوده مع الآخرين أو مقارنة أدائه بأداء منافسيه.
  • عدم تقبل الانتقاد: غالباً ما يكون الفرد الذي يعاني من مشاعر الدونية غير قادر على تقبل كل ما يوجه له من مجاملات وانتقادات، وذلك لأن تفسيره للانتقاد أو المجاملة أو حتى المديح هو تفسير سلبي منطلق من شعوره بالنقص.
  • الخوف من المبادرة: يواجه الشخص في هذه الحالة أزمة حقيقة في المضي قدماً أو المبادرة لأي أمر، سواء على مستوى العلاقات الشخصية مثل الاعتراف بالحب أو مواجهة شخص متنمر أو طلب رقم شخص مهم، أو حتى على صعيد التفكير الذاتي مثل تجنب التفكير بحلول لبعض مشاكله.
  • الشعور بالذنب: من كوارث عقدة النقص والدونية الشعور المستمر بالذنب وربما العار، وغالباً ما يلقي الأشخاص الذين يعانون من النقص والدونية اللوم على أنفسهم عندما يتعرضون للإساءة، حتى الإساءات الكبيرة التي قد تدمر حياتهم.
  • التردد باتخاذ القرارات: بسبب الشعور بالعجز واحتقار الذات لن يستطيع من يشعر بالدونية اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة، وغالباً ما يطلب المساعدة من أشخاص كثر وبشكل عشوائي، وقد يفوت الأوان قبل اتخاذ القرار اللازم.
  • المعاناة من القلق والاكتئاب: بطبيعة الحال التفكير السلبي المستمر والشعور بعدم الكفاءة والانهزام والانكسار في الحياة اليومية، إلى جانب العزلة والتفسير السلبي للأحداث، كل ذلك يقود من يعاني من عقدة النقص إلى القلق والاكتئاب.

الأسباب التي تكمن خلف وجود عقدة النقص لدى الشخص كثيرة، ويمكن أن نلخصّها كالتالي: [2،3،5]

  • نشوء الطفل في بيئة اجتماعية قاسية: تعتبر البئية التي يعيش فيها الفرد أول الأسباب لتطوير عقدة النقص لديه، مثل تعرضه للإهمال العاطفي بمختلف أشكاله، أو تعرضه للإساءة من محيطه الاجتماعي، أو حتى أن يعيش في ظروف قاسية مثل الفقر الذي يؤدي للمعاناة من التمييز الاجتماعي والطبقي.
  • الرفض ةالتقييم السلبي: من العوامل التي تؤدي إلى تطوير مشاعر النقص والدونية تعرض الطفل للتقييمات السلبية خاصة التي يتعرض لها قبل عمر السادسة.
  • وجود اضطرابات ومشاكل جسدية: والتي تؤثر على نظرة الفرد لنفسه ضمن محيطه الاجتماعي كما تجعله عرضة للانتقادات السلبية والتنمر، سواء كانت المشاكل تتعلق بصحته العامة أو الوزن أو الطول، أو وجود عيوب جسدية مثل ملامح الوجه غير الجميلة أو عيوب الكلام مثل التعلثم.
  • الاستعداد الوراثي: وجود أفراد في العائلة يعانون من نفس الحالة ومن عقدة نقص قد يكون عاملاً مؤثراً بوجود عقدة النقص لدى الأبناء، لا يمكن البت إن كان لذلك أساس جيني أم مجرد عدوى بيئية.
  • المقارنة المستمرة: إجراء مقارنات غير منطقية مستمرة مع أشخاص هم أكثر تفوقاً، سواء بأن يقارن الشخص نفسه مع هؤلاء أو يقوم الأهل والأصدقاء بمقارنته مع المتفوقين في مجاله الدراسي أو المهني.
  • التنمر: التعرض لتعليقات سلبية كثيرة من الأهل والأشخاص المحيطين في فترة الطفولة، والتنمر الذي يختبره الطفل في المدرسة وفي الشارع دون أن يتم الوقوف عنده ومعالجة آثاره.
  • التعرض لصدمات عاطفية: مثل الطلاق أو صعوبة إيجاد شريك الحياة أو عدم القدرة على بناء علاقات اجتماعية أو عاطفية سويّة.

ينطوي علاج الشعور بالنقص والدونية أولاً على الفهم الكامل للعوامل المساهمة في الحالة، مثل وجود مشاكل من الطفولة أو الإصابة باضطراب الصحة العقلية مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق، والأهم اعتراف الشخص بأنه يعاني من الشعور بالنقص.
وذلك بهدف اختيار طريقة العلاج الملائمة للتعامل هذه الحالة، حيث توجد مجموعة من العلاجات السلوكية والدوائية التي تستهدف علاج عقدة النقص وهي: [1]

  • العلاج السلوكي المعرفي: وهو أحد أشهر أنماط العلاجات السلوكية التي تركز على تغيير أنماط التفكير والمشاعر السلبية بشكل تدريجي، وقد أثبت هذا النوع من العلاج قدرته على معالجة المشاعر الداخلية المرتبطة باحترام الذات.
  • العلاج الدوائي: يمكن أن تساعد الأدوية في علاج حالات عقدة النقص التي يرافقها أعراض القلق أو الاكتئاب، ولكنها لا تعمل على علاج عقدة النقص بشكل مباشر، بل تساهم في تخفيف الأعراض النفسية المرافقة لشعور الدونية، وكأمثلة على الأدوية المستخدمة: مضادات الاكتئاب أو الأدوية المهدئة للقلق والأدوية المساعدة على النوم.
  • كتابة اليوميات أو التدوين اليومي: أي التعبير عن الأفكار والمشاعر بطريقة الكتابة اليومية. لا تعتبر هذه الطريقة طريقة أساسية لإدارة حالة عقدة النقص، ولكن يمكن أن تساهم كأداة لجعل العلاجات الأخرى (الدوائية أو السلوكية) أكثر فعاليّة، كما أنها أكثر الطرق أماناً لتكتب ما لا يمكن للآخرين الاطلاع عليه فهذه الخصوصية تتعلق بطريقة رؤيتك للأمور السلبية في حياتك وكيف يمكنك أن تجد الحلول المناسبة لها عندما تسميها باسمها وتدونها في دفتر يومياتك الخاص.
  • الابتعاد عن الأشخاص السلبيين: غالباً ما يتغذى شعور النقص والدونية على استمرار وجود الأشخاص السلبيين في حياتك، حاول الابتعاد عن هؤلاء الأشخاص، وابدأ ببناء علاقات صحية قائمة على النديّة.
  • إجبار الذات على خوض مغامرات جديدة: وهذه واحدة من أهم الممارسات العلاجية لعلاج النقص والدونية، فغالباً ما يكون الخوف من أي تجربة جديدة سبباً في جعل الفجوة داخلك أعمق وأكثر ظلمة، وهناك الكثير من التجارب التي ستكتشف كم كانت سهلة وبسيطة عندما تخوضها.
  • كن متميّزاً: الشعور بالدونية لا يرتبط عادةً بتحصيلك العلمي أو مستواك المالي الحالي أو حتى مستوى ذكائك ونوعية خبراتك، لكن مع ذلك كلّما كانت عملية تطوير الذات مستمرة ومستديمة كلّما تمكنت من تقليل أعراض الشعور بالنقص، وكلّما استطعت الوصول إلى مراتب مميزة فيما تفعله كلّما كنت قادراً على إثبات قدراتك أمام نفسك بالدرجة الأولى.

بالإضافة إلى العلاج السلوكي أو الدوائي، يمكن أن تساعدك النصائح التالية في التخفيف بشكل كبير من المشاعر والأفكار المرتبطة بحالة عقدة النقص، وهي تشمل: [4]

  • ساعد نفسك بممارسة الحديث الذاتي الإيجابي بشكل يومي.
  • لا تقارن نفسك بالآخرين.
  • عرّف أهم القيم في حياتك ولماذا تختار هذه القيم وكيف تعبّر عنها من خلال أفعالك.
  • حافظ على التواصل مع الأشخاص الإيجابيين الذين يمكنهم مساعدتك في تطوير عقلية مرنة.
  • كن متعاطفاً ورحيماً بنفسك، وتقبّل سلبياتها كما تتقبل إيجابياتها بكلمات أخرى؛ كن لطيفاً مع نفسك ومتعاطفاً مع ذاتك.
  • واجه أعمق مخاوفك واجهها وتخلص منها بدلاً من الاختباء خلف الصورة التي يريد الآخرون أن يروها فيك.
  • سيساعدك تنظيم أوقات تناولك للطعام وتنظيم نومك وممارستك للرياضة في تنظيم يومك، وتحسين جودة مشاعرك وأفكارك على حد سواء.

الخلاصة.. قد يبدو من الصعب جداً في البداية أن نصحح نظرة شخص يشعر بالدونية وانعدام احترام الذات لفترة طويلة من الزمن؛ كما هو الحال في حالة عقدة النقص، ولكن يجب الإدراك أن للعلاج النفسي دور كبير في كشف الأسباب الحقيقية الكامنة خلف وجود حالة عقدة النقص، ليتم علاجها وفقاً للعلاجات النفسية والسلوكية المناسبة.
كما أنّ للعلاج الدوائي دور مهم في تخفيف أعراض نفسية مرافقة مثل القلق والاكتئاب وصعوبات النوم. بالإضافة إلى وجود رغبة حقيقية من الشخص نفسه في علاج ذاته، وذلك ما يتطلب منه مراعاته لنفسه وعطفه عليها وتقديم الدعم الكامل لها خلال فترة العلاج، وكل ذلك يملك دوراً كبيراً في تسريع مراحل العلاج وتحسين الصورة الذاتية للشخص​​​​​​.

المراجع